خمس حقائق أكدتها مناورة المقاومة في عيد انتصارها
خمس حقائق أكدتها مناورة المقاومة في عيد انتصارها
خطفت المناورة التي أجرتها المقاومة في أحد معسكراتها في كسارة العروش قرب عرمتى، احتفالاً بعيد المقاومة التحرير، خطفت الأضواء، فكانت محط اهتمام وتعليقات محلية وعربية ودولية، لما لها من دلالات وانعكاسات مباشرة على مجرى الصراع مع كيان الاحتلال الصهيوني، وعلى مصير الخطة الأميركية الصهيونية التي استهدفت، منذ انتصار المقاومة التاريخي والاستراتيجي على جيش الاحتلال الصهيوني، إضعاف المقاومة وشيطنتها، وبالتالي إنهاء مفاعيل ونتائج انتصارها المدوّي عام 2000…
إنّ كلّ من شاهد وتابع مجريات المناورة التي أجريت بالذخيرة الحية، لا بدّ له من أن يخرج بجملة من الحقائق، أهمّها:
الحقيقة الأولى، إنّ المقاومة طوال السنوات الماضية، التي كانت تتعرّض فيها لهجمة أميركية «إسرائيلية» استخدمت فيها كلّ أنواع الحروب الناعمة، والأدوات المحلية، كانت تواصل استعداداتها، وبناء قدراتها، وإجراء التدريبات التي تمكنها في أيّ حرب مقبلة للانتقال من الدفاع إلى الهجوم في مواجهة العدو الصهيوني، وقد دللت المناورة على ذلك من خلال محاكاتها لعملية تحرير الجليل المحتلّ في شمال فلسطين المحتلة، بتنفيذ هجوم على إحدى المستعمرات الصهيونية وتحريرها وأسر جنود صهاينة وتدمير الجدار العازل، واستخدام المُسيّرات في الهجوم… على أنّ ذلك كان بمثابة ترجمة واستجابة عملية لكلام قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله الذي دعا مجاهدي المقاومة في وقت سابق، إلى أن يكونوا مستعدّين لتحرير الجليل المحتلّ إذا ما طلبت منهم قيادة المقاومة يوماً القيام بذلك..
الحقيقة الثانية، إنّ المقاومة، نجحت في تعزيز قوتها الردعية، بامتلاكها المزيد من القدرات التي تسهم في ذلك، لا سيما الصواريخ الدقيقة، القادرة على ضرب أيّ هدف استراتيجي في فلسطين المحتلة، إلى جانب امتلاك الطائرات المُسيّرة، ووسائل الدفاع الجوي التي يعرف العدو أنها باتت بحوزة المقاومة التي لا تفصح عنها وتتركها لمفاجأة العدو في الحرب المقبلة.. والمناورة إنما جاءت للكشف عن جزء يسير وهام من القدرات والاستعدادات القتالية للمقاومين مع استخدام وتظهير بعض الأسلحة في رسالة مباشرة للعدو الصهيونيّ تحذّره فيها من أيّ محاولة لتغيير قواعد اللعبة والاشتباك التي فرضتها المقاومة في الصراع معه.. وانّ العدو الذي أخفق في استعادة قوته الردعية مع قطاع غزة، في الجولة الأخيرة من عدوانه الذي استهدف حركة الجهاد الإسلامي، هو أعجز من مجرد التفكير في السعي إلى تحقيق ذلك مع المقاومة في لبنان…
الحقيقة الثالثة، إنّ المقاومة بعد 23 عاماً على انتصارها التاريخي والاستراتيجي على جيش الاحتلال وإلحاق الهزيمة به، نجحت في إحباط المخطط الأميركي «الإسرائيلي» للنيل من هذه المقاومة التي قدّمت النموذج والمثال على إمكانية هزيمة جيش الاحتلال وتحرير فلسطين بالمقاومة الشعبية المسلحة، وتحطيم أسطورة وقوة وجبروت هذا الجيش، الذي صُوّر على أنه قوة لا تُقهر ولا يمكن للعرب هزيمتها… فإذا بها أوهن من بيت العنكبوت…
الحقيقة الرابعة، إنّ السلاح الذي امتلكته المقاومة التي هزمت جيش الاحتلال، وأذلّته، كان ولا يزال هو المقاومون الذين يملكون قبل السلاح روح الاستعداد للتضحية والاستشهاد في سبيل تحرير الأرض والدفاع عن الحقوق والكرامة الوطنية في مواجهة عدو صهيوني محتلّ وغاصب.. وإن هذه الروح التي يتميّز بها المقاومون هي الأساس في تحقيق الانتصارات، أما السلاح الذي تملكه المقاومة إنما هو عامل مساعد.. هذا ما أردت قيادة المقاومة أن تظهره في المناورة التي عكست هذه الروح لدى المقاومين الذين لا يضيّعون الوقت ويواصلون التدرّب على كلّ وسائل القتال استعداداً للمعركة الكبرى مع العدو الصهيوني، ليكونوا فيها قادرين على تحقيق نصر جديد..
الحقيقة الخامسة، إنّ المقاومة بعيدة كلّ البعد عن الاستعراض والظهور العلني، والمرة الوحيدة التي أرادت فيها تظهير بعض من قوّتها كانت في هذه المناورة بهدف وحيد وهي القول للعدو الصهيوني، بأنها طوال السنوات الماضية كانت تستعدّ وتتحضّر للمعركة المقبلة، وجهدها كان ولا يزال منصباً على بناء وامتلاك المزيد من عوامل القوة لتحصين لبنان في مواجهة الخطر الصهيوني، ودعم نضال ومقاومة الشعب الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، ولهذا فإنّ كلّ أحلام الصهاينة وأسيادهم الأميركيين لم تتحقق في إضعاف المقاومة والنيل من قوتها رغم كل ما دفعوه وأنفقوه من أموال لحياكة المؤامرات والفتن ضدّ المقاومة، لأنّ قيادة المقاومة كانت واعية ومدركة لها وعرفت كيف تفوّت الفرصة على أعدائها، وتحافظ على علاقتها مع جماهيرها وبيئتها الشعبية الحاضنة لها، التي كانت وستبقى تشكل أساس قوّتها.. فالمقاومة تدرك جيداً أنه من دون الحفاظ على عمقها الشعبي فإنها تصبح عارية يسهل القضاء عليها، كما السمك عندما يخرج من الماء فإنه يفقد الحياة.
لهذا كله فإنّ المناورة حققت هدفها في إحداث القلق في قلب الكيان المحتلّ، خصوصاً لدى أجهزته الأمنية والعسكرية، حيث رأى المعلقون الصهاينة انّ حزب الله بات حاضراً لكلّ السيناريوات.. وهو بات جيشاً منظماً مع وحدات خاصة وأسلحة وإنْ لم يعرض خلالها صواريخه الدقيقة التي تطيّر النوم من عيون المؤسسة الأمنية الإسرائيلية…
حسن حردان