حرب الفضاء

مع تزايد المنافسة الجيوسياسية بين الدول، أصبح الفضاء مجالاً لتلك القوى المتنافسة لتظهر قوتها وقدراتها. إنهم يحاولون أن يكونوا أول من يستفيد من الثروات الممكنة من الفضاء وخاصة القمر. ويريدون أن يتفوقوا في مجال يعتقدون أن أهميته تتزايد يومًا بعد يوم. لقد أصبح هذا السباق الفضائي الجديد ممكنًا بفضل التقدم التكنولوجي ويرافق ذلك عدد من التجارب المهمة والمهمات إلى سطح القمر. وهذا يضع الولايات المتحدة وشركائها في مواجهة الصين وروسيا، ومن المتوقع أن يكون لهذا السباق الفضائي عواقب ونتائج واضحة على مستوى العالم.

مارس 19, 2024 - 11:13
حرب الفضاء
حرب الفضاء

مع تزايد المنافسة الجيوسياسية بين الدول، أصبح الفضاء مجالاً لتلك القوى المتنافسة لتظهر قوتها وقدراتها. إنهم يحاولون أن يكونوا أول من يستفيد من الثروات الممكنة من الفضاء وخاصة القمر. ويريدون أن يتفوقوا في مجال يعتقدون أن أهميته تتزايد يومًا بعد يوم. لقد أصبح هذا السباق الفضائي الجديد ممكنًا بفضل التقدم التكنولوجي ويرافق ذلك عدد من التجارب المهمة والمهمات إلى سطح القمر. وهذا يضع الولايات المتحدة وشركائها في مواجهة الصين وروسيا، ومن المتوقع أن يكون لهذا السباق الفضائي عواقب ونتائج واضحة على مستوى العالم.[1].

ولذلك فإن أهمية اكتشاف الفضاء وتطوير التقنيات الفضائية تتزايد يوما بعد يوم. ومنذ عقود مضت، ذكر ريغان في برنامج الفضاء الأميركي وأظهر طموحاتهم للسيطرة على الفضاء وغزوه بحجة هجوم فضائي من خارج الأرض أو هبوط أول إنسان على سطح القمر، وهو ما كان يعتبر إنجازا كبيرا للبشرية. بعد عدة عقود، يبدو أن مسألة الفضاء والسيطرة عليه أصبحت حديثاً مهماً بين دول العالم، وخاصة الدول العظمى، وربما هذه المرة سستستبدل بحرب النجوم والمعارك مع الكائنات الفضائية، وعلينا أن ننتظر لنشاهد المعركة بين أبناء الأرض في الفضاء. لأن السيطرة على الفضاء، وخاصة القمر، تعني الحصول على المزيد من الامتيازات وقدرات تفاوضية أعلى في التعاملات المستقبلية.

المنافسة الكبرى

بدأتت القضية عندما اتهمت الولايات المتحدة روسيا والصين بعسكرة الفضاء، وشددت الحكومة الأمريكية متذرعة  بأن القدرة الدفاعية للبلاد ليست كافية ضد أي هجوم فضائي روسي، وهذه نقطة ضعف لهذا البلد. لذلك و في هذا الشأن هم يحاولون تغطية نقاط ضعفهم وتحويلها إلى نقاط قوة. ولهذا السبب، أرسلت وزارة الدفاع الأمريكية حمولة سرية للغاية إلى الفضاء منذ وقت ليس ببعيد، ولكن لا تتوفر معلومات كافية وتفاصيل كثيرة عن تلك المهمة.

وفي الوقت نفسه، تسعى الصين أيضًا إلى تطوير تقنياتها الفضائية، وتبرر تصرفاتها بنفس منطق الولايات المتحدة. وبطبيعة الحال، تصر الصين على أنها لا تسعى إلى عسكرة الفضاء، وإذا تم اتخاذ أي إجراء، فإنه يتماشى مع العقيدة الدفاعية للبلاد وأن أنشطتها سلمية تمامًا. ومع ذلك، فإن وجهة نظر القوى العظمى فيما بينها ليست مواتية للغاية لبعضها البعض، وخاصة في الآونة الأخيرة، أصبحت هذه القضية أعمق بكثير وأكثر حساسية وخاصة فيما يتعلق بمجال تقنيات الفضاء وتطويرها.

وشددت روسيا، رغم رفضها ادعاءات الولايات المتحدة، على ضرورة تجنب التوتر والتشاؤم لأن التكاليف ستكون باهظة الثمن على الجميع. وإلى جانب هذا الرأي، وسعت روسيا تعاونها الفضائي مع الصين، وبحسب بعض التصريحات، فإن هاتين الدولتين تتطلعان إلى بناء قاعدة نووية على القمر لحماية الأرض" [2].

ويكشف هذا الموضوع أهمية رؤية هذه الدول للفضاء، ويبدو أن معركة استراتيجية للاستيلاء على الفضاء بشكل أكبر وأسرع بدأت تتشكل وتظهر معالمها. وهذه القضية، التي ليس لها تاريخ بعد الحرب الباردة، يمكن أن تكون أساساً لحرب باردة جديدة قادمة وشاملة.

ومع وجود عناصر غنية ومعادن تقدر قيمتها بتريليونات الدولارات على القمر، فإن الحصول على تقنيات القمر الصناعي الأول له أهمية كبيرة؛ ولهذا السبب تخطط العديد من الدول والشركات الخاصة لإطلاق مهمات ورحلات فضائية إلى القمر في العقد المقبل.

إن الدول التي تنجح في تسخير هذه الموارد لن تكون في وضع فريد للسيطرة على الأسواق المستقبلية فحسب، بل ستلعب أيضًا دورًا مهمًا في آليات إدارة كوكب القمر.

يقول نامراتا جوسوامي، خبير سياسة الفضاء والأستاذ بجامعة ولاية أريزونا: "ستكون التكنولوجيا هي المفتاح لهذا السباق الفضائي". لقد علمنا التاريخ أن البلدان التي تمكنت من الوصول إلى الموارد الرئيسية هي تلك التي تضع قواعد النظام الدولي الذي وجدنا أنفسنا فيه الآن، وستكون لها الكلمة في المستقبل أيضا".[3]

 إن الوعود بالنشاط الاقتصادي عبر الأقمار الصناعية أمر جذاب بالنسبة للعديد من البلدان، وهي تنحاز إلى جانب الولايات المتحدة أو الصين حيث تسعى كل قوة عظمى إلى شركاء متشابهين في التفكير لدعم رؤيتها لاستكشاف الفضاء واستخراج الموارد الغنية منه. في الواقع، هذه حرب باردة خارج كوكب الأرض، يمكن أن تصبح حربًا في الفضاء إذا لم يتم السيطرة عليها، وهو الأمر الذي ربما لم يعد حلمًا أو خيالًا. وإذا لم تجد القوى الكبرى حلاً لها، فسوف تتحول بلا شك إلى أزمة عالمية عبر الفضاء.

امین مهدوی

 

 


[1] cnbc.com

[2] Rt.com

[3] japantimes.co.jp