بعد ١١ عاماً من الجمود.. لماذا تتجه مصر نحو تحقيق طفرة في العلاقات مع إيران وتركيا؟    

مارس 31, 2023 - 09:39
مارس 31, 2023 - 09:41
بعد ١١ عاماً من الجمود.. لماذا تتجه مصر نحو تحقيق طفرة في العلاقات مع إيران وتركيا؟      

ما بين الجمود في العلاقات المصرية الإيرانية والمصرية التركية هو ١١ عاماً مشتركاً من القطيعة، وكما يقال للضرورة أحكام والواضح أنه للسياسة مصالح أيضاً، فبعد فتور خيم على العلاقات الثنائية بين مصر وإيران ومصر وتركيا تحاول مصر تحقيق طفرة في العلاقات معهما وفي أقرب وقت ممكن.

ها هي الحكومة المصرية اليوم تقرر منح تسهيلات للسائحين الإيرانيين القادمين إلى أراضيها بشروط، وذلك بعد نحو عقد من تجميدها، ما يدفع للتساؤل عن دلالات القرار وأهميته والمكاسب المحتملة منه، ومدى وجود ارتباط سياسي بتوقيته، واحتمالات أن يتبعه تقارب دبلوماسي مع طهران.

وزير السياحة والآثار المصري أحمد عيسى، وخلال إعلانه الاثنين، عن تفاصيل بعض التسهيلات الجديدة للحصول على التأشيرة السياحية لدخول مصر، قال إنه تقرر منح التأشيرات للسياح الإيرانيين لحظة الوصول إلى مطارات "جنوب سيناء".

يبدو للوهلة الأولى، أن التسهيلات المصرية للسياح الإيرانيين تأتي في إطار خطط الحكومة المصرية لزيادة دخل البلاد من السياحة وإنعاش القطاع المتهاوي، والاقتصاد المتهالك.

القرار المصري الحالي يأتي في ظل تقارب سعودي إيراني مطلع الشهر الجاري، واتفاق برعاية صينية علي استئناف العلاقات الدبلوماسية، ثمنته القاهرة، ما يفتح بابا آخر للتساؤل حول احتمالات ارتباط القرار المصري بالتقارب السعودي الإيراني.

وحول دلالات القرار قال الباحث المصري في الشؤون الأمنية أحمد مولانا، إن "تلك الخطوة تأتي بعد التقارب السعودي الإيراني والتفاهم الأخير بينهما والذي ينعكس على تحسن العلاقات بين الخليج (الفارسي) وإيران"، ملمحا إلى أن "الجانب الذي كان يقلق مصر دائما من حدوث تقارب مع إيران أن يزعج هذا دول الخليج (الفارسي) التي تقدم مساعدات للقاهرة".

واستدرك الباحث المصري: "ولكن الآن؛ مع قيام الإمارات والكويت بإرسال سفراء لطهران العام الماضي، واتفاق السعودية على عودة السفراء والعلاقات فإنه لم يعد هناك تخوف بارز في هذا الجانب بالنسبة للنظام المصري، وبالتالي هو طرح مطالبه مقابل تلك التسهيلات".

وفي تقديره قال الباحث في الشأن الإيراني أسامة الهتيمي: "لا يمكن النظر إلى الحديث عن تطورات في العلاقات المصرية الإيرانية وفتح أبواب السياحة المصرية أمام السياح الإيرانيين دون الأخذ في الاعتبار بعدين مهمين أولهما اقتصادي والآخر سياسي".

وعلى المستوى الاقتصادي أضاف أن "مصر تعاني أزمة اقتصادية صعبة للغاية بعد شح الدولار والتراجع الحاد في قيمة عملتها المحلية مما كان له أثره السلبي على قدرتها الشرائية، ومن ثم ارتفاع الأسعار لمستويات غير مسبوقة، وهو ما يدفع بكل تأكيد الحكومة المصرية إلى البحث عن سبل للحصول على العملات الأجنبية، والتي يمكن أن توفر بعضها - نظريا- بفتح الباب أمام السائحين الإيرانيين".

من جهته، يعتبر مساعد وزير الخارجية المصرية السابق السفير عبد الله الأشعل أنه "لا توجد مصلحة في استمرار قطع العلاقات بين مصر وإيران، بل على العكس هناك مصالح استراتيجية للقاهرة من وراء إعادة هذه العلاقات، ستصب في صالح البلدين، خصوصاً الجانب المصري".

ويعدد الأشعل "المنافع التي يمكن أن تجنيها مصر من وراء استئناف هذه العلاقات، بالإشارة إلى تأمين المجرى المائي لقناة السويس، وضمان مرور آمن للسفن من باب المندب، فضلاً عن أن انفتاح مصر على إيران سيسهم في حدوث طفرة سياحية قد تتجاوز 10 ملايين سائح إيراني سنوياً، يتطلعون لزيارة المزارات الدينية ومراقد آل البيت، بالإضافة إلى إمكانية تنامي التبادل التجاري بين البلدين في ظل اتساع رقعة الاقتصادين المصري والإيراني، بشكل ستكون له فوائد على الاقتصاد المصري المتداعي".

أما من ناحية الجانب التركي، وصل قطار تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا إلى محطته الأخيرة في القاهرة قادما من أنقرة، حيث حظي وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، باستقبال حافل في العاصمة المصرية القاهرة، مؤخرا، في أول زيارة من نوعها منذ ١١ عاما.

واعتبر مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير عبد الله الأشعل، أن "مرحلة الاستكشاف التي أعلنتها مصر قبل عامين يبدو أنها انتهت إلى قرار سياسي في القاهرة بأهمية إتمام التطبيع مع أنقرة، بعد الاتفاق الضمني على الخطوط العريضة لشكل ومستقبل العلاقات والملفات العالقة التي على رأسها ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، والوضع في البحر المتوسط".

وأضاف :"سبق أن توقعت أن يشهد العام الحالي تحولات مهمة في علاقات مصر الخارجية وخصوصا في محيطها الإقليمي، حيث تشهد المنطقة تطورات سياسية واقتصادية بالغة الأهمية، ولم تعد سياسة العداء الثنائي تجدي نفعا في محيط ملتهب بالأحداث".

وأشار الدبلوماسي المصري السابق إلى أن "مصر وتركيا الآن بصدد وضع اللمسات الأخيرة لرفع مستوى العلاقات إلى المستوى الرئاسي، وإذا كانت دول الخليج (الفارسي) قد تجاوزت خلافاتها، والسعودية وإيران قامتا بتطبيع العلاقات الدبلوماسية، فلماذا لا تطبع القاهرة علاقتها بأنقرة خاصة أن ما بينهما من الاتفاق والتاريخ المشترك أكبر بكثير من نقاط الخلاف".

على الجانب التركي، أعرب المحلل السياسي والخبير الاقتصادي يوسف كاتب أوغلو، عن اعتقاده بانتهاء المرحلة الاستكشافية وقال إن "بعد هذه الزيارة أتوقع أنه سوف يكون هناك تكامل في العلاقات. مصر هي بوابة أفريقيا، وتركيا هي بوابة أوروبا، وتصل استثمارات الأتراك في مصر إلى 2.5 مليار دولار، ويصل حجم التبادل التجاري إلى أكثر من 11 مليار دولار وهو ما يؤكد أهمية تعزيز وتأصيل العلاقات".

وأكد أوغلو أن "من أهم الأولويات التي توليها تركيا اهتماما كبيرا مع مصر هي ملف ترسيم الحدود البحري. وملف شرق المتوسط باختصار هو ملف الطاقة إلى جانب الملف الليبي، وتركيا أكدت مرارا أن وجودها في ليبيا بناء على دعوة من الحكومة الشرعية في طرابلس ولا يوجد أي تهديد للأمن القومي المصري أو مصالح مصر في ليبيا".

بدوره، يرى الباحث والمحلل السياسي عمر سمير أنه "في الإجمال يعد لجوء القاهرة لإقامة علاقات متوازنة ومستقرة مع جميع القوى الإقليمية المهمة كتركيا وإيران أمراً يخدم المصالح الوطنية المصرية والعربية على حد سواء"، معتبراً أن مثل تلك العلاقات المتوازنة يمكنها أن تعيد مصر وسيطاً إقليمياً مقبولاً في كثير من القضايا الساخنة التي تفتقد وسيطاً جاداً قادراً على حلحلة الأوضاع السياسية وتقديم حلول وسط".

ختاماً يمكن القول أنه لا توجد مصلحة في استمرار الجمود في العلاقات بين مصر وإيران ومصر وتركيا، بل هناك مصالح استراتيجية للقاهرة من وراء لحلحة هذه العلاقات، ستصب في صالح هذه الدول، خاصة مصر، لا سيما في ظل انفراج العلاقلات التي تحدث على مستوى الإقليم، فتحقيق طفرة في العلاقات مع إيران وتركيا لا يعني بالضرورة الدخول في أزمة مع أمريكا أو دول الخليج الفارسي بل إن الأمر قد يسهل للقاهرة لعب دور إيجابي في أزمات إقليمية.

مجد عيسى 

المصادر:

1-https://cutt.us/zL7rm

2-https://cutt.us/uHmO5

3-https://cutt.us/R4WFP