هل انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي خطأ كبيرا؟

إن اهتمام أوكرانيا وربما رغبتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي يعود إلى عقود مضت، أي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق.

ديسامبر 30, 2023 - 07:15
هل انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي خطأ كبيرا؟
هل انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي خطأ كبيرا؟

إن اهتمام أوكرانيا وربما رغبتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي يعود إلى عقود مضت، أي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق.

ومنذ تلك الأيام، كان اهتمام أوكرانيا منصباً على الانضمام إلى هذا الحلف، وكانت تحاول دائماً تلبية مطالب حلف شمال الأطلسي. ولكن يبدو أن هذا الآمر ذو اتجاه واحد و دول الناتو وخاصة الولايات المتحدة ليست مهتمة كثيراً بانضمام اوكرانيا لحلف شمال الأطلسي. ويعود هذا التماطل وعدم الرغبة بحدوث أي توترات محتملة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي الذي يدور في فلك الولايات المتحدة الأمريكية، ودائما يسعي لتجنب المواجهة المباشرة مع روسيا.

أمريكا على حقيقتها؟

يعتقد السيد ميرشايمر، أحد منظري الواقعية البارزين، أن القوى العظمى، عندما تشعر بعدم الأمان والضعف، ستحاول القضاء على انعدام الأمان هذا بأساليب لا يمكن التنبؤ بها[1]. وهو يضع تصرفات روسيا في الحرب مع أوكرانيا في هذا السياق، ويعتقد أنه لو أعلن الناتو بشكل نهائي عدم عضوية أوكرانيا، لما حدثت هذه الحرب. ولكن يبدو أنه إلى جانب وجهة النظر هذه، ينبغي أيضًا الإشارة إلى مسألة التهديد الروسي للولايات المتحدة. ومع إدراكها أن ذلك قد يؤدي إلى إضعاف روسيا في معركة غير مباشرة، سارعت أميركا إلى تسريع شروط توسع منظمة حلف شمال الأطلسي نحو الشرق، وبالتالي إغلاق الحيز الحيوي لروسيا وإرغام روسيا على الرد.

وإلى جانب هذا النهج، بذلت أمريكا الكثير من الجهود لتقليل قوة روسيا وإشغال هذا البلد في حرب بالوكالة. وقدمت الولايات المتحدة دعما لوجستيا واسع النطاق لأوكرانيا، مما أدى إلى بيع الأسلحة العسكرية والازدهار الاقتصادي للولايات المتحد[2]. لقد لعبت أمريكا بشكل جيد مع روسيا في المنطقة الرمادية، وتمكنت من تحقيق بعض أهدافها المرجوة. وربما كانت القضية التي لم يتوقعها الأميركيون هي تآكل الحرب وعدم نجاح أوكرانيا المثير للإعجاب في ساحة المعركة. كما أن إفراغ الدول الأوروبية من مستودعات الأسلحة يجعلها أكثر اعتماداً على أمريكا[3]. والآن يتعين عليهم أن يعولوا بشكل أكبر على أميركا، وهو ما يعني تفوق أميركا في المحادثات عبر الأطلسي.

حلم أوكرانيا المستحيل

الآن يبدو أن أوكرانيا أدركت أيضاً أن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي هو حلم ضائع، وأصبح هذا الهدف حلماً مستحيلاً بالنسبة لهذا البلد. لم تعد اجتماعات ومحادثات السيد زيلينسكي مع القادة الغربيين مرضية كما كانت في الماضي، وقال عن رسفرته الأخيرة إلى الولايات المتحدة إنه وجد النتائج مخيبة للآمال. إن أوكرانيا مهمة للغاية باعتبارها مساحة حيوية للجغرافيا السياسية الروسية، وكانت روسيا جادة دائمًا في هذا الشأن. ولذلك يبدو أن أوكرانيا يجب أن تحدد لنفسها طريقاً جديداً وتصبح دولة ومنطقة محايدة من خلال الحصول على الضمانات الأمنية اللازمة وهذا شيء مشابه لوضع فنلندا في العقود الماضية.

ويبدو أن الدول الغربية والولايات المتحدة تتطلع أيضاً إلى إنهاء هذه الحرب بما يحقق أكبر قدر من الفوائد للطرفين، وهو الأمر الذي يرى خبراء غربيون أنه في حال أدى إلى ضم جزء من أراضي أوكرانيا إلى روسيا في أي حال من الأحوال فإنه نصر عظيم لروسيا وهزيمة كارثية لحلف شمال الأطلسي وحلفائه. بالإضافة إلى ذلك، تعلم الولايات المتحدة أنها إذا لم تكن قادرة على تقديم دعم ملموس لأوكرانيا وتم تخفيض حجم المساعدات والدعم، فإن هيبتها ومكانتها في النظام الدولي ستتعرض لضربة كبيرة، وربما الدول الحلفاء والمحايدون في هذا الصراع ستتجه نحو الاتفاق والتفاوض مع روسيا.

ولذلك فإن انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي فكرة خاطئة سارت عليها بعض الدول والساسة الأوكرانيين، وكانت النتيجة الحرب والدمار، فبينما ظنوا أن الولايات المتحدة تؤيد هذه الفكرة، إلا أنهم أدركوا بعد فوات الأوان أن الأولوية الأساسية للولايات المتحدة هي مصلحة الولايات المتحدة في الدرجة الأولى، وهذا البلد ليس على استعداد للمخاطرة بحرب مباشرة مع قوة نووية عظمى. والآن الفرصة سانحة لأوكرانيا لكي تتقبل حقيقة مفادها أن حلف شمال الأطلسي لن يجلب لها الأمن، ولابد أن تتحرك نحو استراتيجية جديدة، ومن خلال التفاوض مع روسيا وبدعم سياسي من الغرب تستطيع أن تنقذ نفسها من الخطر المحدق بها.

امین مهدوی

 

[1] aljazeera.com

[2] atlanticcouncil.org

[3] nytimes.com