عراق ما بعد الاحتلال…
لا يزال العراق الجريح منذ 20 عاماً من غزو التحالف الأميركي ـ الصهيوني وبشراكة من بعض العرب،غارقاً بالفوضى والفساد والصراع الداخلي المدعوم بأجندة خارجية، ولم نر إلى الآن تلك الوعود الأميركية تتحقق والتي وعدت العراقيين بالديمقراطية والرفاهية والاستقرار والأمن إلخ… واليوم بعد 20 عاماً نرى ببساطة تلك الوعود الأميركية تتحقق من خلال حالة رهيبة من الفساد والظلم والقهر والفقر والجوع والتشريد تجتاح العراق.
اليوم، لا يمكن الحديث أبداً عن حلول تجميلية لنتائج وتداعيات الغزو، ولا يمكن كذلك إلقاء اللوم على أميركا وبعض حلفائها الذين شاركوا بمؤامراة إسقاط العراق، فواشنطن تعترف دائماً بشكل مباشر أو غير مباشر أنّ استراتيجيتها للحرب على العراق هدفها تقسيم العراق وإنْ أخفت وأنكرت ونفت هذا الحديث، والسؤال أين هم العراقيون من هذا المشروع الذي يستهدف وطنهم!؟ وهنا طبعاً لأميركا مصلحة خاصة بتقسيم العراق وتفتيته خدمة لمشاريعها التفتيتية التي تخدم بالضرورة المشروع الصهيو ـ أميركي بالمنطقة العربية.
وبالعودة إلى الشقّ الإنساني بالداخل العراقي وهو الأهمّ ومحور حديثنا هنا، فلا يزال مسار الصراع على الأرض العراقية منذ 20 عاماً يلقي بظلاله المأساوية والمؤلمة بكلّ تجلياتها على المواطن العراقي المتأثر في شكل مباشر من نتائج الغزو ومساراته الملتوية، فلا تزال نار الحرب تضرب بقوة بمجموعها كلّ مقومات العيش بحدّه الأدنى للمواطن العراقي وبخاصة في مناطق غرب وشمال غرب وجنوب العراق، والناظر لحال الكثير من العراقيين اليوم داخل وخارج العراق، يعرف حجم المأساة التي يعيشها المواطن العراقي، ففي العراق هناك مدن بأكملها لا يوجد فيها ماء ولا كهرباء ولا حتى طحين، وانْ وُجد الطحين يوجد في شكل مقنن ويستفيد منه في شكل واسع ما يسمّى بـ «تجار الأزمة أو تجار الحرب»، لا فرق بذلك كما يقول العراقيون، فهؤلاء هم جزء من الحرب ومن منظومة الحرب في العراق، ولكن بوجوه وصور مختلفة…
والواضح من حجم الدمار الهائل والخراب والدماء التي دفعها العراقيون كنتيجة لما يجري في العراق منذ 20 عاماً، انّ الخاسر الوحيد منه ومن كلّ ما يجري في العراق هو الشعب العراقي والشعب العراقي فقط.
وهنا يمكن القول إنه وبعد 20 عاماً من الغزو الأميركي ـ الصهيوني للعراق وبشراكة من بعض العرب أنّ مؤامرة الحرب على العراق قد حققت الكثير من أهدافها للأسف، وهذه الاهداف تعكس بشكل أو بآخر حجم المخططات التي كان من المطلوب تحقيقها في العراق من قبل بعض القوى الإقليمية والدولية، وهي أهداف تتداخل فيها حسابات الواقع المفترض للأحداث الميدانية على الأرض مع الحسابات الأمنية والعسكرية والجيو ـ سياسية للجغرافيا السياسية العراقية وموازين القوى في الإقليم مع المصالح والاستراتيجيات للقوى الدولية على اختلاف مسمّياتها.
كما تتداخل فيها ملفات المنطقة وأمن «الكيان الصهيوني» والطاقة وجملة مواضيع أخرى، وهذا ما يوحي بمسار تعقيد شائك دخله الداخل العراقي.
ختاماً، انّ تطورات الأحداث في العراق منذ 20 عاماً، تؤكد بما لا يقبل الشك انّ مسار وتداعيات مؤامرة إسقاط العراق قد انعكس بشكل مباشر على العراقيين وعلى المنطقة العربية والإقليم بمجموعه، والرابح الوحيد هو الكيان الصهيوني، وهنا أطرح السؤال ليُترك برسم الإجابة عند العراقيين، ومضمون السؤال موجه لكلّ مواطن عراقي على امتداد الجغرافيا العراقية وخارج هذه الجغرافيا، وهو، العراق الى أين يتجه بعد 20 عاماً من الغزو الأميركي ـ الصهيوني؟ وأين هي وعود الحرية والديمقراطية والرفاهية والأمان والأستقرار التي وعدتكم بها أميركا…؟!
هشام الهبيشان