تحركات امريكية مريبة في الشرق السوري .. انسحاب أم توسع؟
على وقع الغضب المتزايد جراء الانتهاكات الامريكية في شمال شرق سوريا، يتحرك الإقليم وعلى منسوب مرتفع من القلق يعيش الجنود الأمريكيين، بالذات بعد مسار التفاهمات الإقليمية السائر الى أمام والى مزيد من الانفتاح في المنطقة حيث يرجح ان تكون التحولات والتقاربات اوسع واشمل في الآتي من الأيام، ومنها ما يخص الوجود الاحتلالي للقوات الأمريكي، بالرغم من استمرار تلك القوات بإرسال التعزيزات العسكرية إلى قواعدها، وسط إجراءات جديدة، وباستخدام المعابر التي أحدثتها في منطقة اليعربية أقصى شمال شرق محافظة الحسكة.
هذه التعزيزات جاءت، بعد القصف الذي استهدف قواعد الأمريكي يوم 25 آذار الماضي، والذي وصفه الإسرائيلي والامريكي، انه حدثاً غير اعتيادياً، بالإضافة إلى أنه خلّف قتلى وجرحى أمريكيين، ما دفع القوات الأمريكية الى إجراءات على المستوى العسكري والأمني، اظهرت تخوفها من هجمات المقاومة الشعبية للعلن، ولم تقتصر تلك الإجراءات على ارسال حاملة الطائرات "جورج ايتش دبليو بوش" إلى مقابل سواحل سوريا، التي تؤكد برسوها شرق البحر المتوسط ان التخوف الأمريكي كبير، مع نشر سرب من طائرات A -10 الهجومية في المنطقة، بالتزامن مع حجم تدابير أمريكية على مستويات عدة، كان ابرزها، المستوى الدفاعي، حيث تؤكد المعلومات نقل بطاريات ومعدّات دفاع جوي امريكية مخصصة لمواجهة المسيرات، ونشرها في القواعد الامريكية المنتشرة في ارياف دير الزور والحسكة، وهي المنظومة الثانية، من نظام الصواريخ الدفاع الجوي قصيرة المدى "أفنجر" لحماية القوات الأمريكية في سوريا من التهديد المتزايد الذي تشكله الطائرات بدون طيار، حيث تم نشر الدفعة الأولى منها في شباط 2021، حيث نقلت من القواعد الامريكية في العراق الى شمال شرق سوريا، مع قاذفات صواريخ "FIM-92 Stinger"، إلى جانب أنظمة "C-RAM" قصيرة المدى وهي الصواريخ المضادة للمدفعية وقذائف الهاون، لكن كل تلك المنظومات لم تفلح في التعامل والكشف عن أي هجوم صاروخي او بطائرة مسيرة للمقاومة الشعبية ضد القواعد الامريكية، وما تقوم به واشنطن من تعزيز تلك المنظومات، بحسب المراقبين، ما هو الا استعراض قوة لم يعد يعطي أي ثمار، وانه من المرجح ان تكون المعدات التي نقلت بعد القصف الذي تعرضت له القواعد الامريكية في 25 اذار الفائت، هي منظومات متطورة اكثر، من التي سبقتها، اما على صعيد باقي التعزيزات اللوجستية، فمنذ نهاية شهر اذار، أرسلت القوات الامريكية ثلاث قوافل لوجستية قادمة من العراق، الى قواعدها في حقل العمر وكونيكو والشدادي، كان اكبرها القافلة التي ضمت 100 الية، واتجهت الى مطار خراب الجير، لكن القاسم المشترك لكل تلك القوافل، كان دخولها من معبر اليعربية، الذي عادت لتفعيله بعد الإجراءات الاحترازية الامريكية، وإيقاف الشحنات الجوية التي كانت تعتمد عليها في إيصال الدعم اللوجستي او تنقل الضباط والجنود، بعد تجهيز عدد من القواعد بمدرجات للهبوط في الشدادي و خراب الجير وتل بيدر، وتخفيف الاعتماد على الطيران جاء تخوفا من أي هجوم للمقاومة الشعبية، وتأكد مصادر محلية ان حركة طائرات الشحن الامريكية في الأسبوع الماضي كانت شبه متوقفة، وتشهد القواعد الامريكية تراجعا كبيرا في حركة اقلاع وهبوط الطائرات، وذلك كله ضمن الإجراءات الاحترازية الامريكية، التي لم تقتصر على الدعم اللوجستي والحركة والتنقل، بل شملت أيضا إجراءات خاصة بمعتقلي داعش، حيث تكشف مصادر محلية ان القوات الامريكية تنقل على دفعات ومراحل عدد كبير من مسلحي داعش الى وجهتين، الأولى، اخرجتهم عبر مروحيات إلى قاعدة الشدادي وحقل العمر، فيما الوجهة الثانية كانت عبر معبر سيمالكا الحدودي الذي يفصل الحسكة عن العراق ويقدر عددهم بنحو 150 شخصاً من جنسيات أجنبية عديدة، ومن المتوقع اطلاقهم في البادية السورية او الحدود العراقية.
إن ما يجري في شمال شرق سوريا، يؤكد انه الظلام الذي يخيم على الأمريكي في مرحلة ما قبل الهاوية، بعد بداية دخول المحتل الأمريكي في عصر الضياع، وضاقت عليه السبل السياسية والعسكرية، فظن ان بوسعه عبر الإجراءات الأمنية ان يتجاوزها، الا ان كل ذلك يدلل على قرب نهاية وجوده في الجغرافية السورية.
المصدر: العالم