شنغهاي تتوسع!

عقد خلال الأيام القليلة الماضية الاجتماع الأخير لأعضاء منظمة شانغهاي للتعاون (SCO) في كازاخستان. وباعتبارها رئيسة الإجتماع لهذه الدورة في المنظمة، بذلت كازاخستان العديد من الجهود لتطوير مستوى العلاقات بين أعضائها وتوسيع مستويات التعاون فيما بينهم، إيران وروسيا والصين وكازاخستان وقرغيزستان وباكستان وطاجيكستان وأوزبكستان ومنغوليا وجمهورية أذربيجان والإمارات العربية المتحدة وقطر وتركيا وتركمانستان هي 15 دولة كانت قد شاركت في اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون في كازاخستان.

يوليو 8, 2024 - 10:44
شنغهاي تتوسع!
شنغهاي تتوسع!

عقد خلال الأيام القليلة الماضية الاجتماع الأخير لأعضاء منظمة شانغهاي للتعاون (SCO) في كازاخستان. وباعتبارها رئيسة الإجتماع لهذه الدورة في المنظمة، بذلت كازاخستان العديد من الجهود لتطوير مستوى العلاقات بين أعضائها وتوسيع مستويات التعاون فيما بينهم، إيران وروسيا والصين وكازاخستان وقرغيزستان وباكستان وطاجيكستان وأوزبكستان ومنغوليا وجمهورية أذربيجان والإمارات العربية المتحدة وقطر وتركيا وتركمانستان هي 15 دولة كانت قد شاركت في اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون في كازاخستان.[1]

شنغهاي أكبر من السابق

شارك اجتماع منظمة شنغهاي لهذه الدورة ثلاثة ضيوف مميزين. أحدهم هو أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، والآخر هو الرئيس التركي أردوغان والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف. وفي الواقع فإن وجود هؤلاء الأشخاص يدل على تعزيز موقف منظمة شنغهاي للتعاون ويرسل إشارة إلى أن شنغهاي تسعى إلى توسيع التعاون ودعوة أعضاء جدد.

وبالإضافة إلى ذلك، أصبحت عضوية بيلاروسيا في هذه المنظمة دائمة وتم الاعتراف بهذه الدولة باعتبارها العضو الدائم العاشر في منظمة شنغهاي للتعاون. وتأتي هذه الحادثة في نفس الوقت الذي تتزامن فيه الجهود المكثفة التي يبذلها حلف شمال الأطلسي والغرب لممارسة ضغوط سياسية واقتصادية مختلفة على روسيا وحلفائها، وهو مؤشر جيد في لعبة التوازن التي تمارسها روسيا مع الغرب، والتي استطاعت بدعم حلفائها سياسياً خلال الحرب مع أوكرانيا أن تقف معها من أجل عضويتها في هذه المنظمة. ويمكن أن يكون هذا الحدث ذا قيمة بالنسبة لروسيا وبيلاروسيا معاً، ومن ناحية أخرى فهو رسالة واضحة من شنغهاي إلى الغرب مفادها أن هناك بديلاً لضغوطهما يمكن أن يصبح لاعباً مهماً ومؤثراً في الساحة الدولية.

وبالإضافة إلى ذلك، تم إيلاء اهتمام خاص للوضع في أفغانستان والجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في هذا البلد، مع مقترحات لإنشاء مركز إقليمي للتنمية المستدامة بقيادة الأمم المتحدة في ألماتي، كازاخستان، والجهود المبذولة لرصد وتحسين حالة حقوق الإنسان في أفغانستان[2]. ورغم عدم وجود ممثل لأفغانستان في هذا الاجتماع، إلا أن الاهتمام بقضية أفغانستان يدل على أن هذه المنظمة تسعى إلى لعب دور أكثر نشاطا في القضايا الإقليمية من أجل زيادة مصداقيتها بشكل أكبر.

كما قدمت كازاخستان خلال رئاستها للمنظمة خططًا لتعزيز أمن الطاقة والنقل والعبور والتحول الرقمي. وعلى وجه الخصوص، وقد حظيت مشاريع النقل مثل خط السكة الحديد بين الصين وأوروبا وطريق النقل الدولي عبر قزوين (TITR) بالاهتمام الكبير . وفي المجال الاقتصادي، تم اقتراح إنشاء صندوق استثمار مشترك باستخدام مرافق مركز أستانا المالي الدولي لتعزيز المشاريع الاقتصادية الإقليمية تحت إشراف منظمة شانغهاي للتعاون. كما تمت الموافقة على استراتيجية مكافحة المخدرات للأعوام 2024-2029 وتحديث خطة التعاون لمكافحة الإرهاب والانفصالية والتطرف للأعوام 2025-2027 وكانت من النتائج المهمة الأخرى لهذا الاجتماع[3]. في الواقع، ومن خلال فهم القضايا الراهنة المهمة في العالم، تحاول كازاخستان، بصفتها الرئيس الحالي لمنظمة شنغهاي للتعاون، زيادة قوة ومكانة هذه المنظمة، فضلاً عن زيادة التعاون بين أعضائها. يمكن أن يفيد هذا الحدث الأعضاء على المدى الطويل وستتحول هذه المنظمة من مؤسسة تعاون أمني إلى مؤسسة تعاون متعددة الأطراف تركز على الاقتصاد الإقليمي. ولهذا السبب فإن المقترحات المقدمة من الأعضاء تتعلق بقضايا العالم والاحتياجات الإقليمية وفي اتجاه زيادة تعاون الأعضاء حتى تتمكن هذه المؤسسة من تحقيق تعاون أكبر وأوسع وأوثق مع شركائها وأعضائها.

وتظهر الاجتماعات المتعددة الأطراف لأعضاء شنغهاي مع بعضهم البعض، مثل الاجتماع بين السيد بوتين وشي أو الاجتماع بين السيد مخبر وبوتين، أن أعضاء هذه المنظمة ينشطون في حل مختلف القضايا في المنطقة وزيادة مستوى التعاون و التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف. ويبدو أن فهم الأعضاء لمختلف القضايا في النظام الدولي قد أصبح أقرب إلى بعضهم البعض، وهذا يخلق الأساس لزيادة التعاون والتفاعلات البناءة فيما بينهم.

إلى جانب ذلك، يسعى أعضاء شنغهاي أيضًا إلى فهم التعاون المتبادل في المجالات الثقافية، ويمكن أن تكون هذه القضية فرصة فريدة لإيران للعب دور أكثر فعالية في هذه المنظمة في إطار إيران الثقافية العظيمة. في الواقع، يمكن أن تكون إيران نقطة الثقل الثقافي لشانغهاي، فإيران أرض يمكن أن تستوعب من الصين إلى روسيا في إطارها الثقافي ودون تشكيل تناقضات أو صراعات ثقافية، يمكنها أن تساهم بشكل كبير في إعلاء القيم الثقافية من الشرق. ومن الممكن أن يؤدي هذا الحدث إلى تشكيل فكرة ثقافية وقيمية جديدة أمام الفكرة الغربية المتمحورة حول الناتو. لذلك، يبدو أن إيران يمكن أن تصبح الفاعل الرئيسي لشانغهاي في مجال الثقافة وتحديد القيم الشرقية والتعريف بها والمساعدة في توسيع شنغهاي بشكل أكبر. هذه القضية، إلى جانب الإنجازات الاقتصادية التي حققتها شنغهاي بالنسبة للأعضاء، يمكن أن تكون فرصة لتغيير كبير في مختلف البلدان والابتعاد عن القيم الغربية، ويمكن لإيران أن تغتنم هذه الفرصة الكبيرة وربما الفريدة لتكون مركزاً ثقافياً متميزاً في المنطقة.

امین مهدوی


[1] euronews.com

[2] thediplomat.com

[3] astanatimes.com