معبر "زنغه زور" حجة جديدة للسيطرة والتوسع

فبرایر 23, 2023 - 07:29
معبر "زنغه زور" حجة جديدة للسيطرة والتوسع

مضى أكثر من عامين منذ أن وافقت أرمينيا وأذربيجان على وقف إطلاق النار الذي أنهى على ما يبدو الخلاف على سيادة كاراباخ والحرب التي استمرت 44 يومًا بين أذربيجان وأرمينيا، والمعروفة باسم حرب كاراباخ الثانية. اتفاق وقف إطلاق النار هذا المكون من تسع نقاط والذي تم التوصل إليه بوساطة روسية أصبح بداية لطرح قضية جديدة بين الطرفين المتنازعين كأطراف رئيسية وكذلك دول المنطقة كأطراف مستفيدة. القضية التي جعلت شروط السلام للمنطقة بعد حرب كاراباخ الثانية هشةً وضعيفة وهي خطة إنشاء ممر زنغزور ، والتي يمكن تفسيرها في الفقرة التاسعة والأخيرة من اتفاق وقف إطلاق النار هذا و بناءً على هذا البند يجب إلغاء حظر جميع المعاملات الاقتصادية والنقل في المنطقة. وتضمن جمهورية أرمينيا أمن النقل بين المناطق الغربية لأذربيجان وجمهورية ناختشيفان المتمتعة بالحكم الذاتي، وستكون قوات الحدود التابعة لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي مسؤولة عن مراقبة ارتباطات النقل. ومع ذلك سعى الجانبان في الأشهر الأخيرة إلى إعادة تعريف هذا البند من اتجاهين مهمين بمعنى أن أذربيجان تعترف بالممر على أنه جزء من مقاطعة سيفنيك، بينما تعتبره أرمينيا معبر خطوط اتصال تحت حكم يريفان.

هنا تجدر الإشارة إلى أن أرمينيا وأذربيجان اشتبكتا عسكريا حول ناغورنو كاراباخ للمرة الثانية في عام 2020 بدعم من تركيا وإسرائيل، انتصرت أذربيجان في الحرب واستعادت جميع أراضيها التي احتلتها أرمينيا نتيجة لتفكك الاتحاد السوفيتي. وبالإضافة إلى استعادة أراضيها المحتلة احتلت أذربيجان أيضًا أجزاء من ناغورنو كاراباخ. ويمكن لمسألة استعادة الأراضي المحتلة التابعة لجمهورية أذربيجان أن تطرح للنقاش وقد وافقت عليها عدة مرات سلطات بلدان المنطقة بما في ذلك القادة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولكن المخاوف الكبرى أن علييف يسعى إلى إنجازات أكبر. بتفسيراته للفقرة المذكورة أعلاه وبدعم من تركيا وشخص رجب طيب أردوغان يخطط لبناء ممر بري وسكك حديدية يربط جمهورية أذربيجان من مقاطعة سيفنيك الواقعة في أقصى جنوب أرمينيا بجزء من منطقة ناختشفان والتي بدورها ستتصل مع تركيا.[1] وإذا تم بناء هذا الممر فسيفصل إيران عن جارتها المسيحية الوحيدة وهو رابط حيوي للأسواق الغربية. أرمينيا هي أيضاً ستُحرم عمليًا من الدعم الاقتصادي والسياسي المحتمل لجارتها وهي إيران.[2] استمرارًا لهذه الادعاءات والأفعال من الجانب الأذربيجاني أعرب القادة ورجال الدولة الإيرانيون مرارًا وتكرارًا عن معارضتهم لأي تغييرات جيوسياسية وجغرافية في المنطقة وحتى في بعض الحالات وجهوا تحذيرات جدية للجانب الأذربيجاني. وفي هذا الصدد قال فاهان كوستانيان نائب وزير خارجية أرمينيا في مقابلة خاصة مع المونيتور: "لأذربيجان ثلاثة أهداف: التطهير العرقي في ناغورنو كاراباخ ، وإحداث توتر عسكري واسع النطاق في المنطقة ، وأخيراً الضغط على الجانب الأرمني من خلال الممر الذي يتجاوز الحدود الإقليمية "[3]

ومع ذلك ومع استمرار هذه الخلافات لم يخفِ الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف خططه المتعلقة بـ "ممر زانغزور" ووصف بناء هذا الممر بأنه "ضرورة تاريخية" وشدد مرات عديدة على "سواء أرادت أرمينيا ذلك أم لا سيكون هذا الممر مفتوحا"[4] ومؤخرا أصر على تنفيذ مثل هذه الخطة المسببة للتوتر، وصرح في الاجتماع الأول لقادة تركمانستان وتركيا وأذربيجان في مدينة تركمانباشي أن انتصار هذا البلد في حرب ناغورنو كاراباخ فرصة جديدة لخلق مشاريع نقل مهمة في المنطقة. وأذربيجان تحاول فتح ممر زانغزور. وذكر أيضًا أنه تم الانتهاء من 40٪ من السكك الحديدية و 70٪ من الطريق السريع في الجزء من هذا الممر الذي يمر عبر أذربيجان وسيدخل هذا المشروع طور التشغيل الكامل في عام 2024.[5]

لكن هنا يطرح هذا السؤال، ما هو سبب إصرار حكومة باكو وتأكيد علييف على موقفه السابق لتغيير جغرافية المنطقة وتجاهل جميع المعاهدات الدولية وهذا نوع من الانتهاك الواضح لحقوق الأرمن؟

بداية يجب الاعتراف بأنه وللأسف فيما يتعلق بتحليل القضايا والاتجاهات التي تحكم جمهورية أذربيجان لا ينبغي أن يؤخذ دور حكومة هذا البلد على محمل الجد لأنه على عكس ما يظهر على السطح، فإن حكومات الظل والقوى الثانوية هم في الواقع صانعو القرار الرئيسيون في القضايا الإستراتيجية للبلاد.وفقًا للخبراء فإن الهدف الأول وراء هذه الخطة المزعومة هو إنشاء طريق جديد بين تركيا وآسيا الوسطى؛ حيث سعت أنقرة إلى تحقيق هذا الهدف لفترة طويلة عبر جورجيا وجمهورية أذربيجان في الطريق الشمالي وتخطط لتحقيق سيناريو مشابه هذه المرة في جنوب القوقاز عبر طريق أرمينيا - أذربيجان.[6] الفائدة الأخرى للممر المزعوم ستكون في سهولة وصول الناتو إلى المناطق الشمالية من إيران وبعد ذلك سيضع الناتو مباشرة قدمًا له على بحر قزوين. وهنا يجب أن نذكر هذا الممر المسمى ب"ممر توراني للناتو". وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنه على الرغم من أن السلطات الأذربيجانية تقترح على السطح أهدافًا اقتصادية لإنشاء هذا الممر، [7] فإن الهدف الوحيد الخفي وراء هذه الخطة سيكون في العمل على وصول العملاء والقوات الأجنبية إلى المنطقة المهمة والاستراتيجية من الحدود الشمالية الغربية لإيران.[8] وفقًا للخبراء، فإن أحد أكثر الأهداف طويلة المدى لهذه الخطة المزعومة لممر توراني التابع للناتو هو قضية اجتثاث الشيعة. في المستقبل من المفترض أن يغيير فتحُ هذا الممر في الثقافة العرقية على حساب الشيعة هناك. وفي هذا الصدد صرح أحمد كاظمي الخبير في قضايا منطقة القوقاز، أن "مجموعة السلوكيات التي مارستها أذربيجان منذ حرب كاراباخ الثانية تظهر أن لديها نية جادة لمواجهة الشيعة ".[9]

إن تعدد اللاعبين الفاعلين في النزاع الدائر سيستمر في ناغورنو كاراباخ، والموقف الخاص بالجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تسعى إلى تعزيز سياسة حسن الجوار، يجب أن تفكر في تأمين أكبر المصالح والمنافع للدولة والشعب، والتحدياتها الخاصة لحكومة طهران هو كيفية مواجهة جهود باكو وأنصارها لإنشاء ممر "زنغه زور" على طول الحدود المشتركة بين إيران وأرمينيا ، وهو شريط ضيق تعتبر قيمته الجيوسياسية مهمة بالنسبة لطهران لأنه ليس فقط ممرًا آمنًا لوصول إيران إلى أوروبا والمناطق الشمالية من القوقاز فقط، بل أيضًا يتميز منذ القدم بالتقارب الثقافي والتاريخي للأرمن مع إيران وحقق لهما مكاسب كبيرة وسيحقق أيضاً العديد من الفوائد في المجالات الاقتصادية والاستراتيجية. ومع ذلك من الناحية السياسية يمكن الافتراض أنه ليس فقط إيران ولكن أيضًا روسيا والعديد من الدول في المنطقة لن تسمح أبدًا بوجود قوى خارج المنطقة مثل الناتو أو الصهاينة أن يسبب التوتر. في نهاية المطاف ستتم إدارة الخطة بطريقة ما بالاتفاقات المتعددة الأطراف التي لا ينبغي لها السماح لقوات خارج المنطقة بإساءة استخدامها. وفي الوقت نفسه من المتوقع أن تتاح لمنطقة جنوب القوقاز الفرصة لتصبح واحدة من أهم ممرات النقل في أوراسيا بشرط أن يتم التوصل إلى اتفاق وفقًا لحقوق دول المنطقة.

نوید دانشور


[1] https://az.sputniknews.ru/20230110/ilkham-aliev-azerbaydzhan-vo-vsem-priznan-kak-nadezhnyy-i-sereznyy-partner-450530867.html

[2] https://www.al-monitor.com/originals/2022/09/turkey-backs-azerbaijan-deadly-attacks-against-armenia

[3] https://www.al-monitor.com/originals/2023/01/turkey-rises-russia-fades-iran-and-azerbaijan-clash-over-armenia

[4] https://tass.ru/mezhdunarodnaya-panorama/16769317

[5] https://www.trt.net.tr/persian/mntqh/2022/12/14/lyyf-khrydwr-znghzwr-dr-sl-2024-bh-bhrhbrdry-khwhd-rsyd-1918914

[6] https://www.indyturk.com/node/414431/t%C3%BCrki%CC%87yeden-sesler/guam-t%C3%BCrkiye-ve-nato-i%C3%A7in-yeni-f%C4%B1rsatlar

[7] https://tass.ru/mezhdunarodnaya-panorama/16769317

[8] https://www.yenisafak.com/dusunce-gunlugu/karabag-manifestosu-3897372

[9] https://www.ilna.ir/fa/tiny/news-1278613