توسع الاتحاد الأوروبي، حقيقة أم مجرد فكرة ديمقراطية؟
لقد نوقشت فكرة توسع الاتحاد الأوروبي منذ سنوات، وكان يسعى دائمًا إلى توسيع دائرة نفوذه، وأصبح هذا الموضوع محط اهتمام بالغ بعد بداية الحرب في أوكرانيا، ويبدو أن الاتحاد الأوروبي، يسعى مع تغيير جدي في نهج سياسته التوسعية إلى زيادة أهميته من الناحية الجغرافيا السياسية حتى يصبح ذو نفوذ أكبر.
لقد نوقشت فكرة توسع الاتحاد الأوروبي منذ سنوات، وكان يسعى دائمًا إلى توسيع دائرة نفوذه، وأصبح هذا الموضوع محط اهتمام بالغ بعد بداية الحرب في أوكرانيا، ويبدو أن الاتحاد الأوروبي، يسعى مع تغيير جدي في نهج سياسته التوسعية إلى زيادة أهميته من الناحية الجغرافيا السياسية حتى يصبح ذو نفوذ أكبر.
هل ينجح الاتحاد الأوروبي؟
إن شرط عضوية أي دولة جديدة في الاتحاد الأوروبي هو إجماع جميع الأعضاء على قبول الإنضمام. وهذه إحدى العقبات والتحديات الكبيرة التي تواجه الاتحاد الأوروبي، الذي يجب أن يجري مناقشات مفصلة وصعبة في بعض الأحيان مع الأعضاء من أجل التوصل إلى توافق في الآراء والتصويت. على سبيل المثال، أعلن رئيس المجر أورابان أنه قدم طلبات لانضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، وإذا لم يتم الاستجابة لهذه الطلب فإن عملية انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي سوف تتعرقل وتفشل[1].
بالإضافة إلى ذلك، يمكننا أن نذكر التحدي الثقافي والاجتماعي المتمثل في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بالنسبة لبعض الدول. إن دول أوروبا الشرقية التي تتمتع بثقافية تقليدية ودينية أكثر من أوروبا الغربية، فإنها ببساطة لا تستطيع قبول بعض التعديلات الثقافية والاجتماعية للاتحاد الأوروبي. إن عدم القبول هذا يشكل قضية بالغة الأهمية بالنسبة لأوروبا وديمقراطيتها. وترتكز الانتقادات التي يوجهها العديد من خبراء الاتحاد الأوروبي تجاه قادة هذا الاتحاد على أن التسرع في توسيع الاتحاد، بغض النظر عن مبادئ هذا الاتحاد، يزيد من خطر الانهيار. وترى هذه المجموعة أن الدول التي لها صفة المرشحين للعضوية يجب أن تتجانس مع المبادئ الأساسية للاتحاد الأوروبي ومن ثم البدء في الانضمام إلى هذا الاتحاد. ولذلك يواجه الاتحاد الأوروبي العديد من التحديات الداخلية والخارجية للتوسع، والتي يمكن أن تطغى على سرعة هذا التوسع المضر وليس المفيد.
هل هناك إرادة سياسية في الاتحاد الأوروبي؟
لعل القضية الأكثر أهمية للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي هي التصميم السياسي لأعضائه. ويعتقد بعض الخبراء أن الاتحاد الأوروبي ليس لديه الإرادة السياسية للتوسع، وقد لجأ إلى البيروقراطية والقضايا الفنية واسعة النطاق لإخفاء هذه القضية. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك دول غرب البلقان، التي ظلت تنتظر الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لأكثر من عقد من الزمان[2]. إن هذه البلدان عالقة في مأزق يصعب الخروج منه. إن الوعود التي بذلها الاتحاد الأوروبي بشأن توسيع عضويته قبل عقد من الزمان لم يتم حلها بعد، ويبدو أن التوقعات التي تنتظرها ليست واضحة تماماً. ويبدو من الواقع أن أوروبا فقدت نفوذها في غرب البلقان بسبب الوعود التي لم يتم الوفاء بها إلى حد كبير، لأنها تسعى إلى اختلاق الأعذار من خلال إشراك دول هذه المنطقة بشروط العضوية الصارمة. ويمكن اعتبار السبب الرئيسي لذلك هو الافتقار إلى التصميم السياسي لدى قيادة الاتحاد الأوروبي.
يضاف إلى ذلك أن المسألة المهمة هي أنه لا توجد قيادة واحدة في الاتحاد الأوروبي، وبعد عدة سنوات من رحيل السيدة ميركل، لم يتم ملء هذا الفراغ بعد. ويعني فراغ الزعامة هذا أن أوروبا غير قادرة على إعادة تحديد مصالحها بشكل جيد. كما أن الاتحاد الأوروبي يهتم بمسألة المصلحة الاقتصادية لقبول أعضاء جدد، وما إذا كان يمكن لدولة ما أن تصبح عضوا في هذا الاتحاد بأقل قدر من المتاعب، وبشرط وجودها يؤدي إلى مصلحة اقتصادية أو سياسية للاتحاد. ومع ذلك فإن منح صفة المرشح لأوكرانيا ومولدوفا وجورجيا يأتي في إطار الأهمية الجيوسياسية ويشكل علامة على التغيير في النهج الأوروبي[3]. ولكن ينبغي أن نرى أن الاتحاد الأوروبي صادق حقا في هذا المجال؟ لأن انضمام أوكرانيا إلى هذا الاتحاد، مع الأخذ في الاعتبار عدد السكان والصناعة القائمة على الزراعة، يعني مراجعة واسعة لقوانين الاتحاد الأوروبي وميزانياته المتعلقة بالزراعة، الأمر الذي يمكن أن يسبب مشاكل لأعضائه، لأن إنتاج المحاصيل في أوكرانيا و حصادها يمكن أن يغير التوازن الزراعي للاتحاد الأوروبي، ومن أجل تحقيق التوازن في هذه المؤسسة، يجب أن تقوم بسلسلة من التغييرات البنوية في قانونها الزراعي.
مع هذه التحليلات، يبدو أن منح الصفة التمثيلية لدول جديدة هو بمثابة لفتة من جانب الاتحاد الأوروبي أكثر من كونه تصميمًا سياسيًا جديًا من جانبها، بالإضافة إلى ذلك، وبسبب ضعف عملية الانضمام إلى هذا الاتحاد، فقد أصبحت عوامل الجذب في عضويتها مع وجود القيود البيروقراطية على الدول التي تنوي الانضمام أقل بكثير، كما أن استعداد الدول للتعاون بشكل بناء بغض النظر عن العضوية أصبح أكبر ويتعين على دول مثل أوكرانيا ومولدوفا أن تفهم جيداً أن وعود الاتحاد الأوروبي لا يمكن الوفاء بها، وينبغي عليها أن تنتبه إلى خيارات التعاون الأخرى من أجل تنمية بلادها، حتى لا ينتهي بها الأمر فقط إلى البقاء أسيرة في منطقة غرب البلقان.
[1] cepa.org
[2] socialeurope.eu
[3] carnegieeurope.eu