بودابست هي بوابة أوروبا؟

 إن الزيارة الأوروبية التي قام بها رئيس الصين إلى ثلاث دول أوروبية، جذبت اهتمام العديد من الخبراء في الأيام القليلة الماضية، وقد وصفها البعض بأنها إحدى أهم الرحلات في عهد السيد شي. في هذا السياق يبدو أن على الرغم من الزيارة الطويلة والمفصلة التي قام بها الزعيم الصيني إلى فرنسا، فإن الدولة التي ينبغي أن تحظى بمزيد من الاهتمام هي المجر، حيث تربط الصين بها علاقة منذ أكثر من 70 عقداً، واليوم يعتبر هذا البلد مهم جداً بالنسبة للصين أكثر من الماضي.

مايو 19, 2024 - 15:12
بودابست هي بوابة أوروبا؟
بودابست هي بوابة أوروبا؟

 إن الزيارة الأوروبية التي قام بها رئيس الصين إلى ثلاث دول أوروبية، جذبت اهتمام العديد من الخبراء في الأيام القليلة الماضية، وقد وصفها البعض بأنها إحدى أهم الرحلات في عهد السيد شي. في هذا السياق يبدو أن على الرغم من الزيارة الطويلة والمفصلة التي قام بها الزعيم الصيني إلى فرنسا، فإن الدولة التي ينبغي أن تحظى بمزيد من الاهتمام هي المجر، حيث تربط الصين بها علاقة منذ أكثر من 70 عقداً، واليوم يعتبر هذا البلد مهم جداً بالنسبة للصين أكثر من الماضي.

المجر هي المنطقة الآمنة للصين

لقد دعم رئيس وزراء المجر السيد أوربان دائمًا الصين وروسيا وحاول منع مساعدات الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا. كما أنه، على عكس الزعماء الأوروبيين الآخرين الذين لديهم نهج حذر تجاه الصين، فهو حريص جدًا على توسيع العلاقات الاقتصادية مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم [1].

وفي لقاء الزعيمين، أكد كلاهما على أن علاقتهما يجب أن تصبح علاقة استراتيجية طويلة الأمد في جميع الظروف. وفي الواقع فإن وجهات نظر قادة البلدين قريبة من مستقبل الأحداث العالمية، وهذه النظرة العالمية المشتركة يمكن أن تكون الأساس لنمو العلاقات بينهما. ويمكن ملاحظة وجهة النظر المشتركة هذه فيما يتعلق بالحرب الأوكرانية، حيث أعرب السيد أوربان عن تقديره لتصرفات الصين تجاه السلام في أوكرانيا. وفي الوقت نفسه، يعتقد بعض المراقبين الغربيين أن الصين تقدم الكثير من المساعدات الاستخباراتية واللوجستية لروسيا وعليها وقف هذه التصرفات. ومع ذلك رفضت الصين هذه القضية وركزت بشكل كبير على إنهاء الحرب في أوكرانيا. والواقع أن الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي تريد بجدية إنهاء الحرب في أوكرانيا هي المجر. هذه النظرة المشتركة للقضية الأوكرانية جعلت هذين البلدين أقرب إلى بعضهما البعض. وهو أمر مهم بشكل خاص بالنسبة للصين لأن ألمانيا لم تعد تعتبر الصين أكبر شريك تجاري لها، كما تتعرض المجر أيضًا لضغوط من قبل الاتحاد الأوروبي. كما أصبحت هذه القضية سبباً لتفكير هذين البلدين في زيادة العلاقات بينهما حتى يتمكنا من تأمين مصالحهما الاقتصادية والسياسية.

ومن الممكن أن يكون هذا النهج المشترك، الذي تم التخطيط له ضمن هيكلية تشمل 18 برنامجًا اقتصاديًا، بمثابة بوابة لدخول المزيد من المنتجات الصينية إلى أوروبا بغض النظر عن القيود التي يفرضها الاتحاد الأوروبي. ومن المخطط في هذا البرنامج المشترك بناء مصانع وبعض الصناعات في المجر باستثمارات صينية. وإلى جانب ذلك، لديهم خطوات أكبر في ذهنهم وهي التعاون في مجال محطات الطاقة النووية[2].

وقد أدى هذا التهور من جانب المجر تجاه الصين إلى زيادة غضب القادة الأوروبيين، والسيد أوربان هو أحد المعارضين لإدانة حقوق الإنسان في الصين، وقد حاول دائمًا منع الضغوط الأوروبية في مجال حقوق الإنسان على الصين.

ولم يخفى هذا النهج المجري عن أعين السيد شي، حيث أعلن في مذكرة خاصة أن قيادة السيد أوربان أدت إلى زيادة تعزيز العلاقات بين الصين والمجر، وذكر المجر كوجهة ذهبية لرحلته. كما تعتزم الصين اختيار المجر كوجهة استثمارية أولى في أوروبا الشرقية والوسطى،[3] ومن خلال زيادة التعاملات بين الطرفين سيمنعون انقطاع هذا التعاون الاقتصادي أو الضرر بهذه العلاقة.

في الواقع، من خلال فهم تجربة العلاقات مع الدول الأوروبية، أدركت الصين أن مجرد تقديم الوعود لا يكفي بالنسبة للأوروبيين، واكتسبت خبرة جيدة من انسحاب إيطاليا من خطة الحزام والطريق. ولذلك يبدو أن الصين ستكون أكثر جدية تجاه المجر وستحاول استغلال هذه الفرصة لتعزيز موطئ قدمها في أوروبا.

إلى جانب ذلك، فإن الصين لديها الفرصة لإظهار حسن نيتها للأطراف الأوروبية ومنع تشكيل تحالف عبر الأطلسي ضدها من خلال ميلها إليها. وحتى لو لم تتمكن الصين من جلب أوروبا بالكامل معها، بدعم من العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فإنها قادرة على تقليص قوتها من خلال خلق فجوة في التحالف الأوروبي الأميركي وتأمين مصالحها الطويلة الأجل. ولذلك يتعين على الصين أن تستغل هذه الفرصة الفريدة التي خلقتها أوروبا والفجوة بينهما على أفضل وجه حتى تظل لاعباً مهماً ومؤثراً في النظام الدولي. بالإضافة إلى ذلك يمكنها تقليل الضغوط والنفقات على البلاد. ويبقى أن نرى كيف ستستغل الصين هذه الفرصة وما إذا كانت المجر ستصبح فناءها الخلفي في أوروبا أم لا.

امین مهدوي

[1] nytimes.com

[2] reuters.com

[3] magyarnemzet.hu