ماذا تعني زيارة غروسي؟
انتهت زيارة مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإيران. على الرغم من خطابه المتفائل إلى حد ما في المؤتمر الصحفي اليوم مع رئيس منظمة الطاقة النووية الإيرانية حول الأجواء التي تخللت المحادثات فإن نتائج زيارته غير واضحة في الوقت الحالي وعلينا انتظار مؤتمره الصحفي بعد عودته إلى فيينا.
كانت زيارة غروسي لإيران مختلفة من حيث الشكل؛ بمعنى أنه على عكس الزيارات السابقة، فقد عقد اجتماعات على مستويات عالية كما التقى بالرئيس ووزير الخارجية ؛ ولكن علينا الانتظار ما إذا كان هذا التغيير في الشكل يعكس تغييراً في المحتوى في زيارات غروسي. ومع ذلك يعتقد الكاتب أن مثل هذا التغيير من غير المتوقع في الوقت الحالي وأن حل الخلافات مع الوكالة سيستغرق وقتًا. و ربما توصل الجانبان إلى تفاهم حول إطار عام لتسوية الخلاف خلال هذه الزيارة.
اللافت في زيارات غروسي إلى إيران أنها تتم قبل يومين أو ثلاثة أيام من موعد الاجتماعات الدورية لمجلس المحافظين، الأمر الذي أثار الشكوك خارج إيران بأن طهران تحاول التأثير على تقرير مجلس المحافظين. مدير عام الوكالة باختياره هذه الفترة الزمنية والمباحثات ونتائج اجتماع مجلس المحافظين تدور حول ايران. يبدو أن هذه الطريقة كانت فعالة إلى حد ما حتى الآن، والاتفاقيات التي تم التوصل إليها بين طهران والمدير العام للوكالة قبل اجتماعات المجلس، أعطت الوكالة الأمل في إيجاد حل للقضايا ذات الصلة ونتيجة لذلك قد كان لها تأثيراً نسبيًا على قرارات المجلس. وعلى الرغم من أن القرارات التي صدرت إلا أنها لم تتجاوز حد النقد.
لكن هذا لا يعني أن هذا التكتيك سينجح دائمًا أو أنه أسلوب موفق بكل الظروف.
هذه المرة أيضاً في ظل التوترات المتصاعدة بين إيران والولايات المتحدة وأوروبا حول عدة قضايا، من تطورات خطة العمل الشاملة المشتركة إلى قضايا حقوق الإنسان والحرب في أوكرانيا ، توصلت طهران إلى استنتاج مفاده أن الغرب يكثف الضغط عليها أكثر من ذي قبل. وفي غضون ذلك تم طرح موضوع قرار جديد في اجتماع مجلس المحافظين هذا الأسبوع. لذلك نظرًا لاستمرار المأزق الذي وصلت إليه مفاوضات خطة العمل المشتركة الشاملة قررت طهران دعوة غروسي مرة أخرى و "الترحيب به بشكل خاص" وترتيب لقاءات على مستويات عالية بعد معارضة الطلبات السابقة للمدير العام للوكالة في هذا الشأن لتبين له "موقفها وتبريراتها بشكل لبق" إلى جانب صياغة تفاهمات عامة وربما اتفاق على خارطة طريق مقبلة.
ويبدو أن طهران بهذه الطريقة تسعى لإدارة وكسب الوقت ومنع عودة الملف النووي إلى مجلس الأمن أو تأجيله. آملين أن تتحقق شروط دولية أخرى ليقصر الغرب الطريق من أجل الحل.
من ناحية أخرى، لا يملك الغرب المتورط في الحرب في أوكرانيا الوقت الكافي للتركيز على برنامج إيران النووي والتعامل مع طهران. ومع ذلك فإنها تتحرك بطريقة تدريجية ومنضبطة على أساس أن خطة العمل الشاملة المشتركة لم تعد قابلة للإحياء وحتى الولايات المتحدة لم تعلن عن الخطة ب التي تفترضها.
في غضون ذلك وفي ظل الأزمة الداخلية يسارع نتنياهو إلى تصعيد التوتر مع إيران ويريد إقناع الغرب بمهاجمة منشآت إيران النووية "مبكرًا".
على أي حال، يبدو أن أطراف خطة العمل الشاملة المشتركة وخاصة الولايات المتحدة وأوروبا، قد توصلوا إلى استنتاج مفاده أن هذه الاتفاقية لم تعد قابلة للتطبيق وبالتالي عاجلاً أم آجلاً في عام 2023 يجب توضيح مسار مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة، ولم يعد هناك أي احتمال لاستمرار هذا الغموض، وربما يصل الغرب إلى نقطة يعلن فيها فشل المفاوضات.
يقال إن النتيجة الإيجابية لرحلة غروسي ستساعد في إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة وفيما يتعلق بوجهة النظر هذه يمكن القول إن إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة اليوم لم يعد يعتمد على القضايا الفنية للضمانات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، و حتى لو تم حل هذه القضايا فهذا ليس يعني بالضرورة أن طريق الإحياء سيكون ممهدًا بالكامل. وهذا الطريق اليوم أصبح أكثر تعقيداً وارتباطًا بالحرب في أوكرانيا من المضمون والقضايا الأساسية للتفاض.
صابر گل عنبری