المزارعون ضد السياسيين
يتعرض الاتحاد الأوروبي لاحتجاجات واسعة النطاق من قبل المزارعين في مختلف دول الاتحاد منذ أشهر. فمن ألمانيا واليونان والبرتغال إلى بولندا وفرنسا، خرج جميع المزارعين إلى الشوارع وهم غير راضين عن قرارات ساستهم. ذروة هذه الاحتجاجات كانت أولا في فرنسا بإغلاق الطرق المؤدية إلى باريس، الأمر الذي فاجأ حكومة البلاد، ثم احتجاجات حاشدة أمام البرلمان الأوروبي، حيث كان المزارعون يبحثون عن سماع صوتهم الاحتجاجي ومخاوفهم. إنهم غاضبون للغاية، إن لم يكونوا محبطين، من البيروقراطية المهينة لهم في بروكسل.
يتعرض الاتحاد الأوروبي لاحتجاجات واسعة النطاق من قبل المزارعين في مختلف دول الاتحاد منذ أشهر. فمن ألمانيا واليونان والبرتغال إلى بولندا وفرنسا، خرج جميع المزارعين إلى الشوارع وهم غير راضين عن قرارات ساستهم. ذروة هذه الاحتجاجات كانت أولا في فرنسا بإغلاق الطرق المؤدية إلى باريس، الأمر الذي فاجأ حكومة البلاد، ثم احتجاجات حاشدة أمام البرلمان الأوروبي، حيث كان المزارعون يبحثون عن سماع صوتهم الاحتجاجي ومخاوفهم. إنهم غاضبون للغاية، إن لم يكونوا محبطين، من البيروقراطية المهينة لهم في بروكسل.
القلق من ماذا؟
يشعر المزارعون الأوروبيون بالقلق من زيادة الضغوط والتكاليف بعد القرارات المثيرة للجدل التي اتخذتها بعض حكومات هذا الاتحاد. قرارات مثل الإلغاء التدريجي لدعم الديزل في ألمانيا و خفض انبعاثات النيتروجين في هولندا، والتي يمكن أن تكون بمثابة تحذير للمزارعين في البلدان القارية الأخرى، لأن القوانين الأوروبية يمكن أن تمتد إلى بلدان أخرى. ويعتقد المزارعون الأوروبيون أن الوضع سيصبح أكثر صعوبة بالنسبة للمزارعين مع زيادة التكاليف وخفض الدعم الحكومي إلى جانب وضع قوانين صارمة[1]. وهم من أولى الفئات التي يتعين عليها أن تدفع تكاليف تعديل ميزانية حكوماتها، في حين أن قسماً كبيراً منهم ليس مع سياسات حكوماتهم، وهو ما يمكن رؤية أثره في انتخاب تيارات اليمين المتطرف في البلاد. ففي بعض الدول مثل هولندا، كان أحد الوعود المهمة للحكومة هو إزالة القيود المفروضة على العمل الزراعي.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الزيادة في التكاليف ترجع في معظمها إلى الحرب في أوكرانيا وزيادة تكلفة الوقود، والتي مع تشكل التوتر في البحر الأحمر، ستزداد التكاليف الأخرى وسيكون العمل أكثر صعوبة بالنسبة للمزارعين. بالإضافة إلى ذلك، أبقت الحكومات أسعار بعض السلع الزراعية منخفضة من أجل إدارة المجتمع، الأمر الذي أثار قلق المزارعين واحتجاجهم. وكانت الواردات أيضاً تشكل مشكلة، وخاصة في أوروبا الوسطى والشرقية، حيث هناك المنتجات الزراعية الرخيصة أكثر من أوكرانيا بعد أن تنازل الاتحاد الأوروبي مؤقتاً عن الحصص والتعريفات الجمركية الخاصة به بعد الحرب مع روسيا وأدى هذا إلى انخفاض الأسعار عندهم. وفي نفس الوقت أدى ذلك إلى ازدياد الاستياء وعدم الرضى من قبل التجار والمنافسة غير العادلة.
بالإضافة إلى هذه التحديات، يجب أن نذكر أيضًا التوترات المناخية الشديدة بسبب تغير المناخ والتي تؤثر بشكل متزايد على الإنتاج: فبعض خزانات المياه في جنوب إسبانيا بقي من مخزونها فقط 4% ، في حين دمرت حرائق الغابات حوالي 20 في المائة من الدخل الزراعي السنوي لليونان العام الماضي.
وقد شهد جنوب أوروبا عدداً قليلاً نسبياً من الاحتجاجات حتى الآن، ولكن نظراً إلى أن الحكومات، وخاصة في إسبانيا والبرتغال، فرضت قيوداً طارئة على المياه وسط موجات جفاف قياسية، فقد تتغير الأمور هناك أيضاً[2].
انسحاب السياسيين؟
يبدو أن قوانين أوروبا الصارمة بشأن الزراعة والحد من الملوثات البيئية إلى جانب الأفكار الأوروبية المشتركة كانت ناجحة في السنوات الستين الماضية، ولكن مع مرور الوقت، أصبح هذا النهج غير فعال بشكل أكبر، ويجب على أوروبا أن تفكر في إجراء تغييرات واسعة النطاق في قوانينها لأن المزارعين يعتقدون أنه مع القوانين الزراعية الأوروبية الحالية سيتم تدمير قطاع الزراعة[3].
وإلى جانب الجهود التي يبذلها الاتحاد الأوروبي، مثل خطة المفوضية الأوروبية لخفض الواردات من أوكرانيا إلى الجهود الرامية إلى تغيير قواعد استيراد المنتجات الزراعية من أميركا الجنوبية، قامت الحكومات الوطنية الأوروبية أيضاً بتراجعات واسعة النطاق. وفي ألمانيا انسحبت الحكومة من خطة الرفع التدريجي لدعم الوقود، وفي فرنسا ألغت الحكومة الضريبة على وقود الديزل وقدمت دعما يزيد على 150 مليون يورو للمزارعين[4].
ويبدو أنه بالنظر إلى أن العام المقبل هو عام انتخابات البرلمان الأوروبي وتفضيل الناس لليمين المتطرف في تزايد، فإن الحكومات الأوروبية مستعدة لدفع ثمن أعلى للمجموعات الساخطة من أجل البقاء في السلطة والحصول على بديل. فرصة للمنافسة، والقدرة على الحفاظ على أوروبا ككل واتحاد. لأنه إذا لم تتمكن الحكومات الأوروبية من كسب تأييد المجتمع الزراعي. يبدو أنه يتعين عليهم دفع الكثير من المال مقابل ذلك. لذا فمن المرجح أن تتحرك أوروبا، ولو مؤقتاً على الأقل، لإصلاح القوانين، ودعم مزارعيها، وزيادة الضغوط على أوكرانيا فيما يتصل بصادرات الحبوب، وربما التفاوض مع البلدان التي تمتلك موارد الوقود الأحفوري لتوفير الوقود الرخيص. ومع ذلك، فإن أوروبا ما تزال ليست في وضع القدرة الكافية، ويمكن أن تواجه تحديات خطيرة وعميقة للغاية مع خطأ أو عدم تعاون بعض الأعضاء المارقين مثل المجر، وربما تضطر إلى تغيير نهجها بالكامل في مختلف المجالات. إن المستقبل القادم سوف يخبرنا بشكل أفضل عن الظروف القدمة في أوروبا.
[1] theconversation.com
[2] theguardian.com
[3] .politico.eu
[4] theguardian.com