الإجماع العالمي دعماً فلسطين

خلال الأيام الأولى بعد عملية طوفان الأقصى، رأيت ناشطين فلسطينيين على شبكات التواصل الاجتماعي قد كتبوا: "خيبتنا الدنيا، لكن الله لا يخيبنا ويكفينا أن الله معنا".

اکتوبر 25, 2023 - 08:13
الإجماع العالمي دعماً فلسطين
الإجماع العالمي دعماً فلسطين

     خلال الأيام الأولى بعد عملية طوفان الأقصى، رأيت ناشطين فلسطينيين على شبكات التواصل الاجتماعي قد كتبوا: "خيبتنا الدنيا، لكن الله لا يخيبنا ويكفينا أن الله معنا". واليوم، بعد أسابيع قليلة من الحرب غير المتكافئة والجرائم الفظيعة التي ارتكبها النظام الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وشعب غزة، نرى أن الناس في جميع أنحاء العالم قد استيقظوا و هبوا ليقفوا مع فلسطين وليدعموا قضية شعبها المحاصر والمظلوم.

تدور الآن حرب طاحنة على أرض فلسطين المحتلة، ويواصل الصهاينة جرائمهم الكبرى ضد الشعب الفلسطيني وضد نساء وأطفال هذا البلد المظلوم بكل أشكال  الذعر والرعب. لقد تعرض الشعب الفلسطيني لمجازر يتدى لها الجبين، وقصف الكنائس والمساجد والمستشفيات والمدنيين يدل على أن النظام الصهيوني قد تجاوز الخط الأحمر بأكمله. لكن الفلسطينيين صمدوا مثل كل السنوات التي مرت جيلا بعد جيل ويؤمنون أن القتال هو السبيل الوحيد لاستعادة حقوقهم من الاحتلال الصهيوني. كما أصبحت شعوب العالم تعتقد أن هذا النظام المزيف، الذي تتزايد وحشيته ونطاق جرائمه ضد الشعب الفلسطيني كل يوم، هو نظام غير شرعي.

وخلال هذه المدة العصيبة استشهد آلاف المدنيين من النساء والأطفال، ولكن باستشهادهم جذبوا إليهم العالم كله والعديد من الشخصيات العالمية وقد كانت سابقاً الجبهة المقاومة تحاول تنوير العالم وإظهار جرائم الكيان الصهيوني الذي يعد نموذجاً واضحاً للجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية. اليوم، نرى أن جنسيات مختلفة قد عرفت ذلك رغم أنها من لغات وأديان وثقافات مختلفة وظهرت لهم الإبادة الجماعية الإسرائيلية ووقفت متضامنة مع الشعب الفلسطيني في مدينتهم وبلدهم.

أصبحت مختلف دول العالم مسرحاً لتجمعات حاشدة وتظاهرات دعما للشعب الفلسطيني. الآن بالإضافة إلى آسيا وإفريقيا ومحور المقاومة والدول الإسلامية، ومختلف مدن الولايات الأمريكية والدول الأوروبية بما في ذلك ألمانيا وإنجلترا وفرنسا، رغم القيود ومنع التجمعات من قبل الشرطة، إلا أنها تشهد تواجد الناس في الشوارع لدعم فلسطين وفضح جرائم الصهاينة.

وحتى الأميركيون، الذين يدعمون النظام الإسرائيلي منذ سنوات، عليهم أن يجيبوا اليوم على شعوبهم وأمام الرأي العام. وحالياً تنظم مظاهرات مؤيدة لفلسطين كل يوم في مدن أمريكية مختلفة. وتحدث جو بايدن إلى الشعب الأمريكي حول ضرورة دعم النظام الإسرائيلي والنظام الأوكراني ونشر كلامه على شبكات التواصل الاجتماعي. لكن إجابات وتعليقات الأمريكيين كانت مثيرة للاهتمام فقد أظهر الكثير منهم ندمهم على تصويتهم له واعتبروه مثل ترامب. ويسألونه على العلن كيف يستطيع الدفاع عن مثل هكذا إبادة جماعية كاملة بحق شعب مدني بريء؟!

كما أثر الرأي العام في مختلف البلدان على نهج سياسييها وعلاقاتها الدبلوماسية. وقد قام حتى الآن موظفو 5 سفارات في مصر والأردن والمغرب والبحرين وتركمانستان بإخلاء وإغلاق سفاراتهم. 20 سفارة أخرى في أوروبا وأمريكا الجنوبية إما معلقة أو مغلقة جزئيا. كل هذا يدل على أنه في النظام العالمي الجديد، ليست الحكومات هي التي تصنع التغييرات والمعادلات، بل الشعوب هي التي تبني وتشكل العالم الجديد.

وهناك نقطة أخرى جديرة بالملاحظة يمكن رؤيتها من خلال الصراع الدائر هذه الأيام بين المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني، وهي وحدة وتماسك المقاومة على مستوى منطقة غرب آسيا. وبخلاف حروب 22 يوماً و51 يوماً و8 أيام بين فصائل المقاومة في غزة والكيان الصهيوني، تدخلت هذه المرة أيضاً عناصر مجموعات المقاومة وأوصلوا رسالة للكيان الصهيوني مفادها أن "محور المقاومة" هو جسد واحد. والآن أصبحت كافة البنى التحتية لمحور المقاومة جاهزة والقوات مجهزة على أهبة الإستعداد. حتى أنه تم اتخاذ الترتيبات اللازمة لأولئك الذين يعتزمون دعم فلسطين. وتوجهت قوافل من العراق إلى حدود الأردن وأقامت موكباً للترحيب بمن يريد عبور هذا الطريق لدعم فلسطين.

وخلال الأيام القليلة الماضية، سُمع في العديد من العواصم العربية والإسلامية، بالإضافة إلى شعار"بالروح بالدم نفديك يا أقصي"، شعار آخر هو "نصر الله نصر الله يا حبيب، إضرب إضرب تل أبيب". ولا شك أن نفس أسلوب الحرب والإبادة الجماعية للفلسطينيين ستستمر وبكل وحشية. وسوف يصبح الصهاينة أضعف بكثير وأكثر اضطراباً وتقهقراً. لقد دفع الفلسطينيون ثمناً باهظاً منذ انتفاضة المسجد الأقصى الأولى والثانية، إلى معركة الكرامة وسيف القدس، واليوم طوفان الأقصى. لقد كانت كل فترة من هذه الفترات التاريخية خطوة كبيرة باتجاه النصر، وبما أنه لن يكون هناك نصر بدون تكلفة، فاليوم، حتى لو قام النظام الصهيوني بتسوية غزة بالأرض، فإن الفلسطينيين لا يزالون منتصرين في الميدان، لأنه لم يحدث حتى الآن كم أصبح الرأي العام العالمي واعياً وموحداً إلى حد كبير وهو يدعم فلسطين وقضيتها لقد جذبت فلسطين معها العالم كله، وهذا يعني نصر بحد ذاته.

 حکیمه زعیم باشی