ما هو دور قطر في الحرب بين اسرائيل وغزة؟
تعتبر الحرب الدائرة بين حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" والكيان الصهيوني بمثابة خيار صعب لدولة مثل قطر، التي تلعب دوراً وسيطاً في هذا الصراع. فبحسب مراقبين، إذا استمرت الدوحة في دعم قيادات حماس والتعاطف مع غزة وسط الاشتباك الدائر، قد تخرج من مظلة الدعم التي توفرها واشنطن.
تعتبر الحرب الدائرة بين حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" والكيان الصهيوني بمثابة خيار صعب لدولة مثل قطر، التي تلعب دوراً وسيطاً في هذا الصراع. فبحسب مراقبين، إذا استمرت الدوحة في دعم قيادات حماس والتعاطف مع غزة وسط الاشتباك الدائر، قد تخرج من مظلة الدعم التي توفرها واشنطن.
فهي نظراً لعلاقاتها الجيدة مع حكومات غربية ومع حركة حماس، تضطلع بدور أساسي في الجهود الرامية إلى إطلاق سراح الأسرى المحتجزين لدى الحركة الفلسطينية منذ عمليتها المباغتة على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
كما يعول الغرب بشكل متزايد على نفوذ هذه الدولة الخليجية والتي تعد الوسيط الرئيسي على مستوى العالم في مثل هذه الأوضاع. فقد أشاد مسؤولون غربيون بدور "مهم جدا" أدته الدوحة في الإفراج عن "رهينتين أمريكيتين" كانت تحتجزهما حماس، مبدين ثقتهم بالإفراج عن مزيد من الأسرى.
يبدو أن قطر واثقة من أنها قادرة على التفاوض بشأن إطلاق سراح عشرات الأسرى الآخرين في الأيام المقبلة، مع القليل من الوقت والصبر والإقناع، على الرغم من أن أي توغل بري إسرائيلي في غزة من شأنه أن يجعل هذا الأمر أكثر صعوبة.
لا شك أن المفاوضات الجارية بشأن الأسرى في منتهى الحساسية. وهذه ليست المرة الأولى التي تبرز فيها قطر كوسيط مفيد. فقد استضافت لسنوات سفارة فعلية لحركة طالبان عندما كانت خارج السلطة في أفغانستان.
رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني شدد الأحد، على ضرورة دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مؤكداً عزم بلاده مواصلة مساعيها للوساطة للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، وخفض التصعيد العسكري لحماية أرواح المدنيين، فيما دعت الخارجية القطرية إلى "فترة من الهدوء" في القطاع من أجل نجاح جهود الوساطة، محذرة من أن التصعيد الإسرائيلي "يعقد الأوضاع على الأرض".
وقال رئيس الوزراء القطري في مؤتمر صحافي مع نظيرته الفرنسية كاترين كولونا في الدوحة، إن المباحثات بينهما ركزت على "كافة الأبعاد السياسية والإنسانية للأزمة وأولويات استمرار الجهود الهادفة لإطلاق سراح الأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية دون انقطاع للمحاصرين في قطاع غزة دون ماء أو دواء".
بدورها، قالت وزارة الخارجية القطرية الأحد، إن الجهود المبذولة لتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة تتطلب "فترة من الهدوء".
وقال ماجد الأنصاري المتحدث باسم الوزارة خلال مؤتمر صحافي في الدوحة إن التسريبات من المفاوضات "ضارة" وتصعّب على الوسطاء القيام بعملهم، وأشار إلى أن عمليات الاستهداف والتصعيد الإسرائيلي تعقد الأوضاع على الأرض.
يبدو أن العلاقة بين حماس وقطر "تؤتي ثمارها"، وبالإضافة إلى المدنيين الفلسطينيين والأجانب الذين سمح لهم بمغادرة غزة، الأربعاء، تم إطلاق سراح أربعة أسرى كانت حماس تحتجزهم، بعد وساطة قطرية ومصرية.
واعترف الكيان الإسرائيلي بمساعي قطر في الملف، حيث قال مستشار "الأمن القومي"، تساحي هنغبي، إن الجهود الدبلوماسية القطرية "شديدة الأهمية في هذا الوقت".
وأضاف في منشور على أكس "يسرني القول إن قطر أصبحت طرفا أساسيا ومساهما في تسهيل الوصول إلى الحلول الإنسانية".
يرى البعض أن قطر هي الوسيط الأكثر استيعابا لأنها تعرف حماس جيداً وهي داعم لها إذ تستضيف منذ أكثر من عشر سنوات مكتبها السياسي، وتحظى في الوقت نفسه بتقدير الولايات المتحدة، أكبر حلفاء الكيان الصهيوني.
كما يقول مدير مركز الدراسات والبحوث حول العالم العربي ودول المتوسط في جنيف حسني عبيدي إن الجهات الفاعلة المحتملة "تقتصر على تلك التي تقيم علاقات طويلة الأمد مع حماس، وبالتالي الوحيدة المخولة التواصل مع قادتها".
وقال أندرياس كريغ، الأستاذ المشارك في جامعة كينغز كوليدج في لندن والمتخصص في الشؤون الخليجية: "كانت صلات قطر مع حماس عنصرا رئيسيا في استراتيجية الوساطة"، مضيفا أنها "تحتكر تلك العلاقة، وبالتالي هذا الصراع لأنها تستطيع التحدث إلى كلا الجانبين بطريقة لا يستطيع أي لاعب دولي آخر في العالم القيام بها".
كما يعتقد آخرون أن جهود الوساطة كانت منذ فترة طويلة واحدة من أكثر "المهارات القابلة للتسويق" في قطر، في إشارة إلى تاريخ هذه الدولة الطويل في التفاوض بين اللاعبين الدوليين.
ووسط التصعيد الجاري بغزة، تسعى قطر إلى "إيجاد مكان للدبلوماسية" يبدو أن أحد أهدافها من هذه الوساطة هو تأخير الهجوم البري داخل غزة.
ويتساءل البعض عما إذا كانت قطر متعاطفة مع حماس، فإن الحقيقة تقول إنه يجب أن يقوم شخص ما بلعب دور المفاوض، وأي مراقب عاقل سيعترف بوجود معاناة غير عادلة واعتبارات إنسانية في غزة لذلك هناك حاجة إلى تفكير جديد ونهج جديدة لإيجاد السلام.
يمكن أن تصطدم الوساطة القطرية بعقبات صعبة لأن الدوحة تحاول التوسط من أجل حل وسط، بينما تريد إسرائيل الضغط من أجل محو غزة. لدى الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل أولويات متشابهة في أزمة غزة، لكن مواقفهما ليست بالضرورة هي نفسها.
حيث يريد الطرفان إطلاق سراح المزيد من الأسرى، لكن واشنطن حريصة على منع امتداد الصراع إلى لبنان، في حين تركز إسرائيل أكثر من أي وقت مضى على الردع ضد حماس بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول. وفي مثل هذا الوضع، يبدو من غير المرجح إيجاد بديل لقناة دبلوماسية مماثلة لتلك التي تربط قطر مع الغرب وحماس.
ختاماً يمكن القول إن الوساطة القطرية حالياً لحل أزمة الأسرى ووقف العدوان على غزة هي خيار صعب، ويبقى التحدي أمام الدوحة في كيفية إدارة المفاوضات غير المباشرة بين حماس والكيان الإسرائيلي بما يضمن وقف العدوان وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وارسال المساعدات مقابل الإفراج عن الرهائن.
المصادر:
1-https://cutt.us/PmAYq
2-https://cutt.us/lhJU8
3-https://cutt.us/xbFLC
4-https://cutt.us/ODVUC