أهداف ورسائل وجود قادة المقاومة في طهران
أهداف ورسائل وجود قادة المقاومة في طهران
في ظل أوضاع تشتعل فيها الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة في الضفة الغربية، وتشهد صراعات مستمرة بين المقاتلين الفلسطينيين والجنود الصهاينة والمستوطنين، اجتمع قادة فصائل المقاومة الفلسطينية في طهران لإظهار أنهم مستعدون لأي سيناريو وأن التحالف الاستراتيجي المتشابك يستعرض نفسه مرة أخرى بوجه العدو.
وفي هذا الصدد، توجه قادة حماس، بعد سفرهم إلى السعودية ومصر، إلى طهران هذه المرة لمناقشة آخر التطورات السياسية والميدانية المتعلقة بفلسطين مع المسؤولين الإيرانيين. وصل وفد حماس برئاسة إسماعيل هنية الزعيم السياسي لهذه الحركة إلى طهران يوم الاثنين، ورافق هنية في هذه الرحلة أعضاء وفد حماس صالح العاروري وخليل الحية ونزار عوض الله ومحمد نصر. ولم تذكر وسائل الإعلام الفلسطينية تفاصيل رحلة وفد حماس إلى إيران، واكتفت بالقول إن هذا الوفد سيلتقي مع سلطات الجمهورية الإسلامية ويناقش العديد من القضايا السياسية والميدانية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وتأتي رحلة وفد حماس في وقت يتواجد فيه زياد النخالة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي والوفد المرافق له في طهران أيضا. إن تزامن رحلات قادة هاتين المجموعتين إلى دول مختلفة في الأشهر الأخيرة يكشف ظهور نوع من التعاون بين الفلسطينيين ضد العدو الصهيوني، وكما قال قادة حماس في الصراع الأخير بين الجهاد الإسلامي وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أعلن الجيش الصهيوني أن الهجمات الصاروخية على الأراضي المحتلة تمت بقرار من غرفة العمليات المشتركة للمقاومة.
والتقى كبار أعضاء حركة الجهاد الإسلامي يوم الاثنين وتحدثوا مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وقال رئيسي في هذا الاجتماع: "ذات مرة، كان هناك أمل في أن تأتي طاولات المفاوضات للفلسطينيين بالتخلص من قمع واحتلال الكيان الصهيوني، ولكن اليوم، أصبح الجميع، حتى مؤيدي المفاوضات، باتت أعينهم على المجاهدين وقوات المقاومة، وهذا النصر تحقيق لوعد الله. اليوم، المجاهدون الفلسطينيون يأخذون زمام المبادرة وهذا النصر العظيم هدية إلهية أعطيت للشعب الفلسطيني بفضل الصبر على مواجهة المشاكل والوقوف في وجه قمع وظلم الكيان الصهيوني وأنصاره.
وذكر الرئيس أن الشعب الفلسطيني اليوم أكثر اتحادا من أي وقت مضى، بينما المجتمع الصهيوني أكثر تشتتًا وانقسامًا من أي وقت مضى، وظهرت بوادر تدهوره، وقال: "اليوم، قلوب شعوب العالم، من دول المنطقة إلى شعوب الدول الأمريكية اللاتينية تساندكم، وهذا بفضل الله وبركة دماء شهداء حركة المقاومة ومنها الشهيد الحاج قاسم سليماني. النصر النهائي قريب جدا وهو يتعلق بأمة فلسطين العزيزة.
وصرح زياد النخالة في هذا اللقاء أن الشعب الفلسطيني يقدر الدعم المستمر للجمهورية الإسلامية، وقال: "اليوم، تعد جمهورية إيران الإسلامية دولة مهمة وحاسمة في التفاعلات الإقليمية والدولية، ورحلة سعادتكم الأخيرة إلى دول أمريكا اللاتينية وأظهرت أنكم تمكنتم من تجاوز العقوبات الأمريكية وهزيمتها بالكامل، ونحن فخورون بهذه الانتصارات".
وعلى الرغم من عدم عقد اجتماع حتى الآن بين كبار مسؤولي حماس ومسؤولين إيرانيين، قال زاهر جبارين، عضو المكتب السياسي لحركة حماس مؤخرًا، إن الحركة لديها قرار استراتيجي موحد وثابت فيما يتعلق بعلاقتها مع إيران. حازم قاسم، المتحدث باسم حماس، رد على تهديدات سلطات تل أبيب ضد إيران وقال: "إن تهديدات قادة الكيان الصهيوني بمهاجمة دول المنطقة مرة أخرى تؤكد الادعاء بأن العدو الصهيوني هو تهديد للمنطقة بأسرها وخطر حقيقي على أمتنا ".
كابوس الصهاينة بتسليح الضفة الغربية
في ظل الوضع الحالي الذي اشتد فيه التوتر بين الكيان الصهيوني وجماعات المقاومة في الضفة الغربية وغزة، يمكن فحص زيارة القادة الفلسطينيين إلى إيران من زوايا مختلفة. هذا الموضوع واضح للجميع أن الجمهورية الإسلامية كانت الداعم الأكبر للأمة الفلسطينية خلال العقود الأربعة الماضية ودعمت فصائل المقاومة ضد الغزاة بشتى الطرق، وقد اعترف قادة المقاومة أنفسهم مرارًا وتكرارًا بأن إيران، وخاصة اللواء الشهيد قاسم سليماني كانوا مفتاح تسليح جبهة المقاومة الفلسطينية.
وغني عن البيان أن نتنياهو زاد من مستوى التوترات مع إيران في الأسابيع الأخيرة، وكالعادة يخطط لمهاجمة المنشآت النووية. لذلك فإن رحلة وفدي حماس والجهاد الإسلامي إلى طهران هي نوع من التحذير للعدو الصهيوني من أن لدى طهران خيارات عديدة لمهاجمة مؤسسات هذا الكيان.
تأتي رحلة قادة المقاومة الفلسطينية إلى طهران في وقت وصلت فيه الضفة الغربية إلى نقطة الغليان، ومن المرجح أن تنشب حرب جديدة بين الفلسطينيين وإسرائيل، وكما قالت وسائل الإعلام العبرية، فإن الجيش الصهيوني وقوات الأمن تستعد لعمليات واسعة النطاق، وتستعد لتدمير فصائل المقاومة في الضفة كما تعتقد. وردا على هذه التحركات، أصدرت جماعة "عرين الأسود" أيضا أمرا للمقاتلين الفلسطينيين باليقظة، وحذرت من أنها سترد ردا حاسما على الغزاة.
في مثل هذا الوضع المتوتر، فإن وجود الفصائل الفلسطينية في طهران يعني أن الجمهورية الإسلامية تنوي التنسيق بين مجموعات المقاومة فيما بينها من أجل العمل بشكل متماسك ضد العدو المحتل، لأن الوحدة بين الفلسطينيين ستضع الكيان الصهيوني في موقف صعب، وستمنع أي عملية ضد الفلسطينيين.
يعتقد حسن هاني زاده، الخبير في شؤون غرب آسيا، حول أهداف مجيء قادة المقاومة الفلسطينية إلى طهران: "إن رحلة قادة الجهاد الإسلامي وحماس تظهر أن الوضع في الأراضي المحتلة حرج للغاية بسبب وحشية هجمات الجيش الصهيوني في الضفة الغربية وقطاع غزة، الأمر الذي دفع القادة الفلسطينيين للسفر إلى طهران للتشاور مع سلطات الجمهورية الإسلامية. وشدد كبار المسؤولين في جمهورية اللإسلامية، خلال الاجتماع بين المسؤولين من الجانبين، على ضرورة دعم الشعب الفلسطيني ضد الهجمات الإسرائيلية. ويبدو أنه بسبب التطورات التي حدثت في المنطقة والتقارب بين إيران والسعودية، أُفسح المجال تمامًا لتشكيل جماعة مقاومة ضد تل أبيب، ويحاول قادة الفصائل الفلسطينية الحديث مع بعض الشخصيات من دول المنطقة. لذلك، من الممكن أن يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة في المستقبل لمنع هجمات الجيش الصهيوني ضد الفلسطينيين.
وشدد هاني زاده على تأثير هذه الزيارة على تسليح الضفة الغربية: "إن تسليح الضفة إجراء استراتيجي، وهذه المنطقة كانت في السابق خارج مسار النضال وغزة وحدها هي التي تحملت عبء مواجهة الغزاة، ولكن الآن بسبب الاستعداد النفسي وتوحد أهل الضفة الغربية لمواجهة الكيان الصهيوني، يبدو أن جبهة واسعة قد تشكلت من الضفة الغربية إلى جانب غزة استعداداً لمواجهة جدية مع العدو. حاليًا، يقف سكان الضفة الغربية ضد إسرائيل إلى جانب غزة، ويمكن اعتبار تسليح مقاتلي هذه المنطقة إجراءً استراتيجيًا لتقليل هجمات الجيش الصهيوني على الأراضي المحتلة.
أصبحت مجموعات المقاومة في الضفة الغربية، التي تدعمها غزة أيضًا، كابوسًا مميتًا لسلطات تل أبيب هذه الأيام. تسليح الضفة الغربية تم اقتراحه لأول مرة من قبل المرشد الأعلى آية الله خامنئي، حيث شهد بعدها العام الماضي حجماً كبيراً للعمليات الاستشهادية من قبل مقاتلين فلسطينيين ضد المستوطنين، والتي أدت إلى مقتل أكثر من 50 مستوطنا. وأثارت هذه التجربة قلقًا شديدًا لسلطات تل أبيب من تكرار تجربة عدم القدرة على استمرار احتلال جنوب لبنان. لهذا السبب، قام وزير الأمن الداخلي في الكيان الصهيوني إيتمار بن غفير، وهو العدو الأول للفلسطينيين، في الأشهر الأخيرة، بأفعاله الاستفزازية، بما في ذلك "الاعتداء على باحات المسجد الأقصى وإقامة مسيرة العلم "، والتي جاءت لاستفزاز الفلسطينيين وتمهيد الطريق لتنفيذ عمليات واسعة النطاق لقتل سكان الضفة الغربية.
الصهاينة يخافون من تقوية الضفة الغربية ويحاولون منع فصائل المقاومة من الوصول إلى السلطة في هذه المنطقة، لكنهم لم ينجحوا حتى الآن. حتى وسائل الإعلام الصهيونية الأخيرة حذرت من أن الضفة الغربية أصبحت غزة ثانية وفي حال نشوب صراعات في المستقبل، ستكون الظروف صعبة على الأراضي المحتلة. اعترفت سلطات تل أبيب بأنها في حالة نشوب نزاع، سيتم استهدافها على جبهتين، وليس لديها القدرة على القتال على جبهات متعددة، لذلك فقدوا زمام المبادرة ضد الفصائل الفلسطينية.
يخشى المسؤولون في تل أبيب التقارب بين الفصائل الفلسطينية وإيران وأطراف المقاومة الأخرى في المنطقة، وقد اعترفوا مرارًا بهذا الموضوع. ادعى نتنياهو مؤخرًا أن 90٪ من التحديات الأمنية لإسرائيل تأتي من إيران، ومن دون شك، فإن وجود الفلسطينيين في طهران سيقلق الصهاينة أكثر.
من ناحية أخرى، جاءت زيارة قادة حماس إلى طهران، فيما خففت إيران والسعودية من التصعيد واستأنفتا العلاقات السياسية في الأشهر الأخيرة، وبعد ذلك حسّن السعوديون علاقاتهم مع حماس بعد قرابة عقدين، حيث سافر إسماعيل هنية قبل شهرين إلى المملكة العربية السعودية على رأس وفد والتقى بمسؤولي هذا البلد. يبدو أن إيران والسعودية توصلتا إلى تفاهمات لتقوية الفصائل الفلسطينية في إسرائيل، لأن وصول الوفد الفلسطيني لحركة حماس والجهاد الإسلامي إلى طهران تزامن مع زيارة "فيصل بن فرحان" وزير خارجية المملكة العربية السعودية الى طهران.
وحسب ما قاله وزير الخارجية الإيراني، ناقش اللقاء بين وزير الخارجية السعودي ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان موضوع دعم فلسطين كنقطة مشتركة للعالم الإسلامي. وتجدر الإشارة إلى أنه بعد الاتفاق بين إيران والسعودية، أفرجت الرياض عن عدد من معتقلي حماس، من بينهم محمد الخزري، أحد الأعضاء البارزين في هذه الحركة، وهذا يشير إلى أن السعوديين قاموا أيضًا بتغيير سياستهم السابقة ضد مجموعات المقاومة الفلسطينية.
المصدر: الوقت