العنف ضد المرأة الفلسطينية وتطور مفهوم البقاء
الصراع بين فلسطين والكيان الصهيوني هو صراع يشكل مصدراً هاماً لانعدام الأمن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (منطقة مِنا). وهذا يدل على عدم قدرة المجتمع الدولي على استخدام المعايير الأخلاقية في التعامل مع المجموعات المختلفة.
الصراع بين فلسطين والكيان الصهيوني هو صراع يشكل مصدراً هاماً لانعدام الأمن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (منطقة مِنا). وهذا يدل على عدم قدرة المجتمع الدولي على استخدام المعايير الأخلاقية في التعامل مع المجموعات المختلفة.
في الواقع، هذا النقاش قديم ويتضمن نضالات الأمم المختلفة ضد الأنظمة القمعية والغزاة والمحتلين. غالبًا ما تثار هذه القضايا بين العسكريين و رجال السياسية والأمن، في حين أن لها أيضًا أبعادًا جنسانية مهمة وكان لها عواقب مؤسفة على النساء الفلسطينيات، سواء أثناء التهجير أو في الأراضي المحتلة في إسرائيل (الضفة الغربية وقطاع غزة).
ومن أجل فهم أفضل للعنف ضد المرأة أثناء الصراع بين النظام الصهيوني وفلسطين، يمكن دراسة هذه القضية من منظورين. أولاً، تحويل قضية العنف ضد المرأة في الصراعات والنزاعات إلى عنف على أساس النوع الاجتماعي. ثانياً، قلة الدعم الدولي للمرأة الفلسطينية على وجه الخصوص.
تقليص قضية العنف ضد المرأة في جرائم الحرب إلى عنف جنسي
بعد الأحداث المروعة التي وقعت عام 1990 في رواندا ويوغوسلافيا السابقة، توصل المجتمع الدولي إلى نتيجة مفادها أن العنف الجنسي في الصراعات والنزاعات ينبغي اعتباره "جريمة حرب". ولكن على الرغم من هذا التقدم في الاهتمام بالمرأة في المجتمع الدولي، إلا أن هذه القضية تسببت في ثلاث مشاكل رئيسية.
1. من خلال التركيز على الاغتصاب والتحرش الجنسي، تم تحويل الاهتمام الدولي إلى أشكال أخرى واسعة الانتشار من العنف ضد المرأة أثناء الحروب، ولم يتم الاهتمام بأشكال العنف الأخرى.
2. بدلاً من الربط بين العنف ضد المرأة في البيئات غير الآمنة وقضايا حقوق الإنسان ونوعية الحياة، تم إيلاء المزيد من الاهتمام للمفاهيم الأمنية التي ترغب فيها الحكومات الغربية.
3. يعتمد الرد على العنف ضد النساء اللاتي تعرضن للإيذاء في الحروب والصراعات على هوية هؤلاء النساء وتأثير هذا الصراع على أمن الدول العظمى. وبناء على ذلك، لم يتم دعم المرأة الفلسطينية لأن هويتها غير معتمدة من قبل الحكومات الغربية.
المرأة الفلسطينية حالة استثنائية
حتى لو اختزلنا قضية العنف ضد المرأة في الصراعات والحروب في قضايا النوع الاجتماعي. دعونا نواجه الأمر، لقد تم إهمال المرأة الفلسطينية من قبل المجتمع الدولي. وتعرضت العديد من الأسيرات والمعتقلات الفلسطينيات إلى كافة أنواع التعذيب وانتهاك حقوقهن في سجون النظام الإسرائيلي. وتشمل هذه الانتهاكات التعذيب الجسدي والمعنوي، والتحقيق في ظروف غير مناسبة وبالجسد العاري، والإهانات اللفظية المستمرة أثناء الاستجواب، وهي انتهاكات للقوانين والمعايير الدولية المتعلقة بمعاملة السجناء. والحقيقة أن الأسيرات الفلسطينيات لم يكن لديهن ولا يتمتعن بأي خصوصية في سجون النظام الفلسطيني المحتل، لدرجة أنه حتى كاميرات المراقبة توضع داخل أروقة السجن وساحاته ودورات المياه على مدار 24 ساعة.
خلال حرب عام 2014 بين إسرائيل وحماس، تم تسليط الضوء بشكل خاص على رفض المجتمع الدولي لإنقاذ النساء المسلمات. لأن المرأة الفلسطينية، مثلها مثل جميع مثيلاتها في الحروب الأخرى، عانت كثيراً خلال هذا الصراع؛ دمرت منازلهن وفقدوا أطفالهن، أو أصيب أطفالهن برعب عميق، كما عانت بعض النساء في غزة من مشاكل في الصحة العقلية، لكن المجتمع الدولي رفض التدخل في هذه المنطقة رغم شدة الأزمة. تماما مثل اليوم، حيث تسببت الحرب في مشاكل عديدة لصحة النساء والأطفال في غزة، ولم تحاول أي منظمة حقوقية إنقاذ النساء والأطفال.
استراتيجيات البقاء للمرأة الفلسطينية
لقد حاولت المرأة الفلسطينية الصامدة، بعد إدارة الوضع خلال الصراعات، التضامن مع مجتمعها في ظروف الحرب القاسية، لمواصلة حياتها بطريقة لا يخاف منها أطفالها فحسب، بل أيضًا روايتها في النضال والاستشهاد في سبيل هدفهم وهو تحرير القدس، واستعادة أراضيهم يجب أن تعتبر النساء عاملاً من عوامل النصر. لقد قاموا بتربية أطفالهم لهذا المثل الأعلى. لقد طوروا استراتيجيات البقاء، أي أن تعريفهم وسردهم للبقاء والحياة يختلف عن البشر الآخرين.
ليلى خالد هي واحدة من هؤلاء النساء التي أصبحت من أشهر النساء في العالم بعد اختطافها عام 1969. كما أن دلال المغرب، الفتاة التي قادت أكبر عملية قتالية فلسطينية، والنساء الشهيدات والنساء اللواتي يسكنن منطقة الأقصى هم إلى حد ما حماة المسجد الأقصى.
في الواقع، أظهر التاريخ أن المرأة الفلسطينية تخلق رواياتها الخاصة عن المقاومة بسبب تجاهلها من قبل المجتمع الدولي. وحتى النساء اللواتي لم يشاركن في النضالات وحركات المقاومة أصبحن ناشطات خلال الحرب وأصبحن أكثر انخراطا في الحياة السياسية والعامة. ولذلك، لعبت المرأة الفلسطينية المقاومة دائمًا دورًا مهمًا للغاية؛ لأن رجالهم إما كانوا في السجن أو في المنفى أو استشهدوا، ولهذا السبب أصبحوا مسؤولين. وفي غياب أزواجهن وآبائهن، تحملن مسؤولية الدفاع عن المعسكرات. وكانت النساء هم من نظموا الحركة الفلسطينية مرات عديدة. وقد لعبوا دوراً مميزاً في ترميم منازلهم ومخيماتهم بعد هجمات الكيان الإسرائيلي على المخيمات.
وانطلاقاً من ذلك، وبما أن صناع التاريخ الفلسطيني أثبتوا دائماً أنهم لعبوا دوراً في تقرير مصيرهم في الحرب الأخيرة التي بدأت بطوفان الأقصى، فإن نساء غزة المقاومات سينفذن نفس استراتيجيات البقاء والنصر وفي إعادة بناء وطنهم ما بعد الحرب سيكون لهم الدور الأكبر في ذلك.