ترحيب سعودي بالربط السككي مع إيران

ترحيب سعودي بالربط السككي مع إيران

يوليو 19, 2023 - 08:18
ترحيب سعودي بالربط السككي مع إيران
ترحيب سعودي بالربط السككي مع إيران

الربط السككي وإمكانية إنشاء مسار بين دول أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى وحتى تركيا مع البلدان الواقعة جنوب الخليج الفارسي عبر الأراضي الإيرانية، لا يجلب فقط فوائد إقتصادية لإيران، بل ستصبح إيران عملياً مساراً آمناً وسريعاً للتجارة والسفر ونقل البضائع.

نقلت صحيفة “الجريدة” الكويتية، عن كبير مراسلي صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية في شؤون الشرق الأوسط جورج مالبرونو، أن السعودية ترحب بربط السكك الحديد بإيران.

ونقل مالبرونو، في تغريدة، عن رجل أعمال سعودي: أن الرياض تدرس الربط السككي مع إيران عبر الكويت والبصرة. وخلال زيارة محمد بن سلمان الأخيرة إلى فرنسا وعلى هامش منتدى الاستثمار الفرنسي – السعودي في باريس، كان هناك حديث عن هذا الخط الحديدي الذي سيمر عبر الكويت والبصرة.

وبغض النظر عن صحة هذه الأخبار والرغبة والإرادة السياسية للجهات الفاعلة المشاركة في هذا المشروع، يجب بداية تحليل البنية التحتية الحالية في هذه البلدان الأربعة حتى يمكن مناقشة عن هذه الأخبار من منظور أفضل.

 سكة حديد شلمجة – البصرة

هناك بعض الملاحظات فيما يتعلق بالتنفيذ الناجح لخط سكة حديد شلمجة – البصرة بطول 36 كم. أولاً، وفقاً للاتفاق، يجب إزالة الألغام المزروعة خلال الحرب المفروضة (الحرب الإيرانية-العراقية 1980-1988) على مسار هذا الخط من قبل إيران، مما يبطئ تقدم المشروع ويفرض تكلفة جديدة على إيران. ثانياً، ورد في بيان وزارة النقل العراقية بوضوح أن خط سكة الحديد المذكورة مخصصة فقط لنقل الركاب، ولا يمكن استخدامها لنقل البضائع.

دليل الجانب العراقي هو أن موانئ إيران بعيدة عن هذا الطريق. ثالثاً، إن وجود إرادة سياسية قطعية من الجانب العراقي (مع الأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل الإقليمية ومجمل العلاقات الإيرانية – السعودية وحالة العلاقات الإيرانية – الأمريكية) ضروري جداً لإكمال هذا المشروع.

يمكن القول أنه حتى في حالة خط سكة حديد شلمجة-البصرة حسب الجدول الزمني المعروض، على الأقل في المدى المتوسط، ​لا توجد مؤشرات حول نقل البضائع عبر هذا المسار، وأنه لن يكون من الممكن نقل البضائع من إيران إلى السعودية عبر خطوط السكك الحديد.

في الواقع، إن طبيعة نقل الركاب من شلمجة – البصرة عبر السكة الحديد استبعد إمكانية تصدير البضائع من الدول العربية -التي قد تكون مرتبطة ببعضها البعض عبر خطوط السكك الحديد- عبر إيران إلى آسيا الوسطى والقوقاز ثم أوروبا. من المهم الإشارة إلى أن شبكة السكك الحديد العامة لدول مجلس تعاون الخليج الفارسي، والتي تبدأ من عمان وتنتهي في الأردن، تمتلك إمكانية الاتصال بالعراق ثم إيران.

كما أن مشروع الطريق العملاق الذي تبلغ تكلفته 17 مليار دولار و1200 كم يعد من أهم مشاريع البنية التحتية للحكومة العراقية، والغرض منه إنشاء ممر بضائع وتجارة بين الخليج الفارسي وأوروبا، ومشاركة إيران في استكمال هذا المشروع قابل للتشغيل من خلال ربط خطوط السكك الحديد الإيرانية بالطرق الرئيسية لهذا المشروع.

ربط سككي عراقي-كويتي-سعودي

القضية التالية في مشروع خط السكك الحديد من إيران إلى السعودية هو ربط الدول الثلاث: العراق والكويت والسعودية. في الاجتماع الاقتصادي المشترك بين السعودية والعراق، تم اقتراح مشاريع مهمة للغاية على بغداد من قبل الجانب السعودي، أحدها إنشاء خط سكة حديد مشترك بين البلدين، يبدأ من شواطئ البحر الأحمر ويمتد إلى أراضي العراق.

بمعنى آخر، لا يوجد ربط عبر خطوط السكك الحديد بين العراق والسعودية. يبدو أن الكويت حريصة جداً على ربط العراق بالسكك الحديد. لأنه بحسب خبر صحيفة “الجريدة”، أعلنت حكومة الكويت موافقة هذا البلد مع السعودية بشأن مشروع الربط السككي بين البلدين لنقل البضائع والركاب؛ لكن الجانب العراقي لا يزال لديه بعض الملاحظات في هذا المجال بسبب التأثير السلبي المحتمل لربط السكك الحديد بالكويت على مشروع الفاو الكبير وطريق التنمية.

لابد من القول أنه في الوقت الحالي، حتى لو كانت هناك إرادة سياسية، لا يوجد احتمال لربط سكك حديد بين العراق والكويت على الأقل، وهذا ما أبقى المشروع بأكمله في حالة من الغموض. يرغب العراق أيضاً بأن يكون طريق عبور الطاقة الوحيد من الخليج الفارسي إلى أوروبا عبر طريق العراق وتركيا واستبعاد الجهات الفاعلة الأخرى. قضية يمكن أن تؤثر على قيمة ممر “الشمال – الجنوب”.

 حالة غموض لدى المستثمرين

النقطة التالية هي حالة الغموض لدى المستثمرين ومقدار الائتمان المطلوب لهذه الخطة. بالطبع أن الخبر الرئيسي تم اقتراحه من قبل صحفي؛ ولكن إذا كانت الأخبار صحيحة وكانت هناك إرادة سياسية بين الدول الأربع، فلا يزال من غير الواضح كيف وفي أي إطار زمني وبأي تكلفة سيتم الانتهاء من هذا المشروع.

في هذا السياق، يجب الإشارة إلى إحياء العلاقات بين طهران والرياض باعتباره القوة الدافعة الرئيسية وراء نشر أخبار هذا المشروع. وإذا استمر الاتجاه الحالي، فيبدو أنه من أجل الاستفادة القصوى من الإمكانات الاقتصادية لإحياء العلاقات الإيرانية – السعودية، من الضروري أن يوضع “تحويل مشروع إحياء العلاقات إلى عملية تطوير العلاقات في المجال الاقتصادي والبنية التحتية” على جدول أعمال الطرفين.

الربط السككي وإمكانية إنشاء مسار بين دول أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى وحتى تركيا مع البلدان الواقعة جنوب الخليج الفارسي عبر الأراضي الإيرانية، لا يجلب فقط فوائد اقتصادية إلى إيران، بل على المدى المتوسط والطويل، ستصبح إيران عملياً مساراً آمناً وسريعاً للتجارة والسفر ونقل البضائع.

إن أي إجراء تتخذه إيران في التعامل مع الحالات المذكورة يجب أن يأخذ بالاعتبار مراعاة الدور النشط للبلاد في طرق الاتصال الإقليمية وخارج الإقليمية، بحيث تؤدي تكلفة تجاوز إيران وفرض التخلف وعدم التنمية إلى منع المنافسين من القيام بإجراءاتهم. إستكمال ممر الشمال – الجنوب بمركزية الهند وروسيا، ولعب دور فعال في خطط الصين الطموحة، والآن الربط السككي مع السعودية والدول العربية الأخرى في المنطقة، سيزيد من الثقل الجيوسياسي لإيران، وحتى لو أصبح مضيق هرمز أقل أهمية لمنافسي إيران الإقليميين وإيجادهم بديلاً مناسباً وآمناً لمضيق هرمز، يمكن لإيران استخدام أدواتها الأخرى في التجارة العالمية والإقليمية.

لذلك، فان الإجراءات المضادة للممارسات المعادية لإيران هو ربط أكبر قدر ممكن في مجال الاقتصاد والبنية التحتية للاتصالات بين إيران والدول المجاورة. يمكن لإيران أيضاً متابعة خطة أكبر مقابل ربط سكك حديد بالكويت والسعودية، وهي خط سكة حديد إلى سوريا.

وهذا يعني أنه يجب التخطيط لسلسلة من مشاريع السكك الحديد بين إيران والسعودية بحضور الدول العربية، الأمر الذي سيربط إيران بسوريا وسيتم تشغيل الطريق من إيران إلى السعودية. ومن أجل تنفيذ كل هذه الأمور، فان الإرادة السياسية لقادة الدول ووجود جو خال من التوتر بينهم أمر ضروري أكثر من أي عامل آخر.

 

المصدر: الوفاق