الإعلام الإسرائيلي صورة عن حالة الكيان.. انقسامات وتفسخ تقرّ بتراجع الردع
لطالما مثّل الإعلام الإسرائيلي أحد أذرع المؤسسة العسكرية، فلا كلمة أو صورة تُنشَر إلا في سياقٍ دعم وإسناد الهدف الاستراتيجي، لكنّ المواجهة المستمرة مع المقاومة الفلسطينية أعادت خلط أوراق الإعلام، ويبدو أنّها أحدثت بداية تصدّعٍ في المقاربة الخاصة بالمعركة. فهل نحن أمام تغييرٍ في الإعلام الإسرائيلي؟ وما الهدف من رسائله حول تراجع الردع؟.
محلل الميادين للشؤون الفلسطينية والإقليمية، ناصر اللحّام، قال إنّ "أداء الإعلام الإسرائيلي خلال عملية ثأر الأحرار، أداء فاشي، عنصري، انتقامي، وأيضاً خانع، وخاضع للمفاهيم العنصرية التي كرّسها نتنياهو في فترات حكمه".
وأضاف أنّ الصحافة الإسرائيلية "خلت من الجرأة في الحديث"، وفي الأيام الأولى كان هناك تواطؤ كبير جداً حتى في تغطية القتل ضد الأطفال والنساء، واستخدموا المصطلحات التي تخدم اليمين، "وكأنّ اليمين استقوى على الصحافة كلها، لافتاً إبى أن البعض يتّهم أن نتنياهو بإفساد الصحافة، والبعض يشكّ أنه يستطيع ذلك.
وتابع اللحّام، أنّه بدون أيّ تردّد، "نستطيع أن نقول أنّ هذا إعلام (أبارتايد) في أسوأ حالاته.
"إسرائيل" تواجه شعوباً مصمّمة على التحرر
وعن العجز الإسرائيلي في ترجمة تفوّقه النوعي على شكل انتصارات، أكّد محلل الميادين لشؤون أميركا والأمم المتّحدة، نزار عبود، أنّ "إسرائيل" تواجه شعوباً وهي مصمّمة على التحرر بغض النظر عن القوى التي تقف وراء "إسرائيل"، مضيفاَ أن هذه "المقاومة ناجمة عن تصميم شعبي، فهناك إرادة فلسطينية للمقاومة وللانتصار لا تسطيع تقبّل هذا الذلّ".
وأشار إلى أنّ ما جرى في "ثأر الأحرار" تمثيلٌ "للبطولة الفريدة القادرة على صنع المعجزات وتحدّي القدرات الفائقة المقدّمة من الغرب لـ"إسرائيل".
بدوره، قال محلل الميادين للشؤون السياسية والدولية، قاسم عز الدين، إنّه "لا بدّ من التمييز بين المؤسسات الإعلامية الخاضعة بشكلٍ مُباشر للأجهزة الأمنية والاستخبارية والمؤسسات الحكومية، وبين بعض الإعلاميين الذين غالباً يبحثون عن النقد ويهتمون بالنقد، مضيفاً أن هذا النقد "رأيناه قبل الإعلاميين، من مسؤولين أمنيين سابقين وبقيادة الجيش وبكل القطاعات".
وأردف عز الدين: "متخوّفون من مأزق نتنياهو، وهؤلاء الذين يصرّحون وينتقدون نتنياهو، متخوّفون من ألا يستطيع نتنياهو أن يقدّم مخرجاً للمأزق الذي وضع نفسه به". وأضاف: "هو اختار الذهاب إلى الأقصى مراهناً على المطالبة بالهدوء مقابل الهدوء، لذلك بعض الإعلاميين ينتقدون نتنياهو وينتقدون العدوان الحالي، الذي هو بطبيعة الحال جولة من عدة جولات".
الإعلام الإسرائيلي غير موحّد
وعن تأثير الإعلام الإسرائيلي على الإعلام الغربي، قال محلل الميادين للشؤون الفلسطينية والإقليمية، ناصر اللحّام، إنّ تأثير الإعلام العبري على الإعلام العالمي والغربي "تأثير بائس"، مشيراً إلى أنّ الإعلام الإسرائيلي "غير موحّد، فالمعارضة قالت نحن ندعم الجيش، لم تقل نحن ندعم الحكومة وهذا مهم".
وشدد على أنّ الإعلام الإسرائيلي لم يأتِ على جريمة "إسرائيل" في الهجوم على غزة، لكن هذا الصمت "تحوّل سلباً ضد إسرائيل".
النظام الإسرائيلي يتفسّخ
وعن عمق المأزق الذي يعيشه الكيان الاستيطاني انطلاقاً من إيمانه بتآكل الردع، قال نزار عبّود، إنّ "إسرائيل" أمام مأزق، "وإذا لم تستطع تحقيق التفوق الاستراتيجي على المنطقة وعلى كل الجيوش، كما تتعهّد الولايات المتّحدة، فإنّها في حالة انكفاء، والانكفاء يعني بالنسبة لمجتمع إسرائيلي مكوّن من فسيفساء من شعوب وافدة، عودة الكثيرين".
وأضاف: "هم بدأوا يشعرون بالانقسام الداخلي، والنظام يتفسّخ، وليس هناك لحمة حقيقية أيديولوجية تجمع العلمانيين مع المتديّنين، وتجمع الشرقيين مع الغربيين".
وعن تفاعل الإعلام العربي مع "ثأر الأحرار"، قال قاسم عز الدين، إنّه "لا بدّ من الملاحظة أنّ العدوان الحالي على غزّة لم يحظ بكفاية من النشاط الإعلامي كما رأينا في العدوان السابق"، مؤكداً أن الحديث هو عن الإعلام الشبابي والبديل، وليس الإعلام الرسمي العربي.
المصدر: الميادين