قوانين الهجرة الجديدة في أوروبا حل مؤقت لتقليل الخلافات؟

تواجه أوروبا موجة جديدة من المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين، والتي يقارنها البعض بموجة الهجرة في عامي 2015 و2016 وبحسب حسابات منظمات حقوقية، فإنه مع نهاية سبتمبر/أيلول 2023، نزح ما يقرب من 114 مليون شخص من ديارهم لأسباب مختلفة ويبحثون عن الهجرة.

ديسامبر 9, 2023 - 07:08
قوانين الهجرة الجديدة في أوروبا حل مؤقت لتقليل الخلافات؟
قوانين الهجرة الجديدة في أوروبا حل مؤقت لتقليل الخلافات؟

تواجه أوروبا موجة جديدة من المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين، والتي يقارنها البعض بموجة الهجرة في عامي 2015 و2016 وبحسب حسابات منظمات حقوقية، فإنه مع نهاية سبتمبر/أيلول 2023، نزح ما يقرب من 114 مليون شخص من ديارهم لأسباب مختلفة ويبحثون عن الهجرة [1]. وقد أثارت هذه القضية قلقاً كبيراً لدى الأحزاب والحكومة والشعب في أوروبا. وإلى جانب المخاوف المختلفة الموجودة، أصبحت هذه القضية تحديا خطيرا ونقطة خلاف بين السياسيين الأوروبيين. وهم يتذكرون جيداً تجربة عام 2015، وأنهم تمكنوا من قبول العديد من المهاجرين في الاتحاد الأوروبي بتوجيه من السيدة ميركل. ولكن يبدو أن عملية التجانس في المجتمع الأوروبي لم تكن ناجحة بالنسبة لمجموعات المهاجرين وأصبحت أساساً لانعدام الأمن في الدول الأوروبية.

أوروبا هي المسؤولة

وإلى جانب قلق الأوروبيين من موجة الهجرة وتبريراتهم لمسألة الأمن القومي التي تغذيها العديد من الأحزاب اليمينية المتطرفة، يبدو أن الاتحاد الأوروبي قد نسي نهجه وأدائه فيما يتعلق بمعاملة المهاجرين. في الواقع يعود جزء من النهج المتطرف للمهاجرين إلى عمل أجهزة الدعاية و وسائل الإعلام في أوروبا، على سبيل المثال يمكننا أن نذكر الحرب في غزة وأن وسائل الإعلام الأوروبية تعمل عن قصد أو عن غير قصد على خلق ثنائية قطبية عميقة بين شعوب أوروبا. ولا شك أن مثل هذه التصرفات تؤدي إلى عدم الاستقرار والضرر لجميع الناس، والنتيجة هي انتشار انعدام الثقة على نطاق واسع. وقد استفادت التيارات المتطرفة من انعدام الثقة والخوف هذا بشكل كبير، وتمكنت من لعب دور في حكومات بلدانها.

حلٌ مؤقت

 اعتمد الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي قواعد جديدة للهجرة من أجل مكافحة نمو و توسع اليمين المتطرف والسيطرة على أنشطته. وهي قضية استطاعت أن تنال رضا اليمين وتخفف إلى حد ما من نار الخلافات الداخلية للاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة. وقد لاقت هذه القضية ترحيباً من قبل الحكومات التي تواجه قضية المهاجرين بشكل مباشر، والآن لديها الفرصة لفرض قيود على المهاجرين في حال تعرض الأمن القومي لبلادهم للخطر[2]. وبحسب ما أعلنته الجهات المعنية، فإنه مع استبدال القانون الجديد، سيتم إنشاء نظام شامل لتسجيل معلومات المسافرين ولن تكون هناك حاجة لختم جوازات السفر. وأعلن مسؤولون في الاتحاد الأوروبي أن "نظام الدخول والخروج"EES)) سيكون جاهزا للعمل في الدول الأعضاء في الاتحاد وفق جدول زمني اعتباراً من نهاية عام 2024. وعندما يدخل هذا القانون حيز التنفيذ، سيواجه المسافرون من دول خارج الاتحاد الأوروبي الذين يدخلون منطقة شنغن ضوابط حدودية جديدة. وتوقع بعض الخبراء أن يؤدي إطلاق الخطة إلى الفوضى، بينما يأمل آخرون أن يمنح التأخير المتكرر في بدء الخطة الدول الوقت الكافي للاستعداد للتغيير. على الرغم من أنه وفقًا لاتفاقية شنغن، يتمتع الأشخاص داخل هذه المنطقة بحرية السفر دون ضوابط حدودية، ولكن في الوقت نفسه، وفي المواقف التي يوجد فيها تهديد للأمن الداخلي أو السياسة العامة لبلد ما، يُسمح للدول بضبط الحدود "كملاذ أخير"[3].

وفي هذا الصدد، أغلقت دول الاتحاد الأوروبي حدودها مؤقتا. وأغلقت دول مثل النمسا وألمانيا وإيطاليا وفنلندا حدودها وكثفت المراقبة. ومن الأمور المهمة التي يجب الإشارة إليها هنا أهمية حقوق الإنسان وحقوق المهاجرين، في الواقع تواجه أوروبا الآن معضلة حول ريادتها في مجال حقوق الإنسان أو الحفاظ على النزاهة. ويرى البعض أن الهجمات ضد الهجرة لها بعد إعلامي أكثر، والحقيقة شيء آخر، وهذا التوجه الإعلامي يدعمه معارضو الاتحاد الأوروبي لوضع هذا التكتل في مأزق سياسي. وتواجه هذه الكتلة الآن تحدياً خطيراً، ولا تزال الخلافات الداخلية بين الأعضاء قائمة ولا يبدو أن اعتماد قوانين مراقبة الدخول والخروج المؤقتة مفيد جداً، وعلى الاتحاد الأوروبي أن يحاول حل هذا التحدي قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة، وإعطاء الأولوية لانتخابات 2024، لأن خطر استخدام اليمين المتطرف لها للفوز بالانتخابات مرتفع للغاية.

بشكل عام، يبدو أن أوروبا تواجه فترة صعبة وعليها اتخاذ قرارات صعبة للغاية لإدارة العديد من هذه الحالات، مثل أزمة المهاجرين، والتي يمكن أن تؤثر آثار مباشرة وملموسة على المستقبل الجيوسياسي لهذه الكتلة ودورها كلاعب مهم في الساحة الدولية.

امین مهدوی

 

[1] unhcr.org

[2] aljazeera.com

[3] reuters.com