المعادلات الجديدة الناجمة عن الاتفاق الايراني السعودي
شرح الخبير السياسي الايراني "مهدي جهان تيغي" المعادلات الجديدة التي سيخلقها الاتفاق الايراني السعودي في المنطقة وعلى الساحة الدولية، معتبرا هذا الاتفاق الذي تم بوساطة صينية أهم حدث سياسي واقليمي في الآونة الاخيرة.
وكتب الخبير السياسي جهان تيغي في مقال له نشر في الصحافة الايرانية :
يعتبر الاتفاق الايراني السعودي الذي تم بوساطة صينية أهم حدث سياسي واقليمي في الفترة الراهنة وله دلالات هامة نشير الى بعض منها:
اولا، ان سير الاحداث خلال الشهور الماضية يشير بأن السعودية هي الجهة التي كانت تمتنع عن عودة العلاقات ولذلك يمكن الاشارة الى هذه الحقيقة بأن السعودية هي من ارتضت بالاتفاق وليس ايران، وللقبول السعودي بالاتفاق اسباب عديدة، لكن الحقيقة الهامة تبقى ان السعودية هي الجهة التي ارتضت بالاتفاق اخيرا لانها كانت تشعر بصعوبة اكبر في ابرامه لانها كانت مجبرة على كسب الرضا الاميركي او اظهار شيء من الاستقلال في سياساتها الخارجية.
ثانيا، ان الردود الاولية ومنها رضى حركة انصار الله وحزب الله من الاتفاق الايراني السعودي، تظهر بأن ايران ليس فقط أخذت مصالح اطراف جبهة المقاومة في الحسبان بشكل جدي في المفاوضات، بل خلقت ايضا لحلفائها في محور المقاومة فرصا جديدة ايضا، وسترى الحكومة السورية وحركة انصارالله فرصا جديدة أمامهما من الآن فصاعدا في عملهما لتحقيق المصالح الوطنية.
ثالثا، حققت ايران في لعبة الشطرنج الاقليمية عدة معادلات استراتيجية هامة عبر الاتفاق مع السعودية، اولها انها كبحت جماح حرب اقليمية باردة ووضعتها في المسار الدبلوماسي. والمعادلة الثانية تتعلق بالمفاوضات مع الغرب حيث رفعت ايران من رصيدها وقدرتها على التفاوض في مفاوضات رفع الحظر ، وبمعنى اوضح فان الغربيين كانوا قد وضعوا الاتفاقيات الاقليمية كمكافئة ونتيجة لاحقة لابرامهم اتفاقا نوويا مع ايران ، لكن ايران الان ومن دون الاتفاق مع الغربيين حققت هذه النتيجة ، كما ان ايران نجحت من خلال اتفاقها مع السعودية في حصر الغربيين ضمن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 ومن دون أي اضافات وبشكل اكبر من السابق. والمعادلة الثالثة هي قيام ايران وللمرة الثانية بادخال تكتل الشرق في نطاق عمل كتلة الغرب 3ومصالحها الاستراتيجية في منطقة غرب آسيا الاستراتيجية وضيقت الخناق على الغربيين مرة اخرى في هذه المنطقة ، ففي المرة الاولى جعلت ايران روسيا تواكبها في المعركة الكونية في سوريا وافشلت المعادلات الغربية ، وهذه المرة ادخلت ايران، الصين في اتفاق اقليمي، ووضعت الاميركيين والغربيين امام تحد في منطقة غرب آسيا.
رابعا، لا يوجد أي اتفاق دولي له ضمانة تنفيذ بنسبة مئة بالمئة وان الاتفاق الايراني السعودي ليس استثناء في هذا المجال، وان الاداء السعودي في القضايا الخلافية الهامة مع ايران هو الذي سيحدد فترة بقاء وتماسك هذا الاتفاق، لكن ورغم هذا، فان ادخال الصين كقوة اقتصادية ترسم لنفسها آفاقا اقتصادية كبرى في منطقة الخليج الفارسي، كطرف ضامن يمكن ان يكون مؤثرا . ورغم هذا فان تجربة الاتفاق النووي اثبتت بان ايران التي تتحلى بأعلى درجة استعداد للتعامل والحوار والانسيابية ، تأخذ مصالحها والتزام الطرف المقابل بالاتفاق، بعين الاعتبار، وحتى اذا كان الطرف المقابل هو الولايات المتحدة فان مدى التزامها بالاتفاق والمصالح الايرانية هي معيار أي قرار بالاستمرار في الاتفاق أو وقف تنفيذه، وفيما يتعلق بالسعودية فان هذه السياسة الايرانية ستتواصل بصورة جادة وربما بشكل اكثر حساسية.
المصدر: فارس