أوروبا هي الضحية الأكبر لحرب غزة

تتوسع الحرب في غزة على نطاق واسع للغاية، ويبدو أنه لا توجد إرادة جادة وقوية لإنهائها من جانب أطراف الصراع، وخاصة النظام الصهيوني وداعميه. وإذا تحولت هذه الحرب إلى حرب استنزاف طويلة الأمد، فمن المحتمل أن يكون الاتحاد الأوروبي هو الخاسر الأكبر.

اکتوبر 22, 2023 - 15:37
أوروبا هي الضحية الأكبر لحرب غزة
أوروبا هي الضحية الأكبر لحرب غزة

تتوسع الحرب في غزة على نطاق واسع للغاية، ويبدو أنه لا توجد إرادة جادة وقوية لإنهائها من جانب أطراف الصراع، وخاصة النظام الصهيوني وداعميه. وإذا تحولت هذه الحرب إلى حرب استنزاف طويلة الأمد، فمن المحتمل أن يكون الاتحاد الأوروبي هو الخاسر الأكبر.

إن أوروبا، المنخرطة في أزمات واسعة النطاق، بدءاً من أزمة المهاجرين غير الشرعية إلى الحرب في أوكرانيا، تواجه الآن تحدياً خطيراً وكبيراً آخر، حيث يمكن أن تكون للحرب في غزة تأثيرات عميقة على تغيير الأوضاع في هذه القارة، وهذه مسألة يدركها السياسيون الأوروبيون ويجب عليهم التفكير في حلول لمنع عواقبها الوخيمة، لكن يبدو أن التعاون الواسع النطاق بين القوى الأوروبية والنظام الإسرائيلي سيكون له أثر خطيرٌ مع الكثير من الأضرار.

آثار الحرب على أوروبا

بالتأكيد ستكون لهذه الحرب تأثيرات قصيرة وطويلة المدى على أوروبا، وأبرزها قضية الحرب في أوكرانيا، فإذا كانت هذه الحرب هي حرب استنزاف طويلة المدى، فهذا يعني أن أوكرانيا لن تظل أولوية عليا عند الولايات المتحدة، والولايات المتحدة لن تتمكن من توفير الأسلحة لأوكرانيا كأولوية رئيسية بشكل كامل وعلى المدة الطويل. وهذا يعني أن أوروبا أمام تحدي كبير جداً، أولاً، بحسب الخبراء والسياسيين، ليس لديهم فرصة لكسب الحرب، وعليهم التعامل مع شروط روسيا لإنهاء الحرب، لأن هناك نقصاً في الأسلحة لأوكرانيا. وهم الآن يواجهون نقصاً ولولا دعم الولايات المتحدة لما تمكنت أوروبا من مواجهة هذا التحدي بمفردها[1].

إلى جانب ذلك، فإن القضية الأكثر أهمية هي الضرر الذي لحق بسمعة الجانب الغربي، مما وضع أوكرانيا في حالة حرب مستمرة مع الكثير من التأكيد على الدعم الشامل، لكن حالياً لم تعد أوكرانيا هي الأولوية الرئيسية، وهذا سيكون مكلف للغاي بالنسبة لأوكرانيا وأوروبا وبالطبع أمريكا، وأن نتيجة الثقة بهم لم تجلب سوى الدمار والفشل. وهذا يعني حقيقة ما قاله الروس من أن أوكرانيا أصبحت ألعوبة في أيدي الغرب ولم تكن النتيجة سوى الدمار وقتل الكثير من الضحايا، وهذه القضية في حد ذاتها يمكن أن تصبح مصدر دعاية واسعة النطاق من قبل روسيا لتوسيع نفوذها الثقافي والسياسي في بلدان أخرى في أوروبا الشرقية، وكذلك النقطة المقابلة لخطة توسع الاتحاد الأوروبي، في الواقع، الانسحاب من أوكرانيا من المرجح أن يؤدي لخسارة جزء كبير من رأس المال الاجتماعي في أوروبا الشرقية، الأمر الذي يعتبر من أكبر المشاكل والتحديات أمام خطة توسعة الاتحاد الأوروبي.

ومن الآثار الأخرى لهذه الحرب، يمكننا أن نذكر إمدادات الطاقة، فجزء من موارد الطاقة في أوروبا يتم إمداده عبر البحر الأبيض المتوسط ​​وسواحل إسرائيل (فلسطين المحتلة)، والذي إذا تعرض الأمن في هذه المنطقة للخطر، فهذا يعني أن أوروبا تواجه خطراً كبيراً بسبب المشاكل الأمنية، وسيكون من المهم توفير الطاقة والوقود، وخاصة لفصل الشتاء[2].

ويكاد يكون من المستحيل بالنسبة لهم أن يجدوا بديلاً مناسباً وآمناً ورخيصاً على المدى القصير، وهذا يمكن أن يشكل رافعة ضغط مناسبة لدولة مثل روسيا، التي يمكنها استخدام الطاقة لإقناع أوروبا. في الواقع، يمكن لهذه الحرب أن توفر فرصة العودة والتقريب بين أوروبا وروسيا مرة أخرى، وهي القضية التي من المحتمل أن يكون لها مؤيدون ومعارضون في ذات الوقت.

هناك أيضًا قضية مهمة أخرى موجودة ويمكن لهذه الحرب أن تزيد من تفاقمها وهي أزمة المهاجرين في أوروبا. إنها مسألة صعبة للغاية ومكان للنقاش الجاد في الاتحاد الأوروبي، ويعتبرها البعض عاملاً يكادُ يكون سبباً لانهيار الاتحاد الأوروبي. ومن الممكن أن تبدأ هذه الأزمة قريبا بسبب الخوف من انتشار الحرب إلى مناطق أخرى، وإذا حدث ذلك فإن أوروبا ستواجه مشكلة كبيرة، خاصة أن نهجهم العنيد تجاه الإسلام يؤدي إلى اشمئزاز طالبي اللجوء المتطرفين الذين يمكن أن يواجهوا تحديات كبيرة وأمنية واسعة النطاق في الدول الأوروبية. لذلك على أوروبا أن تفكر في حل يمنع انتشار هذه الحرب، ومن خلال مراعاة مبدأ التوازن والعدالة تستطيع أن تلعب دور الوسيط المهم وتخفف من تبعات هذه الحرب وهذا ما لم يحدث حتى اليوم. ولا بد من النظر في مستقبل الحرب، هل سيستمر دعم أوروبا للكيان الصهيوني رغم جرائمه الكبيرة، أم سيتخلى عن مواقفه السابقة ويعمل على تلبية مصالحه الخاصة بعيداً عن مرتكبي الجرائم في اسرائيل؟!

امین مهدوی

 

[1] euractiv.com

[2] ifri.org