الزمن الفلسطيني الجديد
– اعتادت النخب المؤيدة للقضية الفلسطينية أن ترفع الصوت عند كل مجزرة يرتكبها الصهاينة في فلسطين، إلى مناشدة قوى المقاومة في غزة، وأحيانا محور المقاومة، للرد على هذه المجزرة بواسطة قدراتها الصاروخية، حتى جاء الزمن الفلسطيني الجديد الذي يمثله جيل فلسطيني في الضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة عام 1948، يقدم ردا أشد قيمة بصفته رد شعبي مباشر، وأكثر إيلاما لجيش الإحتلال والكيان بحجم الخسائر التي يرتبها على الكيان ومستوطنيه وجنوده.
– تعاقبت الجازر و تعاقبت وراءها الردود الفلسطينية، وخلال شهور ثبت بما لا يقبل الشك أن العمليات التي ينفذها الأسود المنفردون وعرين الأسود وكتيبة جنين، تترك أثرا سياسيا داخل الكيان وفي الحكومات الغربية والرأي العام العالمي المساند للمقاومة والشعب الفلسطيني، أو المحايد والمترقب، بصورة غير قابلة للمقارنة مع أي فرضية دخول المقاومة في غزة أو خارجها على الخط،، وترتب على ذلك تحول في تقييم مجموعات المقاومة في الضفة الغربية بالطلب من ممثلي فصائل المقاومة التنمي على قياداتها في غزة بترك التفاعلات الناجمة عن عمليات المقاومة النابعة من الضفة ردا على المجازر، وقرار من فصائل المقاومة بربط التدخل بتنسيق مسبق مع مجموعات المقاومة في غزة، و بعناوين وقضايا أوسع مدى من مجرد الرد على المجازر.
– داخل الكيان قلق كبير من الفشل في مواجهة نهضة المقاومة، دون أن تدخل غزة على الخط،، و تساؤلات وجودية وانقسامات تزداد عمقا، وكل مرة يظن الاحتلال أنه سيطر على الموقف وأن المجرزة الجديدة سوف تمر دون رد يفاجأ بأن الرد المؤلم والدامي لا يزال بحوزة المقاومين، الذين لا يعرف كيف يتعامل معهم، وهم في غالبهم ليسوا جزءا من عمليات منظمة، بعدما قررت فصائل المقاومة تحرير ارادة مقاوميها من أي مراجعات ومرجعيات مركزية في تنظيم أعمال المقاومة، وعدم التقيد بالأطر الفصائلية.
– لدى قوى الرأي العام المساند للشعب الفلسطيني ومقاومته، ثبتت جدوى هذا الخيار، بحجم الأثر المعنوي الكبير الذي يتركه، بينما صارت صواريخ المقاومة التي كانت ضرورة فيما مضى سقفا للمواجهة ينتهي بوقف للنار دون تحقيق تراكم توفره العمليات التي ينفذها المقاومون ردا على المجازر.
– الحكومات الغربية رغم إدانتها لعمليات المقاومة، تجد نفسها مضطرة لإدانه المجازر التي يرتكبها الكيان بجيشه ومستوطنيه، تشعر بمأزق موقفها لأن هذا الطابع الشعبي للعمليات يمنحها قدرا عاليا من المشروعية بنظر الرأي العام الغربي ويمنحها تعاطفا كان يمكن لحكومات الغرب الحؤول دونه عندما تقع المواجهة بين الاحتلال والمقاومة في غزة.
– عملية تل أبيب أمس تقدم مثالا حيا على هذا الزمن الفلسطيني الجديد، بعدما صارت العمليات نهجا مستداما، فوق قدرة الكيان وجيشه على احتوائه.
المصدر: البناء