بلينكن في بكين بداية الخضوع والتسليم بالأمر الواقع
بلينكن في بكين بداية الخضوع والتسليم بالأمر الواقع
يعترف الخبراء والسياسيين في العالم أن أمريكا انهزمت أمام الصين في اختبار جائحة كورونا، حيث قدمت الصين صورة مبهرة لكفاءتها العلمية في كل المجالات من أجل حماية الكوكب وشعبها بالخصوص من الوباء القاتل بغض النظر عمن فعل ذلك، وفوق ذلك سارعت إلى مساعدة الشعوب الفقيرة التي أصيبت بالصدمة والهلع وكسبت ود الشعوب واحترامهم وحققت بروباغوندا عالية لمشروعها الحضاري العالمي.
وفي نفس الوقت انكشفت أمريكا وتعرت امام العالم بأدائها المضطرب في مواجهة الأزمة داخليا وخارجيا وظهرت كالشيخ الهرم الذي يثرثر كثيرا بلا فائدة.
لم ينتظر الروس كثيرا لتصفية حساباته مع المشاكسين الأوكران بعد تيقنهم من أن امريكا قد أصيبت بقاصمة الظهر التي شلت سلاسل التوريد وأنها لن تتعافى قبل إنهاء المهمة في شرق أوكرانيا.
من جهتها الصين تترقب نهاية الّأشغال الروسية في شرق أوروبا لتقويض حلفاء أمريكا وإرهابهم بما يكفي للكف عن لعبة قطيع الضباع الشرسة.
الصين الآن تدير حرب أعصاب طويلة النفس لإرهاق امريكا التي تعاني من الصداع المزمن بسبب حماقتها المتمثلة في جموح قيادة العالم.
هي الآن مشطونة البال في سياستها الخارجية بين ثلاث هواجس عميقة (إسرائيل وتايوان واوكرانيا) يحملها بلينكن في حقيبته إلى بكين الصانع الجديد للشرق الأوسط والمنتصر في لعبة التحكم الناعم في توجيه سياسة الدول العربية وإيران وتركيا إلى التصالح البيني وتجفيف منابع الفوضى الخلاقة.
تدرك أمريكا أن جيشها وقواعدها العسكري غير مرحب بها في البلاد العربية فهي موجودة بلا معنى لأن الدول لم تعد تخشى امريكا ولم تبقى إلا شعرة معاوية لبعض الود والاحترام وهذا الوضع لا يضر أمريكا بالقدر الذي يضر حليفتها وربيبتها اسرائيل.
مستقبل اسرائيل الهاجس الأكبر اسرائيل تنظر إلى حجم المصيبة التي إنهالت عليها بسبب تصالح السعودية وإيران والسعودية وسوريا، بكل حذر وهي تدرك أنها فقدت كل التوازنات في الفلك العربي الذي طالما حرصت على ألا ينفلت من قبضتها.
وفي ضل هذه التهديدات الوجودية للكيان الصهيوني هم يتظاهرون كأن شيآ لم يحدث لكنهم في الواقع يكثفون التدريبات ورفع الجهوزية لأقصى حد ممكن لمواجهة الأيام الحبلى بالمفاجآت.
اسرائيل فشلت خلال عقدين مضت من تقويض قدرات إيران العسكرية ولم تنجح في جر العرب إلى حرب بالوكالة على إيران.
تتحدث اليوم مصر والسعودية والجزائر على برامج الطاقة النووية مما زاد من تفاقم الهموم على كاهل بني صهيون في الحفاظ على التفوق في ميزان الردع النووي.
في المجال الاقتصادي يتجه العرب أفواجا أفواجا نحو الصين والتكتلات التي ترعاها كمنظمة شنغهاي ومنظمة بريكس، وكم حرصت إسرائيل على أن يعيش العرب والمسلمين بلا أفق ولا مشروع حضاري ولا إدراك لكنها اليوم عاجزة على صد الطوفان، نعم أنه طوفان من المشاكل المتسارعة من كل جانب.
تجمع اللوبي الاسرائيلي في أمريكا حول بلينكن قبل توجهه إلى السعودية يحثونه على الحرص والاجتهاد لإقناع واستدراج السعودية إلى تطبيع وديع مع تنازلات بقبول حل الدولتين ومن ثم الطيران إلى بكين المهندس الرسمي للشرق الاوسط الجديد لتبليغ رؤية أمريكا التشاركية للوضع الجديد، مقابل التخلي على أوكرانيا التي هي أصلا في البلعوم الروسي.
بلينكن في مهمة صعبة جدا في بكين يحمل مشاكل اسرائيل بالدرجة الاولى لكن الصين التنين لن يقدم شيآ للغرب حتى يرفعوا أيديهم من تايوان التي يريدها بلا رصاصة واحدة لأنها قطعة تاريخية من أمة الصين ومن قلة الحكمة أن ينتزعها بالسلاح ..
وإذا كان الحال هكذا فمعناه أن العرب سيبقون أبد الدهر كأوراق اللعب بين الأمم العظيمة أو كبيادق الشطرنج نضحي ببعضها كلما دعت الحاجة.
هذه التصورات ليست حتما حقيقة ما يدور في الغرف المظلمة لكنها هواجس يغذيها تاريخ طويل من النكسات والنكبات.
هواجس اكاد أجزم أنها الحقيقة ولا أتمنى أن أكون على صواب.
من وجهة نظر اخرى أكثر تفاؤلية ربما هو كسوف جديد للسياسة الأمريكية وإعلان ببداية الخضوع والتراجع ومحاولة تخفيف الأضرار على جبهات التصادم الجيو سياسي _ تايوان – اوكرانيا – اسرائيل.. الثلاث نقاط في الجغرافيا السياسية تنهزم فيهم امريكا انهزاما ذريعا.. مستقبل تايوان وحتمية الضم.
يعرف الأمريكان أن تايون لن تصمد طويلا وأن معركة الشد مع الصين حول الملف التايواني وشركة TSMC مكلفة جدا ولا يمكن حسمها لصالح أمريكا مهما كان.. ولن تنفع اللغة العسكرية في ثني الصين عن عزمها في استرداد الجزيرة إلى حضن الوطن وإذا تمادى الأمريكان في إغضاب الصين بالملف التايواني فإن ذلك سينعكس بالويل عليهم في اوكرانيا والشرق الأوسط.
ومطلب الصين الأساسي هو أن تتنازل أمريكا عن لغة سيد العالم وأن تتعامل مع الصين من باب الاحترام اللائق كقوة عظمى ند لند وكشريك أساسي في قيادة العالم وزيارة بلينكن بالملخص هو بداية التنازل الأمريكي والحديث الذي دام اكثر من 7 ساعات لم يكن كافيا لبلينكن لفهم الواجبات الجديد..
المصدر: رأي اليوم