مجلس الأمن ضامن الأمن؟
إن أحد الأسباب الرئيسية لتسلم مسؤولية حفظ السلام والأمن الدوليين إلى مجلس الأمن هو أن الأمم المتحدة قادرة على تقديم إجراءات سريعة وفعالة في هذا المجال. كان المبرر المنطقي لهذا العمل هو أن الحكومات القوية التي تمتلك القوة العسكرية اللازمة هي وحدها القادرة على ضمان إحلال السلام في العالم باستخدام القوة والسلطة واستخدام القوة العسكرية.
إن أحد الأسباب الرئيسية لتسلم مسؤولية حفظ السلام والأمن الدوليين إلى مجلس الأمن هو أن الأمم المتحدة قادرة على تقديم إجراءات سريعة وفعالة في هذا المجال. كان المبرر المنطقي لهذا العمل هو أن الحكومات القوية التي تمتلك القوة العسكرية اللازمة هي وحدها القادرة على ضمان إحلال السلام في العالم باستخدام القوة والسلطة واستخدام القوة العسكرية [1].
ويجب على مجلس الأمن، باعتباره حارس السلام، أن يتأكد أولا من أن السلام في العالم مهدد، أو تنتهك معاييره، أو أن أي عمل من أعمال العدوان قد ارتكب بأي شكل من الأشكال. فإذا توافرت هذه الشروط وفقا للفصل السابع، يمكن لمجلس الأمن أن يفكر في حل، أو يفكر في تدابير مؤقتة، أو يتخذ إجراءات قسرية ويستخدم القوة العسكرية. يتم اتخاذ تدابير مؤقتة لمنع تدهور الوضع والتدابير القسرية لإحلال السلام العالمي[2].
إن مجلس الأمن، باعتباره أهم أركان الأمم المتحدة، يستخدم أحيانا معايير مزدوجة في اتخاذ القرارات. وفي الواقع يؤدي اختلاف الأعضاء فيما بينهم في المجلس واستخدام حق النقض في بعض الأحيان إلى نشوء نزاعات بل وإلى بداية أزمة دولية. ولا تعترض الدول الأعضاء على حق المجلس في استخدام القوة القسرية، ولكنها تعترض على المعايير المزدوجة والتمييز المحدد فيها.
لما الإزدواجية في القرار؟
إن أعضاء مجلس الأمن يمنحون الأولوية للحفاظ على بنية النظام الدولي أكثر من السلام الدولي. والواقع أن أعضائها الدائمين يعتبرون مصالحهم هي الأولوية الرئيسية في قراراتهم. واستنادا إلى المنطق نفسه فقد أنشأ هؤلاء الأعضاء أيضا هامشاً قانونيا آمنا لحلفائهم لإبقائهم يعملون ضمن مصالحهم الخاصة.
وفي هذا السياق، يمكن الاطلاع على جلسة مجلس الأمن الثلاثاء بشأن الهجوم على القنصلية الإيرانية في سورية. وعقد هذا الاجتماع بناء على طلب روسيا. وفي هذا اللقاء تحدى المندوب الروسي بوضوح شديد الممثلين الفرنسيين والبريطانيين وسألهم عن عدم إدانة الهجوم على القنصلية. وفي هذا الاجتماع أيضًا، أدان الأعضاء غير الدائمين مثل سويسرا والجزائر تصرفات إسرائيل [3]. لكن القرار النهائي الذي كان من المفترض أن يقدمه المجلس، والذي أُدين فيه هذا العمل الإسرائيلي، تم استخدام فيه حق النقض (الفيتو).
خوف الغرب؟
عند دراسة سبب عدم توصل مجلس الأمن إلى إجماع حول الإجراء المحدد الذي اتخذته إسرائيل، من الممكن مناقشة أبعاد مختلفة في مجالات مختلفة. ولكن يبدو أن القضية الأهم هي خوف الغرب من فقدان نفوذه في منطقة غرب آسيا.
وبالنظر إلى أن النظام الدولي يتغير وأن قوى جديدة تظهر، فإن أنظمة الأمن الإقليمية سيكون لها مكان مهم في بنية العالم. وإدراكاً لهذه المسألة، يقوم الغرب بإدارة المناطق الواقعة تحت نفوذه حتى يكون له التأثير اللازم في البنية الجديدة وبما يتماشى مع مصالحه.
بعد 7 أكتوبر وما تبعه من أحداث أدت إلى خلع إسرائيل قناعها المزور وانتهاك كافة قواعد وأنظمة النظام الدولي دون خجل وبلا رحمة، تدنى دعم الرأي العام العالمي لإسرائيل بشكل أقل فأقل حتى ترامب قد احتج عليهم وقال أن مثل هذه التصرفات لن تؤدي إلا إلى تدمير ما بنته إسرائيل.
ولذلك، إذا هُزمت إسرائيل تماماً في هذه المعركة فإن الغرب يعلم جيداً أنه سيتم تشكيل نظام إقليمي جديد يتمحور حول إيران ومحور المقاومة، وستكون هذه القضية مكلفة للغاية بالنسبة للغرب وحلفائه الإقليميين. لأن خسارة إحدى أهم المناطق الإستراتيجية في العالم تعني تراجع قوة الغرب ومصداقيته، وإلى جانب ذلك يعني نظام جديد يتمحور حول إيران، والتي يجب على الغرب الآن أن يقدم لها العديد من التنازلات من أجل تحقيق التوازن في المنطقة.
في الواقع، لم يدن الغرب الهجوم على القنصلية الإيرانية حتى تتاح لحليفهم الإقليمي الأهم، إسرائيل، فرصة تجربة حظهم مرة أخرى في معركة كلاسيكية لتغيير الوضع في المنطقة وتتلقي إشارة الدعم الغربي حتى لو كان ذلك يخالف ويخرق القوانين التي يضمنها بقوة مجلس الأمن نفسه، ولكن رغم ذلك لا تزال تحظى بدعمهم. وقد ينجح هذا النهج الذي يتبعه الغرب بالنسبة لهم ولحلفائهم على المدى القصير، ولكنه على المدى الطويل سيضر بمصداقية الأمم المتحدة ويخلق هرطقة جديدة في النظام الدولي، الذي لا يعتمد إلا على القوة والدعم القوي للغرب. ولا شك أن هذه القضية ستؤدي إلى تغييرات واسعة النطاق في النظام الدولي وهو تغييرٌ لاشك سيضر بالغرب.
[1] yjc.ir
[2] un.org
[3] reuters.com