طوفان الأقصى و وحدة المسلمين
تحظى أرض فلسطين بمكانة عظمى في الإسلام، فعلى أرضها بيت المقدس ثاني مدينة أشرق فيها نور التوحيد بعد مكّة المكرمة، حيث بُني بها المسجد الأقصى بعد بيت الله الحرام وكان أوّل قبلة وضعت للناس لذا يعتبر هذا المسجد أُولى القبلتين، ونال المنزلة الثالثة في القدسية بعد المسجد الحرام ثمّ المسجد النبويّ، ولذلك أُطلق عليه ثالث الحرمين، وامتدت حوله البركة لتشمل أرض فلسطين كلّها، حيث قال الله عزّوجلّ عنه: (الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) (الإسراء/ 1).
تحظى أرض فلسطين بمكانة عظمى في الإسلام، فعلى أرضها بيت المقدس ثاني مدينة أشرق فيها نور التوحيد بعد مكّة المكرمة، حيث بُني بها المسجد الأقصى بعد بيت الله الحرام وكان أوّل قبلة وضعت للناس لذا يعتبر هذا المسجد أُولى القبلتين، ونال المنزلة الثالثة في القدسية بعد المسجد الحرام ثمّ المسجد النبويّ، ولذلك أُطلق عليه ثالث الحرمين، وامتدت حوله البركة لتشمل أرض فلسطين كلّها، حيث قال الله عزّوجلّ عنه: (الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) (الإسراء/ 1).
من هنا تأتي الأهمية القدسية لفلسطين عند المسلمين جميعهم، كما كانت ميدان الرسالات السماوية، تلك الرسالات التي خُتمت برسالة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، فيكاد يكون لجميع الأنبياء والرُّسل الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم صلة بها، فنبيّ يمرّ بها، ونبيّ يدعو فيها، ونبيّ يُدفن فيها. ومحمّد صلى الله عليه وآله سلم أُسريَ به إليها، وأمَّ الأنبياء في المسجد الأقصى، وعُرج به منه إلى السماء، فشرف الله بذلك هذا المسجد وأرض فلسطين تشريفاً عظيماً.
وعلى الرغم من اختلاف الآراء والتوجهات المذهبية والطائفية عند المسلمين بقيت القدس في قائمة المقدسات لدى جميع الطوائف الإسلامية وغير الإسلامية أيضاً، ولو قلنا إن القدس رمز لوحدة المسلمين فهي أيضاً رمزٌ لوحدة العالم عند الإسلام والمسيحية، ففيها كنسية القيامة ومهد السيد المسيح و في كنفها عاش سيدنا يحيى و زكريا عليهما السلام و سيدتنا مريم العذراء، وتعتبر تاريخياً من أهم المعالم الأثرية والتراث العمراني لمختلف الحضارات القديمة عند كلا الطائفتين المسلمة والمسيحية.
بعد احتلال الصهاينة للفلسطين عام 1948م أصبحت قضية القدس القضية الكبرى للعرب وللمسلمين كافة وهذا ما أجمع عليه جميع علماء المسلمين لإنها قبلتهم الأولى، ولهذا يعتبر من الواجبات الدينية المقدسة الدفاع عن هذه الأرض التي باركها الله تعالى، لذلك فإنه من الواجب الشرعي والديني أن تقف الأمة الإسلامية قاطبة إلى جانب القضية الفلسطينية ونصرة أهلها ضد الغاصبين والمحتلين الصهاينة.
عندما سأل مرة موشي ديان وزير الدفاع الصهيوني الأسبق بن غوريون مؤسس الكيان الصهيوني : "متى تسقط اسرائيل؟ أجاب بن غوريون: عندما تخسر أول حرب" [1]. أن العامل الرئيس في تحقيق أكبر خسارة للكيان الصهيوني وإلحاق الهزيمة به هو عندما لايحقق أهدافه أي عندما لايربح المعركة فهذا بمثابة هزيمة له حتى لو لم ينتصر، كينونة المحتل الإسرائيلي وجدت بهدف محدد وهو تفرقة العرب و التوسع على حساب أصحاب الأرض بحجة أن لهم تاريخ هناك، وهذا التاريخ هو من جعلهم كيان مزيف لإنه جعليّ مثلهم. ولهذا تعتبر أية وحدةٍ تقام على صعيد التصدي للكيان الإسرائيلي من أكبر التهديدات التي تنبىء بنهاية هذا الكيان الغاصب وتجعله يخسر الحرب.
إن مايحصل في غزةَ الآن إبادة جماعية لأمة بكاملها وقد اتبع الصهاينة سياسة ممنهجة عبر السنوات الماضية لتحقيق ذلك حتى يتمكنوا من إركاع الشعب الصامد هناك وترحيله من أرضه وتهجيره عنوة حتى لايبقى من يشاركهم الأرض التي احتلوها، سياسة قضم الأراضي وبناء المستوطنات غير الشرعية دولياً والتي كانت تعمل اسرائيل على توسيعها بالتوازي مع شن حروب وحملات عدوانية على شعب يعتبر هو صاحب الأرض لتغطية أعمالهم الإجرامية في سرقة الممتلكات والحقوق. بلأمس القريب أعاد أبطال المقاومة كتابة التاريخ من جديد، وفاجأوا العالم بأسره أن إسرائيل مجرد وهم زرعه المتآمرون وأولهم الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، فكانت صورايخهم رداً على عدوان دام لسنين طويلة وعملية طوفان الأقصى هي لاستعادة كرامة الأمة العربية والشعب الفلسطيني المظلوم.
يؤسفنا القول أنه في غزة وُأِدَت الإنسانية في مهدها وهناك تجرد البشرُ من أحاسيسهم فلا أذنٌ تسمع ولا عينٌ ترى ولا قلب يرأف لأطفالٍ مُزقت أجسادهم لأشلاءً وشيوخ ونساء رحلوا بدون ذنب تحت الأنقاض، أوصدوا كل الأبواب أمام الرحمة والإنسانية. هنا في أرض الميعاد ومهد المسيح رمز السلام تستباح الإنسانية والسلام، اليوم يتوجب على الأمة الإسلامية أن تساند وتدعم الشعب الفلسطيني لينال حريته فكل محتلٍ إلى زوال هكذا علمنا التاريخ وهكذا نربي أجيالنا لتبقى القضية الفلسطينية هي قضية المسلمين الأولى ولكل أحرار العالم.
اليوم يتدخل الأمريكي ليس لمساعدة الكيان الصهيوني بل لانقاده من السقوط وبالتالي الزوال. أن تخسر الحرب مع لاعب خارج الدولة كان كارثة على الكيان الصهيوني، لإن الهزيمة مرغت أنفه في التراب. أن تتعزز الترسانة الأمريكية بـ 900 جندي إلى الشرق الأوسط دفاعا عن ”دولة نووية” وجيش لا يقهر كارثة اكبر، وترسيخ بان الكيان الصهيوني أوهن من بيت العنكبوت وتأكيد بأن المقاومة الفلسطينية تطورت بما يتناسب مع سياسة الردع المطلوبة لإذلال المحتل حيث كان نجاح المقاومة الفلسطينية مدويا ولم يستسغه الغرب الموالي دوما للصهاينة !.
لقد كان من الملفت أن ينتج عن عملية السابع من اكتوبر الكثير من الإنجازات التي كان يصعب تحقيقها قبل هذا التاريخ، وإذا كان الغرب قد عمل على توظيف الإسلام والإسلاميين سياسياً في التاريخ الحديث ضد حركات الاستقلال وحركات التحرر الوطني المنتفضة عليه، كما حصل في السنوات العشر الماضية من خلال ما سمي "بالربيع العربي" الذي لبس عباءة الإسلام والفكر المتطرف وبث التفرقة بين المسلمين أنفسهم وخاصة بين الشيعة والسنة، فإن من مآثر عملية "طوفان الأقصى" وتداعياتها أنها ومن الحظة الأولى لتلك المعركة، وحّدت السنة والشيعة، وأنها، ثانياً، وحّدت العرب وغير العرب من المسلمين، وثالثاً، وحّدت الوطنيين والقوميين مع الإسلاميين من جديدٍ، تحت راية مناهضة للصهيونية والإمبريالية.
لقد مثلت عملية "طوفان الأقصى"، بهذا المعنى، لحظة تاريخية تتجاوز أثرها العسكري المباشر. فقد أوقدت شعلة الأمل من جديد في كسر تراسانة العدو واسطورة الجيش الذي لايقهر، ونلاحظ هنا على وجه الخصوص من وجهة نظر شرعية، تقاطع ما أصدره الأزهر الشريف [2]، وما صرح به الإمام الخامنئي [3]، رداً على من دانوا استهداف المستعمرين المستوطنين في غلاف غزة، بأن المستعمر المستوطن ليس "مدنياً" ولا يعد كذلك، وهو الموقف القومي العربي والوطني المقاوم أيضاً عندما لا يكون مخترقاً وليبرالياً.
جميعنا لم نتفاجىء بموقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمظاهرات المليونية في شوارعها تأيداً لنصرة الشعب الفلسطيني وتنديداً بجرائم الإحتلال، لإنها أصبحت عندهم قضية مركزية ينادون بها في مختلف المحافل الدولية والمحلية وحتى في مدارسهم وجامعاتهم، فنصرة الحق ونصرة الشعب المظلوم في غزة لاتعرف التفرقة بين مذهب وآخر أو بين دين إسلامي وآخر فالكل مسلمٌ وعليه واجب الوفاء لأخيه المسلم.
[1] https://2h.ae/ZoYc
[2] https://2h.ae/lQny
[3] https://2h.ae/iCfq