تعزيز العلاقات العميقة بين إيران وكوبا

لقد استضافت الحكومة الإيرانية الرئيس الكوبي وجرى اللقاء بالتنسيق السابق بين البلدين على مستوى رئيسي البلدين. دولة كوبا التي تقع في قارة أمريكا الوسطى تبعد عن الولايات المتحدة 100 كيلومتر فقط وتعتبر من أقرب الدول للولايات المتحدة من الناحية الجغرافية. خلال الحرب الباردة، كلما أراد الاتحاد السوفيتي الضغط على الولايات المتحدة، حاول تهديد الولايات المتحدة ضمنيًا من خلال الاقتراب من كوبا وتبادل الأسلحة مع هذا البلد حيث كان لهذه الاستراتيجية السوفيتية نتيجة كادت أن تؤدي إلى حرب واسعة النطاق في مرحلة ما ولم يمضي وقت طويل على ذلك حتى سارعت الولايات المتحدة لحل هذه القضية من خلال التخطيط وإدارة التوتر بين البلدين1.

والآن، وبعد سنوات من العقوبات، حاولت كوبا إعادة بناء بلدها من خلال حل مشاكلها مع الولايات المتحدة وتغطية نقاط ضعفها الداخلية، لكن التجربة أظهرت أنه حتى عندما ترفع الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على البلاد، فإن ذلك لا يخلق ضمانا للبلاد والدولة المحاصرة لحل مشاكلها. كوبا مثال واضح على الحجة المستمرة لقادة الحكومة الإيرانية بأن رفع العقوبات ليس أكثر من مجرد أمنيات. بهذه التفسيرات، وضعت كوبا على جدول أعمالها بعد أن تعلمت من تجارب السنوات الماضية، إقامة علاقات واسعة مع دول الشرق. يعد وضع كوبا في خطة الصين الكبرى المعروفة باسم "الحزام والطريق" أحد أهم استراتيجيات الجبهة الشرقية للتقرب من كوبا2، كما كانت لروسيا علاقات عميقة مع كوبا لفترة طويلة وفي الأشهر الأخيرة بسبب الأزمة الحادة في نقص الطاقة والبنزين في كوبا، أظهرت روسيا تصميمها على تعزيز العلاقات بين البلدين من خلال مساعدة هذا البلد.

وكانت إيران أيضًا إحدى المرتكزات التقليدية لكوبا لزيادة التبادلات الاقتصادية وغير الاقتصادية. بعد الثورة الإيرانية، حيث كانت كوبا من أوائل الدول التي اعترفت بثورة الشعب الإيراني. وهذا الموضوع جعل إيران تنظر إلى هذا البلد دائماً على أنه صديقها المقرب3.

وفي السنوات التي تلت الحرب المفروضة، كانت العلاقات بين البلدين متوازنة حتى تولت الحكومة الـ13 السلطة واهتمت جدياً باستراتيجية (الصديق الأول) واتجهت الأنظار إلى الدول الصديقة.

لدى طهران وهافانا إمكانية التعاون في أبعاد مختلفة:

 الأبعاد العسكرية، فبعد انتهاء العقوبات العسكرية المفروضة على إيران في قرار مجلس الأمن رقم 2231، أصبحت طهران تتطلع إلى الأسواق العسكرية لدول العالم، وتقوم استراتيجية إيران على إعطاء الأولوية للدول الصديقة لها بإن إمدادات احتياجاتهم العسكرية مستقرة وآمنة، وبعد انتهاء الحرب الباردة وانتهاء الدعم الذي كان يقدمه الاتحاد السوفييتي، عانى الجيش الكوبي من انخفاض مستواه ويحتاج إلى الدعم الفني واللوجستي. وتعد إيران أيضًا أحد الخيارات المفضلة لكوبا نظرًا لخدماتها الفنية والعسكرية الرخيصة نسبيًا.

من المطالب الدائمة والهامة للدول المتقدمة في العالم الوصول إلى امتلاك قواعد عسكرية في مناطق بارزة وحساسة من الكوكب. وإيران ليست مستثناة من هذه القاعدة، حيث أن توفير أحد موانئ كوبا لإقامة قاعدة عسكرية أو مدنية سيخلق مستوى عالٍ من التفضيل لطهران.

من الناحية الاقتصادية، يمكن لدولتين لهما احتياجات مختلفة وفي نفس الوقت تلبية احتياجات بعضهما البعض من خلال سياسة تبادل السلع مقابل السلع دون استخدام العملات المشتركة في العالم. فإيران غنية بالطاقة وكوبا أيضا بحاجة للطاقة ولهذا السبب ومن خلال تبادل الطاقة بالمنتجات الحيوانية أو القهوة يمكن تغطية احتياجات البلدين.

ومن الإمكانات الأخرى لكوبا أيضاً هي في مجال المياه. وفي عالم يواجه الجفاف، فإن استخدام المعرفة التقنية للشركات الإيرانية لمعالجة هذه المادة الحيوية يمكن أن ينتج قيمة مضافة عالية لكلا البلدين.

وبشكل عام، فإن تعزيز العلاقات بين البلدين في العام المقبل يمكن أن تزيد الضغط على الولايات المتحدة. وعلينا أن نأخذ في الاعتبار أنه في العام المقبل ستجرى الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وبحسب تجربة حكومة هذا البلد، فإنها تحاول اعتماد شروط سلمية لسياستها الخارجية والداخلية، بل إنها مستعدة أيضاً لمنح امتيازات متعددة إلى الدول المنافسة لها من أجل استثمار هذا الامتياز في استخدامه للسباقات الرئاسية لصالحها.

 امیرعلی یگانه

1.  https://www.redalyc.org/pdf/767/76700909.pdf

2. https://www.silkroadbriefing.com/news/2021/11/01/cuba-joins-belt-and-road-initiative-energy-partnership/

3.  https://www.mei.edu/publications/enemy-my-enemy-us-and-cuba-iran-ties