«بريكس» الصاعدة بمواجهة مجموعة دول السبع
«بريكس» الصاعدة بمواجهة مجموعة دول السبع
المشهد العالمي الحالي يشير إلى تطور مجموعة «بريكس» المتصاعد بمواجهة مجموعة دول السبع الصناعية لاستحداث نظام متعدد الأقطاب يسحب البساط من تحت أقدام الولايات المتحدة الأميركية التي لعبت دور «شرطي العالم» منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حيث تأسست مجموعة السبع عام 1975 عقب أزمة النفط، لتضم دول الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا واليابان، ولا يستند عملها إلى معاهدة وليس لها أمانة ولا مقر دائم.
تعرضت المجموعة لانتقادات تتهمها بإعادة سيناريو الحقبة الاستعمارية عندما كان الشمال يتحكم بدول الجنوب، كما أنها محطّ معارضة جماعات ضد العولمة، بالمقابل تُواجَه مجموعة السبع من قبل تكتل دول «بريكس» الذي تتزعمه روسيا والصين، وهو تكتل اقتصادي يضم خمس دول هي الصين والهند وروسيا وجنوب إفريقيا والبرازيل، ويأتي الاسم من الأحرف الأولى لأسماء هذه الدول الخمس، «BRICS»، وتتميز دولها بسرعة نموها الاقتصادي، والإفلات من أي عقوبات اقتصادية محتملة هو هدف مهم للتكتل.
أنشأت «بريكس» في 2012 بنك التنمية برأس مال 100 مليار دولار، لتعزيز البنية التحتية في الدول الأعضاء، ولدعم العملة الموحدة المزمع إصدارها، وتحقيق السيولة السريعة لأعضاء التكتل.
ذكر بيان قمة السبع في هيروشيما أن تعزيز الصين المتسارع لترسانتها النووية يشكل تهديداً للاستقرار العالمي والإقليمي كما أقرت المجموعة عقوبات جديدة على روسيا على خلفية الحرب الأوكرانية.
الصين وروسيا ومن خلال «بريكس» تشكلان تهديداً كبيراً للدول الغربية، وما صدر عن بيان مجموعة السبع بشأن الحاجة إلى التنسيق بين دول المجموعة تجاه ما سموه «الإكراه الاقتصادي»، ليس إلا دليلاً على قلق المجموعة من توسع تحالف «بريكس» ومستقبله.
كشفت بيانات نُشرت في نيسان 2023 عن تفوق مجموعة «بريكس» لأول مرة على دول مجموعة السبع بعد أن وصلت مساهمتها في الاقتصاد العالمي إلى نسبة 31.5 بالمئة مقارنة مع 30.7 بالمئة للقوى السبع الصناعية.
نسب النمو أفضل في دول «بريكس» التي لديها فائض بمقدار 394 مليار دولار في 2021، مقابل عجز بمقدار 362 مليار دولار للدول السبع، واستحواذها على ربع احتياطي العالم من الغاز، حيث لديها فائض في الإنتاج يعادل 50 مليار متر مكعب.
نما اقتصاد «بريكس» خلال آخر عشرة أعوام بمعدل 70 في المئة، وذلك ثلاثة أضعاف النمو الذي حققته مجموعة السبع خلال الفترة ذاتها، ما يعني أن مجموع الناتج المحلي الإجمالي لـدول «بريكس» قد يتجاوز نظيره في مجموعة السبع في أقل من عقدين حال استمر نموه بذات الوتيرة وقد أقرت قمة دول «مجموعة السبع»، نهجاً لمعالجة ما سمته الإكراه الاقتصادي، وإنشاء منصة لمواجهته.
وأعربت المجموعة عن قلقها بشأن الارتفاع في حوادث الإكراه الاقتصادي، إن الهدف الأساسي لمنصة مجموعة السبع كبح الصعود الاقتصادي لكل من الصين وروسيا وهناك تضخيم كبير من مجموعة السبع بحق الممارسات الصينية تجاه بعض الدول حين تقوم بأعمال توحي بالاعتراف بتايوان، ومخالفة مبدأ الدولة الواحدة، وهو المبدأ الذي تعترف به الولايات المتحدة منذ 1979.
يشعر أعضاء مجموعة السبع بوخزة الإكراه الاقتصادي عندما يتعارضون مع بكين، ومثال على ذلك، توقفت الصين عن شراء زيت الكانولا الكندي بعد أن ألقت السلطات هناك القبض على مسؤول تنفيذي لشركة «هواوي تيكنولوجيز» بناءً على طلب الولايات المتحدة.
دول «بريكس» لديها خطط مدروسة للحد من هيمنة الدولار، وسوء استخدام للسياسة النقدية من الولايات المتحدة، كاستخدامها كأداة لفرض عقوبات اقتصادية.
النائب الأميركي الجمهوري من ولاية أوكلاهوم توم كول، قال في مجلس النواب في أيار الماضي: «يشكل الإكراه الاقتصادي الصيني، تهديداً واضحاً للاستقرار الاقتصادي الأميركي وأمننا».
بيان «قمة السبع» بهيروشيما كان محاولة لترميم الشقوق التي ظهرت في بنيان نظام الهيمنة الغربي على العالم وهو تعبير عن حالة تشنجية ما انفكت وتيرتها تتعالى منذ بداية الحرب الأوكرانية.
وفي المقابل تسعى «بريكس» الصاعدة، لتأسيس عالم «متعدّد الأقطاب»، لم تَعُد فيه الولايات قوة عظمى وحيدة.
وعلى هذا الطريق، تخوض بكين إحدى أعظم معاركها سلمياً، عارضةً نموذجها السياسي والاقتصادي والتنموي في وجه السياسات الغربية، الهادفة إلى حصارها أمنياً واقتصادياً وتكنولوجياً.
ختاماً ألا يشعر الرئيس الأميركي بالخجل بوجوده في مدينة هيروشيما اليابانية التي أقدم أسلافه على قصفها بقنابل ذرية في نهاية الحرب العالمية الثانية وقتلوا عشرات آلاف من البشر، وإعلان قمة هيروشيما «ضرورة تحقيق هدف: عالم خال من الأسلحة النووية».
المصدر: الوطن