«ثلاثة أيام وعقدان»: رواية المقاومة الأولى للتحرير
«ثلاثة أيام وعقدان»: رواية المقاومة الأولى للتحرير
دخل «الإعلام الحربيّ» في المقاومة الإسلامية ساحة «حرب الرواية» في مواجهة السرديات الإسرائيلية، وأنتج وثائقي «ثلاثة أيام وعقدان» بالشراكة مع مؤسسة «الحقيقة» التابعة لاتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلاميّة.
في الوثائقي، جلس قادة المقاومة، للمرّة الأولى، أمام الكاميرا لتفريغ ذاكرتهم. كان الأمر مربكاً بعض الشيء. جلّهم لم يعتد العدسات، كما اعتاد السلاح. لم تكن الكاميرا رفيقة جيّدة بالنسبة إليهم، لكنهم تعاملوا مع الأمر الواقع.
يعالج الوثائقي رواية مستقاة من الإفادات المباشرة لقادة المقاومة ومقاوميها، ومن محاضر جلسات قياداتها إبان الاحتلال الإسرائيلي (18 وثيقة)، ومن المقاومين الميدانيين الذين واكبوا عملية التحرير عام 2000. ويستعرض الأحداث المفصليّة لتلك الحقبة، وتشكيل منطقة الشريط الحدودي، وتأسيس ميليشيات العملاء بقيادة أنطوان لحد. كما يعرض لاستراتيجيّة المقاومة، ومجمل الخطط العسكريّة والأمنيّة التي اعتمدتها، إلى جانب الحرب النفسيّة التي مارستها ضدّ العملاء.
إلى جانب أرشيف «الحربيّ»، جُمع أرشيف من الجهات الحزبيّة، وقناة المنار، وإذاعة النور والعهد. وأسهم أهالي البلدات والقرى في تقديم ما يملكون من وثائق عن تلك المرحلة. وجرى تصوير مشاهد جديدة جويّة وميدانيّة (75 ساعة تصوير) لمحاكاة كلام المتحدّثين. ووصل عدد ساعات الفيديو المستخدمة إلى 400 ساعة، و5000 صورة، مدعومة بأرشيف الصحف اللبنانيّة (10000 مقتطف).
فنّد المعدّون الرواية الإسرائيليّة، فجمعوا كتباً وصحفاً ومقالات إسرائيلية تطرّقت للتحرير. وتُرجمت نحو 700 صفحة إلى العربيّة، لمقارنتها مع الوقائع. ولم يغفل المحقّقون عن الكتب العربيّة (1200 صفحة) والإنكليزية (1850 صفحة) حول تلك الحقبة. وأجرى فريق العمل أكثر من مئتي مقابلة مع شخصيات لها صلة بالتحرير، من بينهم، للمرة الأوّلى، تسجيل مباشر مع قادة جهاديين وأمنيين من الصفّ الأوّل في المقاومة. على أن يكون عرض ما قدّموه مطروحاً بطريقة إخراجيّة لا تحتوي صوتاً لهم ولا صورة، بل جرى تحويلها إلى وثائق في غرفة أرشيف. وأجرى المعدّون تحقيقاً مع 220 شخصيّة، وتم تصوير مقابلات مع 152 شخصيّة، بينها 52 شخصيّة عسكريّة وأمنيّة، استخدمت فيها تقنيّة الـTalking heads (التحدّث مباشرة إلى الكاميرا). بعد تفريغ وتحليل جميع المقابلات والبيانات، أخيراً، جُمعت الرواية.
في هذه السلسلة، يجلس الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله أمام الكاميرا، هذه المرّة، للتحدّث إليها لا إلى الجمهور. إذ كانت «رواية التحرير» فكرته في الأصل. وقد وثقها على مدى ساعتين. سرد الأحداث كأنها حصلت للتوّ، من دون إهمال أي تفصيل.
يعرض الوثائقي في أربع حلقات المراحل المفصليّة لقضايا جزين، أرنون، عرمتى، والقنطرة. ويضيء على الحرب الأمنيّة ضدّ العملاء، وعملية الأسر في كوكبا، واقتحام مواقع كالبياضة وعرمتى، ودور كلّ منها في تلاشي العدو وانكساره. ويستكمل الوثائقي معالجة تلك المرحلة باستعراض للمفاوضات والمسار السيّاسي والدور اللبنانيّ الرسمي. كما يُبيّن دور الشهيد عماد مغنيّة بشكل مختلف. إذ يحرص المعدون على تعريف الجمهور على دوره في قيادة العمليات ميدانياً، وسيحمل اقتحام موقع عرمتى مفاجأة للمشاهدين.
ويعرض الوثائقي لرواية محكمة، وتسلسل زمني مُفصّل للوقائع التي صنعت «رواية النصر». واستخدم المعدون أسلوباً فنياً روائياً جديداً، تُرجم في بعض الأحيان بالمواد البصريّة والغرافيك المُتقن. وستدخل المرأة أيضاً للمرة الأولى في العمل الخاص بالإعلام الحربي. حيث تطل سيّدات في المشاهد التمثيليّة، وبينهن من كان لهنّ دور ميدانيّ وقتذاك. ختام الوثائقي يختصر كلّ الحكاية. «هي أوهن من بيت العنكبوت»، عبارة أعلنها نصرالله في 26 أيار في بنت جبيل 2000، مهدياً النصر إلى جميع اللبنانيين.