ما الذي تريده كوريا الشمالية من إيران؟

مؤخراً، أعلنت وسائل الإعلام الأجنبية أن وزير التجارة الكوري الشمالي قد سافر إلى طهران مع وفد تجاري(1) وتأتي هذه الزيارة في الوقت الذي توسعت فيه العلاقة بين إيران وكوريا الشمالية بشكل كبير في السنوات الأخيرة بسبب مواقف البلدين المتقاربة تجاه القضايا والأحداث الدولية، وقد لفتت عملية الوعد الصادق انتباه المحللين الدوليين إلى طهران. زيارة وفد تجاري ومدني من كوريا الشمالية إلى إيران تكاد تكون غير مسبوقة، والوفد المدني السابق الذي سافر إلى طهران عام 2019 كان نائب رئيس برلمان هذه الدولة الذي دخل طهران لإجراء مشاورات سياسية.

 لماذا تعتبر زيارة مسؤول التجارة الخارجية بيونغ يانغ إلى طهران لها أبعاد مختلفة سنناقش ذلك :

توسيع الأعمال التجارية؛ في السنوات الأخيرة، حققت كوريا الشمالية نجاحاً نسبياً من خلال الإصلاحات الاقتصادية التي شهدتها تحت قيادة كيم جونغ أون، لكن إحدى مشاكل كوريا الشمالية هي عدم القدرة على الوصول إلى الطاقة والمواد البترولية من أجل إدارة الإصلاحات الإقتصادية لتلبية احتياجات هذا البلد المستورد، يعتبر النفط ومشتقاته في غاية الأهمية بالنسبة لبيونغ يانغ(2)، وتسعى كوريا الشمالية إلى تعميق علاقتها مع إيران من أجل تلبية احتياجاتها من خلال الاستفادة من قدرات البلاد في مجال الطاقة، كما يمكن لإيران الاستفادة من قدرة كوريا الشمالية الواسعة في مجل تطوير العلوم العسكرية. ومن مميزات كوريا الشمالية هو امتلاكها الكافي من المياه والأراضي الزراعية، وهو ما يمكن أن يلبي الاحتياجات الزراعية للدولتين من خلال الاستثمار المشترك بينهما، لأن إيران لديها تجارب قيمة في مجال إدارة المياه والزراعة.

وضع حد للجبهة الغربية؛ من الممكن أن يكون التنسيق لزيارة مسؤول رفيع المستوى من كوريا الشمالية إلى إيران وزيارة وزير الخارجية الأمريكية إلى الصين (3) معد له مسبقًا، حيث تريد الصين أن يتم إرسال هذه الرسالة إلى الولايات المتحدة والتي مفادها أنه طالما لم يتم تصحيح المواقف العدائية للولايات المتحدة بشأن التوتر بين الصين وتايوان، فلن تتخلى بكين عن أدوات الضغط على المحور الغربي. وفي الأشهر الأخيرة، وسعت كوريا الشمالية أنشطتها العسكرية إلى جانب الصين في خضم التوترات التايوانية، وباعتبارها حليفا للصين، فإنها تنتظر فرصة مناسبة لتوسيع عملياتها العسكرية في شبه الجزيرة الكورية.

البحوث العسكرية المشتركة؛ لقد قامت طهران وبيونغ يانغ بتوسيع أبحاثهما العسكرية بشكل مشترك في السنوات الأخيرة(4). تريد كوريا الشمالية تأسيس صناعة تصنيع الطائرات بدون طيار الإيرانية في بلادها ويعتبر التقدم الذي حققته طهران في هذا المجال ذا قيمة بالنسبة لبيونغ يانغ، فمستقبل الصناعة العسكرية في العالم يتجه نحو استخدام الطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي، كما تدرس كوريا الشمالية جغرافية المنطقة في شبه الجزيرة الكورية والتي تتطلب بشدة استخدام هذه الأداة العسكرية. وفي المقابل، فإن لإيران أيضاً احتياجات في صناعتها العسكرية التي تتمتع فيها كوريا الشمالية بخبرات قيمة، بما في ذلك صناعة الغواصات الثقيلة والصواريخ الباليستية العابرة للقارات. إن حاجة البلدين إلى استخدام قدرات بعضهما البعض وأيضاً إلى وجود تهديد مشترك، جعلت التعاون الثنائي بينهما إلزامياً.

بشكل عام، لا بد من القول إن العلاقات بين طهران وبيونغ يانغ آخذة في الاتساع، وفي السنوات الأخيرة، واجهت الدولتان عقوبات شديدة من قبل دول المحور الغربي بمواقفهما المشتركة تجاه نظام الهيمنة وهو الأمر الذي زاد إصرار البلدين للاستفادة من تجارب مماثلة في سياق تحييد العقوبات واستخدام المعرفة العسكرية المشتركة، إن العلاقات بين البلدين بالإضافة إلى المصالح المشتركة المذكورة آنفا تخضع لمتغير حاسم يسمى الصين، التي تصمم كدولة ثالثة خططها طويلة المدى، وإحدى هذه الخطط هي توسيع الجبهة الشرقية في المحيط الهادئ في ظل ضغوط حلفاء الولايات المتحدة في هذه المنطقة، ولتطوير هذا المخطط الصيني، فإن تعزيز كوريا الشمالية بالاستفادة من قدرات الحلفاء على الجبهة الشرقية هو أحد المبادئ الأساسية التي يجب استخدامها لتقود كوريا الشمالية نحو التقدم والتطور.

 امیرعلی یگانه

1.  https://www.al-monitor.com/originals/2024/04/north-korean-economic-delegation-makes-rare-visit-iran

2.  https://www.tehrantimes.com/news/497588/North-Korean-economic-delegation-visits-Iran

3. https://www.nytimes.com/2024/04/24/world/asia/blinken-arrives-in-china.html