في الذكرى التاسعة لتأسيسه.. الحشد الشعبي؛ تحول مفصلي في تاريخ العراق وأسطورة لا تنتهي

في الذكرى التاسعة لتأسيسه.. الحشد الشعبي؛ تحول مفصلي في تاريخ العراق وأسطورة لا تنتهي

يونيو 18, 2023 - 08:20
في الذكرى التاسعة لتأسيسه.. الحشد الشعبي؛ تحول مفصلي في تاريخ العراق وأسطورة لا تنتهي
في الذكرى التاسعة لتأسيسه.. الحشد الشعبي؛ تحول مفصلي في تاريخ العراق وأسطورة لا تنتهي

مثّل تأسيس الحشد الشعبي تحولاً مفصلياً في تاريخ العراق عقب الانهيار الأمني الذي حدث عام 2014، فما تمتلك هذه الهيئة من موارد بشرية وخبرات عسكرية ستكون ركناً أساسياً في قوى العراق الأمنية، وسيبقى الحشد الضمانة الحقيقة للعراقيين بعدما تمكن من إيقاف جميع محاولات الأعداء لاستهداف العراق.

كما مثّلت فتوى المرجع الديني آية الله السيد علي السيستاني، "الجهاد الكفائي" نقطة تحول مهمة في مسار الأحداث العراقية، وأدت الفتوى التي صدرت في 13 يونيو 2014 إلى تشكيل قوات الحشد الشعبي بهدف مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي.

ففي الذكرى التاسعة لتأسيس الحشد الشعبي العراقي أقيمت، الأربعاء الماضي، فعاليات الاحتفال الرسمية في هذه المناسبة، بحضور رئيس هيئة الحشد فالح الفياض ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني وشخصيات حكومية رسمية وسياسية.

حيث أكد رئيس هيئة الحشد الشعبي في كلمة له خلال الحفل أنّ الحشد لن يتوانى أبداً عن الدفاع عن الدستور، ولن يسمح “بنشوء ديكتاتورية جديدة في العراق”.

وقال الفياض إنّ الحشد “لا يسمح باستضعاف الأقليات”، مؤكداً أنه “لم ولن يسمح بالتعامل بدونيّة مع العشائر”. وأضاف “نحن متمسّكون بالدفاع عن الدولة وسياستها ومصالحها”، مشيراً إلى أنّ “الحشد يتلقّى الأوامر من القائد العام بكل العمليات ولسنا عبئاً على الدول”.

وأكمل الفياض ان “قادة النصر وجميع الشهداء هم أصل القيم والتضحية من اجل النصر والشهيدان الحاج قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس كان لهم الدور الأكبر بتحقيق النصر”.

وأكد الفياض ان “الحشد الشعبي ليس له رأي سياسي وليس لديهم موقف عدائي من أي أحد وليس عبئا على الدولة”. وبين ان “الحشد الشعبي أنصف المجتمعات والأقليات التي استضعفت في النظام البائد”.(1)

بدوره دعا الرئيس العراقي، عبد اللطيف جمال رشيد، إلى توفير الدعم والتسليح لقوات الحشد الشعبي. وقال عبد الله العلياوي، المستشار الأقدم للرئيس العراقي في كلمته بالمناسبة “إذ نبارك للحشد الشعبي ذكرى تأسيسه ندعو إلى توفير الدعم والتسليح والتجهيز والاعتناء بجرحاه ورعاية أسر الشهداء منهم”.

وأضاف أن “على كل مؤسسات الدولة تخليد ذكرى شهداء الحشد الشعبي، وفي مقدمتهم أبو مهدي المهندس (نائب رئيس هيئة الحشد)”.(2)

من جهته، رأى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن التحديات الأمنية أصبحت من الماضي، مبينا أن فتوى الجهاد الكفائي كانت ثمارها تحرير العراق من عصابات داعش. وأكد أن الحشد الشعبي يخضع لإشراف القائد العام للقوات المسلحة.

وقال السوداني في كلمته خلال الاحتفال إن “الحكومة تعمل على انشاء معسكرات خاصة للحشد خارج المدن”، مبيناً أن “الحكومة تضع انصاف اسر الشهداء وجرحى الحشد على رأس أولوياتها”. ودعا السوداني الى “الكتابة عن الملحمة الخالدة والانتصار الذي قل نظيره”.(3)

بدوره، أكد رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، في كلمته ان القوات المسلحة كان لها الدور الفاعل في مواجهة الإرهاب، مبينا ان الوفاء لشهداء الحشد الشعبي يتعدى رعاية أسرهم وتخليد بطولاتهم.(4)

إن أهم سبب لتشكيل الحشد الشعبي هو أحداث العراق بعد هجوم داعش. حيث تمكنت قوات داعش المتطرفة في فترة وجيزة من السيطرة على الموصل وأجزاء كبيرة من محافظتي صلاح الدين وديالى، بل تقدمت بالقرب من العاصمة العراقية بغداد.

ومنذ تشكيل الحشد الشعبي، وجد التكفيريون أنفسهم أمام قوة مسلحة ومتفانية كبحت جماحهم، وانفرد الحشد الشعبي العراقي بمشاهد فريدة من نوعها في مواجهة داعش.

يمكن وصف أهم إنجازات الحشد الشعبي ضد داعش في عدة انتصارات استراتيجية أهمها: تحرير جرف النصر، تحرير آمرلي وتحرير العلم والبغدادي وتحرير تكريت (واحدة من أعقد عمليات قوات الحشد الشعبي والتي تم تنفيذها بالتوازي مع عملية لبيك يا رسول الله).

بشكل عام، انتشرت قوات الحشد الشعبي بسرعة في الأجزاء الجنوبية والشمالية والغربية من حزام بغداد لتوفير الأمن ولعبت دور مهم في وقف تحركات داعش بسبب التنسيق الممتاز بين الحشد الشعبي وقوات الأمن الحكومية. وقد ضحى الحشد الشعبي بالكثير من الشهداء والجرحى من أجل تحرير العراق والمنطقة من دنس داعش.

كما أحبط الحشد الشعبي، إلى جانب الجيش العراقي وقوات الأمن، كل خطط الولايات المتحدة وبعض الدول المتحالفة مع واشنطن المناوئة للعراق، وحالت دون تفككه. حيث شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها الإقليميون والمحليون في العراق حرباً واسعة النطاق ضد الحشد الشعبي بعد أن أصيبوا بالإحباط مطالبين دوماً بحل الحشد الشعبي او تقييده.

لم يقتصر عداء البيت الأبيض للحشد الشعبي على السنوات الأخيرة، فتقريبًا منذ بداية تأسيس الحشد الشعبي لقي معارضة من الولايات المتحدة. وفي يناير 2020، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة أدرجت قيس الخزعلي وليث الخزعلي على قائمة الإرهابيين الدوليين، بينما اعتبرت عصائب أهل الحق أنها منظمة إرهابية أجنبية. كما تعرضت مواقع الحشد الشعبي لهجمات متكررة من قبل الطائرات الأمريكية. (5)

كما كان للشهيد الحاج قاسم سليماني، دور مهم في تعزيز قدرات الحشد، وهذا ما أعلنته شخصيات سياسية عراقية مهمة مراراً. حيث أكد "أكرم الكعبي" الأمين العام لحركة النجباء الإسلامية على دور اللواء سليماني في تشكيل الحشد الشعبي.

أيضاً ما أعلنه الشهيد أبو مهدي المهندس عندما قال: دور اللواء قاسم سليماني مهم في التدريب والتخطيط لمصلحة القوات العراقية، حيث قام هو وإخوانه في حزب الله بدور فاعل في محاربة تنظيم داعش، وذلك بناءً على طلب وموافقة الحكومة العراقية ورئيس الوزراء السابق.

عند انطلاق فتوى الجهاد الكفائي لم يكن الحشد يملك إلا أسلحة فردية والبعض ذهب بملابسه الريفية ملبياً نداء المرجعية دون سلاح، لكنه انتصر على أعتى عصابة إرهابية مجرمة ومسلحة بشتى أنواع الاسلحة ومدعومة من اقوى الدول، فبعد أن قدرت الولايات المتحدة وحلفاؤها أن قتال داعش يحتاج إلى عشرين سنة، تمكنت إرادة هذا الحشد من إزالة هذا التنظيم من الوجود.

ختاماً يمكن القول إن ما قام به الحشد الشعبي هو بمثابة أسطورة لا تنتهي ما زالت تكتب كل يوم، حيث ستبقى دماء الحشد الشعبي حاضرة في أذهان التاريخ العراقي ولن تؤثر محاولات الأعداء على بسالة هذا الحشد ولن يتخلى مقاتلوه عن مواقعهم ولن يتركوا الثغور مكشوفة كي لا يعود الإرهاب الأمريكي من جديد.

مجد عيسى

 

المصادر:

1- https://cutt.us/6UBHV

2- https://cutt.us/O4HjL

3- https://cutt.us/kCx1M

4- https://cutt.us/5bC97

5- https://cutt.us/vGerC