إستطلاع للرأي: السعوديون يرفضون التطبيع
توصّل استطلاعٌ للرأي العام السعودي أجراه معهد "واشنطن" لدراسات الشرق الأدنى الأميركي إلى أنّ أقليةً سعودية تدعم تطبيع المملكة مع كيان الاحتلال الصهيوني، لكنّها متراجعة.
واستند تحليل المعهد إلى نتائج استطلاعٍ أُجري في آب/أغسطس الماضي بتكليفٍ من معهد “واشنطن”، وتنفيذ شركة استطلاعاتٍ تجارية إقليمية مستقلة، ونُشر بتاريخ 18 أيلول/سبتمبر الجاري، وأوضح المعهد أنّه عكف خلال السنوات الماضية على إجراء استطلاعاتٍ للرأي العام السعودي تتعلّق بشأن ملف التطبيع.
الملاحظ في النتائج أنّ نسبة تأييد التطبيع كانت في تراجعٍ على مر السنوات، إذ ينشر المعهد هذا العام استطلاع الرأي في سياق “وجود أقليةٍ مؤيدة للتطبيع”، لكنّ الصياغة تخفي أنّ هذه النسبة متراجعة عن استطلاعات الرأي السابقة، التي يُضاف إليها عدم تعويل الرأي العام السعودي على الضمانات الأميركية أو حتى العلاقات مع الولايات المتحدة.
وتراجعت نسبة الموافقين من المجتمع السعودي على إقامة علاقات تجارية مع الكيان الصهيوني، وذلك حتى من دون إبرام اتفاقٍ رسمي معها.
وأفاد نحو ثلث المشاركين في استطلاع معهد “واشنطن” بأنّهم سيوافقون على ما يتعلّق بـ”بعض الخطوات الأولية التي لا ترقى إلى مستوى العلاقات الرسمية”، وحدّدوا قبولهم بخطوة “التعاون مع شركات التكنولوجيا “الإسرائيلية” في مسائل مثل تغير المناخ وأمن الفضاء الإلكتروني وإدارة الموارد المائية”، وذلك تراجعًا عن نسبة 40% التي تمّ تسجيلها في استطلاعات المعهد خلال السنوات الثلاث الماضية.
وتجاوزت نسبة الموافقة بين البالغين السعوديين 33% مِن مجموع المُستطلَعة آراؤهم ما دون 30 عامًا، إذ وصلت نسبة أولئك الأكبر سنًا إلى 28%.
وبخصوص نسبة الذين وافقوا على دعوة “رئيس وزراء الكيان الصهيوني لحضور مؤتمرٍ دولي في السعودية”، بلغت النسبة 7%.
حركة “لنغادر البلاد معاً”.. تُرعِب كيان الاحتلال
كشفت إحصائيات صهيونية أنه بعد شهرين من بدء الحرب الأوكرانية، عاد نحو 1800 يهودي روسي من أصل 5600 استفادوا من قانون العودة، مُتوجِّهين إلى موسكو بصحبة جوازات سفرهم الصهيونية.
شهد الكيان الصهيوني خلال السنوات الأخيرة تزايداً لافتاً في نسب الهجرة العكسية لليهود نحو الخارج، على خلفية عدم الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي، والذي تسبّبت به بالدرجة الأولى انتفاضة الشعب الفلسطيني ومقاومته المتواصلة على امتداد الأراضي المحتلة في العامين 1967 و1948.
ولم تُفلح حتى تاريخه سياسات الترغيب والترهيب الإسرائيلية في منع تنامي هذه الظاهرة الخطيرة، التي تهدّد بقاء الكيان واستمراره، بتضافرها مع عوامل سياسية وأمنية واقتصادية عديدة.
وهذه الهجرة “الانحدارية” (يورديم) دقّت جرس الإنذار لدى قادة الكيان السياسيين والعسكريين وخبرائه الاستراتيجيين، على الرغم من محدودية الأثر الذي أحدثته حتى الآن، إذ برزت عوامل قد تُسهم في توسيع انعكاسات تلك الظاهرة وتعميقها في المدى المنظور أو المتوسط.
ومن أبرز العوامل المؤثّرة، قيام حركة “لنغادر البلاد معاً” الصهيونية، والتي نشطت منذ أواخر العام الماضي في دعم الصهاينة الراغبين في الهرب من الكيان المهدّد بالتدمير الخارجي أو التفكّك الداخلي، و”الاستيطان” في الولايات المتحدة الأميركية ودول أخرى أكثر أمناً (تمّ تحديد 26 دولة).
وفي نشأة حركة “لنغادر البلاد معاً” الجديدة نقطتان لافتتان؛ أُولاهما، أنّ أحد مؤسّسي هذه الحركة هو رجل الأعمال الصهيوني مردخاي كاهانا، الذي نشط تاريخياً في جلب المستوطنين الصهاينة إلى فلسطين. أمّا اليوم، فقد بات مقتنعاً بأنه أخطأ في تحديد الهدف والوجهة، ولا بدّ من الرحيل عن “أرض الميعاد”. ولأنه مُصمّم على تحقيق هدفه كما هو في السابق، فقد عَرَضَ مردخاي مزرعته في أميركا على زبائنه من أجل الاستيطان، مُعلّلاً ذلك بالخطر المحدِق الذي يحيط بكيان الاحتلال، إثرَ تحالف رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو مع الأحزاب اليمينية المتطرّفة، ما يُنذر بتحوّل الكيان الصهيوني إلى كيان متطرّف.
إذاً، تهدف حركة “لنغادر البلاد معاً”، بحسب تغريدات الأشخاص المؤسّسين لها، إلى تشجيع الصهاينة على الهجرة العكسية، ونقل ما يقارب عشرة آلاف صهيوني من فلسطين المحتلة إلى الولايات المتحدة الأميركية كمرحلة أولى، وصولاً إلى مرامها المنشود، ألا وهو إيجاد الوطن البديل للصهاينة بعدما تدهورت الأوضاع السياسية والأمنية داخل “دولة” الاحتلال.
والسبب الآخر لتأسيس الحركة هو حالة الانقسام الداخلي والمجتمعي داخل الكيان، لأنّ هناك صراعاً طبقياً ملحوظاً هناك. وواهمٌ من يظن أنّ لدى الصهاينة مجتمعاً مثالياً؛ بل هو مجتمعٌ مُتفكّك ومتآكل، يعيش على التمييز العِرقي بين يهود أوروبا وروسيا من جهة، ويهود الفلاشا ذوي البشرة السوداء، الذين يخرجون في تظاهراتٍ حاشدة، يطالبون فيها بإعطائهم الحقوق ذاتها التي يتمتّع بها الآخرون، من جهة أخرى. ومن ثمّ، فإنّ هذه “الكراهيّة الأخويّة” هي التي دفعت مردخاي كاهانا، حسب قوله، إلى تأسيس الحركة.
الهجرة المعاكسة المتصاعدة تُقلِق الكيان الصهيوني
في إطار الهجرة المعاكسة التي تنشط حركة “لنغادر البلاد معاً” لتوسيعها وتفعيلها بشكل علني، ولأوّل مرّة في تاريخ الكيان، كشفت إحصائيات الصهيوني أنه بعد شهرين من بدء الحرب الأوكرانية، عاد نحو 1800 يهودي روسي من أصل 5600 استفادوا من قانون العودة، مُتوجِّهين إلى موسكو بصحبة جوازات سفرهم الصهيونية.
يعني ذلك أن ثلث مَن وصلوا كيان الاحتلال من اليهود الروس سارعوا إلى المغادرة. وفي أعقاب انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، التي تمخَّض عنها تنصيب الحكومة الأكثر تطرّفاً في تاريخ الكيان، تصاعد طلب الصهاينة للحصول على جنسيات أوروبية، وسُجِّل أعلى معدّل لتقديم الصهاينة على الجنسية الفرنسية، بزيادة نسبتها 13%. ولوحظت أيضاً زيادة في نسبة طلبات الهجرة إلى دول الاتحاد الأوروبي عموماً، إذ سجَّلت السلطات في البرتغال زيادة 68% في طلبات الجنسية من الصهاينة، وسجَّلت السلطات البولندية والألمانية زيادة 10% في الطلبات خلال المدة نفسها.
توازياً، وحسب بيانات وزارة الهجرة والاستيعاب الصهيونية، والوكالة اليهودية، فقد انخفضت الهجرة إلى فلسطين بشكلٍ حادٍّ في النصف الأول من العام الجاري، حيث تراجعت نسبة استقدام اليهود بنحو 20 % من أميركا وأوروبا.
ووفقاً لتقديرات المحلّلين، فإنّ ذلك يعود إلى تصاعد التوتّر الأمني والمقاومة الفلسطينيّة في الضفة الغربية المحتلة، الذي تسبّب في مقتل 29 صهيونياً، أغلبهم من المستوطنين وجنود الاحتلال؛ بالإضافة إلى خطة حكومة بنيامين نتنياهو تجاه التعديلات في الجهاز القضائي؛ وهو ما جعل “إسرائيل” وجهة غير مرغوبة للهجرة.
كما بيّن استطلاعٌ للرأي العام أنّ 33 % من سكّان كيان الاحتلال يُفكِّرون بالهجرة والانتقال للعيش في أوروبا وأميركا، بسبب نيّة الحكومة المتطرّفة تحويل الكيان إلى ديكتاتوريّة قائمة على الشرع اليهوديّ والفوقيّة اليهوديّة.
وفي الآونة الأخيرة، رصدت وسائل الإعلام الإسرائيلية بيانات لا تكشفها عادة سلطة السكّان والهجرة الصهيونية حول عدد طلبات الجنسية الأجنبية وحيازة جواز سفرٍ ثانٍ بين الإسرائيليين، وماهيّة الدول المُفضّلة لديهم. ووفقاً لهذه البيانات، بدأ عدد ضخم من الصهاينة بالفعل عملية الانتقال إلى إسبانيا والبرتغال والولايات المتحدة، وحتى ألمانيا.
يُشار هنا إلى أن “عدوى” الهجرة المعاكسة والفرار من الكيان باتت تطال فئات مختلفة، طبقياً وعِرقياً، وليس فقط الفئات المهمّشة أو الفقيرة، وصولاً إلى أصحاب الرساميل الكبيرة والشركات وذوي الاختصاصات العلميّة والطبيّة العالية، كما تؤكد الإحصائيات الرسمية وغير الرسمية.
وزير السياحة الإسرائيلي في السعودية
من جانب آخر قال وزير السياحة لدى حكومة الاحتلال الإسرائيلي، حاييم كاتس، في مقابلة من الرياض مع “القناة 12” الإسرائيلية إنّه دخل إلى السعودية من “البوابة الرئيسية”، مشيراً إلى أنّ المملكة استقبلته “استقبالاً حاراً”، حسب زعمه.
وأعرب كاتس عن أمله في أن يأتي مسؤولون إسرائيليون رسميون وغير رسميون إلى السعودية بسرعة.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الموافقة السعودية على استقبال كاتس جاءت بعد التصريحات العلنية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بشأن التقارب مع “إسرائيل” وتطور العلاقات معها، لافتةً إلى أنّه “من المتوقع أن يزور السعودية في الأسابيع القادمة وزراء آخرون”.