العلاقات الفرنسية الصينية

مايو 6, 2023 - 12:45
العلاقات الفرنسية الصينية
العلاقات الفرنسية الصينية

لقد مضى زمن طويل على السنوات التي كان فيها الناتج المحلي الإجمالي الفرنسي أعلى من الناتج المحلي الإجمالي للصين. ولكن كما يذكرنا الخبير الإقتصادي كريستيان سانت إتيان، فإن القوى العظمى تتبع توازن القوى فقط. ويعكس تطور العلاقات بين فرنسا والصين خلال العقود الستة الماضية تطور العالم خلال هذه الفترة.

في البداية في عام 1964 عندما اعترف شارل ديغول بجمهورية الصين الشعبية، اتسمت هذه العلاقة بدرجة من الرومانسية والصداقة بين الصين البعيدة والتي كانت تعاني من صراع أيديولوجي وعسكري على السلطة مع الاتحاد السوفيتي استمر من عام 1962 إلى عام 1969وبين فرنسا التي ضعفت في خضم الانتعاش الاقتصادي والصناعي.

كانت فترة الثمانينيات فترة اليقظة بالنسبة للصين، بينما واصلت فرنسا تحديث مسيرتها وكانت تبيع أجهزة السونار للبحرية الصينية وثم بدأت برنامجًا نوويًا مدنيًا أعطاها بعض الاستقلالية في توليد الطاقة. (سونار: جهاز تتبع الغواصات يعمل باستخدام الموجات الصوتية بالإضافة إلى التتبع تستخدم هذه الطريقة عادة للملاحة والتواصل مع الوحدات العائمة و التي تحت الماء)

أكدت شركتي إيرباص وتي جي في (قطار فائق السرعة) على إحياء فرنسا، في حين أن قمع احتجاجات تيان انمن في عام 1989 أضر بصورة الصين في العالم. لكن دنغ شياو بينغ بدأ الإصلاحات الاقتصادية للصين خلال "جولته التفقدية" الشهيرة في جنوب البلاد عام 1992.انعكاس ميزان القوى بعد انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001 حيث انقلب كل شيء. تحت تأثير  أحداث "11 سبتمبر" وبينما أعلنت الصين نفسها حليفًا للأمريكيين في محاربة "قوى الشر" في المقابل نسيت الولايات المتحدة المطالبة بانفتاح حقيقي على الاقتصاد الصيني.

ومع ذلك فإن ازدهار الصين بدأ يتزايد يومًا بعد يوم، دون أي ارتباط نظري بين القط الصيني الذي يمسك بكل الفئران وبدء "مرحلة ما بعد التصنيع" التي قطعت بها مخالب القط الفرنسي، فرنسا التي دخلت القرن الحادي والعشرين بمعدل نمو سنوي قدره 1٪ من 2001حتى عام 2022. ومع هذا عندما ذهب إيمانويل ماكرون إلى الصين قبل أيام قليلة، نسي أن القوى العظمى لا تخضع إلا لميزان القوى. أصبحت فرنسا التي كان ناتجها المحلي الإجمالي ستة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للصين في عام 1964 وسيقل بمعدل ستة أضعاف حتى عام 2023 ، لاعباً ثانوياً بالنسبة لجمهورية الصين الشعبية.

ذهب أولاً إلى الصين على أمل إجبار البلاد على المشاركة الكاملة في نزاع أوكرانيا حتى تسحب روسيا خنجرها من الجناح الشرقي لكييف. ومع ذلك فإن الصين على الرغم من مناشدتها للسلام، هي المستفيد الرئيسي من هذه الحرب إلى جانب الولايات المتحدة التي تستخدم هذا الصراع للسيطرة الاستراتيجية على أوروبا. في الواقع روسيا التي أصبحت ضعيفة بسبب فعلتها، تسقط مثل ثمرة ناضجة في فم تنين لا يستطيع التوقف عن الأكل. خطأ آخر قام به ماكرون بدعوة ضيف مزعج وهي أورسولا فون دير لاين (رئيسة المفوضية الأوروبية وسياسية ألمانية من الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ في ألمانيا وأول امرأة تشغل هذا المنصب في تاريخ ألمانيا) التي كان من المفترض أن ترافقه لكنها قبل الرحلة هزمته من خلال إلقاء خطاب شديد التحدي في 30 مارس حول الصين، وهو خطاب كان من المقرر أن تلقيه بعد شهر والذي كان يهدف في المقام الأول إلى إعلان ولائها لبايدن استعدادًا لمسيرتها المهنية في المستقبل.

أخيرًا لم يشر ماكرون الذي نسى فرنسا ومصالحها في المحيط الهادئ إلى العجز الهائل البالغ 54 مليار يورو في عام 2022 ، مقارنة بـ 5.7 مليار يورو في عام 2000. حيث يتم دفع عجز الميزانية الفرنسية نقدًا. وكان الإعلان المحدود عن بيع الطائرات والمروحيات قيد التفاوض لفترة طويلة. وفي المحيط الهادئ بينما يجب ألا نربط أنفسنا بالأمريكيين الذين طردونا من أستراليا ويجب أن نصر على حرية الملاحة الأساسية.

تعتبر هذه الرحلة فاشلة والتي ينعكس فيها ميزان القوى. لكن لا يزال هناك نوع من الصداقة بين البلدين يذكرنا باليد التي مدتها فرنسا قبل ستة عقود عندما كانت الصين وحدها وعلى وشك الغرق.

 بقلم: كريستيان سانت إتيان

١٢ أبريل ٢٠٢٣