أمريكا والنظام الإسرائيلي؛ العملاء الانتحاريين
في يوم الأربعاء 3 كانون الثاني (يناير) 2024م، وعلى إثر تفجيرين إرهابيين في مدينة كرمان وعلى الطريق المؤدي إلى مقبرة الشهداء، استشهد عدد كبير من المدنيين الأبرياء من النساء والأطفال.
في يوم الأربعاء 3 كانون الثاني (يناير) 2024م، وعلى إثر تفجيرين إرهابيين في مدينة كرمان وعلى الطريق المؤدي إلى مقبرة الشهداء، استشهد عدد كبير من المدنيين الأبرياء من النساء والأطفال. مباشرة بعد هذا الحادث الإرهابي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية؛ أولاً إن الولايات المتحدة لم تكن متورطة في هذا الحادث بأي شكل من الأشكال وأي تلميح إلى عكس ذلك أمر مثير للسخرية، وثانيا ليس لدينا أي دليل يظهر أن إسرائيل كانت متورطة في هذا الانفجار. وبعد يوم واحد من هذه الحادثة، تبنى تنظيم داعش رسمياً مسؤوليته عن هذه العملية الإرهابية.
إن جرائم واغتيالات أمريكا وحليفتها الإقليمية إسرائيل بحق المدنيين والنساء والأطفال في منطقة غرب آسيا لا تخفى على أحد. في بداية الثورة الإسلامية، اعتبرت إيران أمريكا قوة متآمرة من شأنها أن تشن انقلابا ضد مصالحها الوطنية، لكن الوضع تغير مع مرور السنين إلى درجة أنه يمكن وصف أمريكا بحق بأنها دولة إرهابية.
في 3 تموز1988م تم إسقاط طائرة الخطوط الجوية الإيرانية برقم الرحلة 655 والمعرفIR655" وعلى متنها 275 مسافراً (من الجنسيات الإيرانية والإماراتية واليوغوسلافية والباكستانية والهندية والإيطالية) و16 من طاقم الطائرة، والذين بلغ مجموعهم أكثر من 290 شخصا، وبعد استهدافها بصاروخين موجهين من طراز RIM-66 اطلقا من السفينة الحربية الأمريكية فينسين فشلت الطائرة في الوصول لوجهتها وتحطمت بعد سقوطها في الخليج العربي. 66 طفلاً و52 امرأة و172 رجلاً و36 مواطنًا من يوغوسلافيا السابقة والهند وباكستان وإيطاليا والإمارات قُتلوا في هذه الرحلة.[1]
ولذلك فإن نسب الهجوم الإرهابي في كرمان إلى الأمريكيين والكيان الصهيوني ومن يدعمهم أمر منطقي تماما. وإذا لم يكن الأمريكيون متورطين بشكل مباشر في جرائم ضد المدنيين، فإنهم متورطين بشكل غير مباشر في هذه الجرائم من خلال وكلائهم في المنطقة، كما إن جرائم النظام الصهيوني واحتلاله لأرض الشعب الفلسطيني منذ سنوات تحظى بدعم وتوجيه من الولايات المتحدة.
وفي عام 2011 أيضًا، وضع البنتاغون والخارجية الأمريكية اسم البغدادي المعروف باسم أبو دعا على قائمة الأشخاص الخطرين والمطلوبين، وحددت مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار مقابل القبض عليه. وكان هذا الإجراء الواضح من قبل الولايات المتحدة بمثابة نعمة كبيرة للبغدادي ليصبح أحد أهم قادة الجماعات السلفية (داعش) ويبدأ أنشطته الإرهابية الجديدة في العراق وسورية ولسنوات عديدة ضد أهالي هذه المناطق من النساء والرجال الأبرياء. خلافاً لحقوق الإنسان، ولكن بتوجيه من قادة المقاومة، وخاصة الشهيد الفريق الحاج قاسم سليماني إلى هذه الجماعة التي أطلقت على نفسها اسم الدولة الإسلامية في العراق والشام تمت هزيمة هذا الكيان، لكن أيديولوجيته وتفكيره الإرهابي التكفيري لا يزال قائما.
في الواقع، فإن تشكيل وإيجاد جماعة داعش الإرهابية التكفيرية تم على أيديهم، وذلك وفقًا للأمريكيين أنفسهم وهيلاري كلينتون نفسها. لذلك وعلى الرغم من عدم مسؤوليتهم عن الهجوم الإرهابي في كرمان، إلا أن آثار يدهم الإجرامية في هذا الهجوم الإرهابي واضحة ومميزة.
لكن لماذا نفى النظام الصهيوني والولايات المتحدة على الفور هذا الهجوم ولم يتحملا مسؤوليته؟ هناك عدة أسباب لذلك.
1- إنهم يعلمون أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية والرأي العام الإيراني لن يسمحوا بأن يمر هذا الهجوم الإرهابي دون رد، وكانوا بالتأكيد على علم بهذه القضية منذ بداية التخطيط لهذا الهجوم، لذلك كانت هذه استراتيجية لمنع إيران من القيام بأي رد فعل قاس في الأيام الأولى.
2- أظهرت ردود الفعل الدولية على هذا الهجوم الإرهابي أن هذا الهجوم مدان على المستوى العالمي لأن النساء والأطفال المدنيين كانوا أهدافاً في هذا الهجوم، وفي كل الأحوال و أياً يكن من تلك الجهات يتحمل مسؤولية فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مسؤولة أمام الرأي العام العالمي لحماية نفسها ورعاياها وهذا سيعرض الصورة الدولية لأمريكا باعتبارها الداعم والمرشد لأنشطة النظام الصهيوني للخطر.
1- إن استمرار بقاء النظام الصهيوني بات في معرض الخطر وهو في طريقه للإنهيار. لقد شكل هذا الهجوم الإرهابي خطرا كبيرا بالنسبة لهم، لأن هذا الهجوم سيسرع بالتأكيد عملية انهيار نظام الاحتلال، لذا فهم لا يتحملون مسؤوليته بأي شكل من الأشكال، حتى لا يتعرضوا للمحاسبة أمام الرأي العام من قبل الأراضي المحتلة.
والسؤال الذي يطرح نفسه، مع هذه التفسيرات، لماذا تمت هذه العملية الإرهابية على الرغم من المخاطر التي شكلتها على وجود النظام الصهيوني والأميركيين؟
من الواضح أن الأميركيين يواجهون تحديات كثيرة بعد الحرب في أوكرانيا، والحرب بين حماس وإسرائيل أيضاً خلقت تحديات وخلافات كبيرة داخل الأراضي المحتلة وحكومة النظام، وبعد هذا الهجوم قد سعوا إلى الوحدة والوئام الداخلي للسلطة داخل النظام الصهيوني. بمعنى آخر، سعوا إلى حل مشكلة الانهيار من داخل النظام. ويبدو أن هذه القضية كانت أحد الأهداف الرئيسية للهجوم الإرهابي في كرمان. ومن بين الأسباب الأخرى التي يمكن ذكرها لهذا العمل الإرهابي: الردع، وخلق الخوف والتوجس، وغرس الشعور باليأس وانعدام الأمن لدى الشعب الإيراني، وعدم الاستقرار السياسي، وأخيرا السخط الاجتماعي ضد الحكومة.
وبشكل عام، ينبغي القول إن عملية كرمان الإرهابية كانت عملية متعددة الأبعاد. وبعد التفجير الانتحاري، تم تنفيذ مراحل أخرى من هذه العملية على الفور من قبل إرهابيين افتراضيين، فهم لم يكتفوا بعدم إدانة هذه العملية فحسب، بل أيدوا أيضًا قتل الأبرياء على يد الإرهابيين. لقد بدأوا حرب الروايات وسرعان ما نشروا رواياتهم الكاذبة عن هذه العملية. لكن رد الرأي العام العالمي والشعب الإيراني على هذه العملية المتعددة الأبعاد أظهر أنه على الرغم من كل المخططات لهذه العملية الإرهابية على نطاق واسع، إلا أن الإرهابيين أجروا حسابات خاطئة وسيتحملون عواقب هذه العملية غير الشرعية وضد الإنسانية، وسيكون إحقاق الحق شاقًا وثقيلًا ومستمرًا عليهم من قبل محور المقاومة.
1. https://www.farsnews.ir/news/14010412000786