مواقف مخزية وصمت مخجل من الدول العربية تجاه إمعان الاحتلال في جرائمه
في أحدث المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي، قصف مدرسة "التابعين" بحي الدرج بمدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 100 فلسطيني وإصابة العشرات، بينهم أطفال ونساء. خبر تصدر معظم صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي ورافقه ردود فعل عربية مخزية لم تتجاوز بضع كلمات يملأها التعاطف والحزن.
في أحدث المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي، قصف مدرسة "التابعين" بحي الدرج بمدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 100 فلسطيني وإصابة العشرات، بينهم أطفال ونساء. خبر تصدر معظم صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي ورافقه ردود فعل عربية مخزية لم تتجاوز بضع كلمات يملأها التعاطف والحزن.
وهذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الاحتلال الإسرائيلي مدارس ومراكز الإيواء في وقت ينزح فيه داخليًا في قطاع غزة قرابة مليوني شخص.
فقد بلغ عدد المراكز المستهدفة منذ بدء العدوان نحو 180 مدرسة ومركز إيواء في مختلف مناطق قطاع غزة بعضها مدارس حكومية وأخرى تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وفق الدفاع المدني في القطاع.
السياسة الإسرائيلية لم تتغير منذ السابع من تشرين الأول الماضي، حيث تسير بالوتيرة نفسها وتهدف إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة وجعلها منطقة غير صالحة للسكن
هذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الاحتلال المدارس، فمن منا لا يتذكر استهداف الاحتلال لمدرسة الفاخوري ومستشفى الشفاء وغيرها، فهو نهج يعتمده كيان الاحتلال لإجبار الفلسطينيين على النزوح.
كما أن استمرار ارتكاب تلك الجرائم واسعة النطاق، وتعمد إسقاط تلك الأعداد الهائلة من المدنيين العُزّل، كلما تكثفت جهود الوسطاء لمحاولة التوصل إلى صيغة لوقف لإطلاق النار في القطاع، هو دليل قاطع على غياب النية الحقيقية لدى الاحتلال لإنهاء تلك الحرب.
ولن ننسى على المقلب الآخر أن الهجوم على مدرسة التابعين، جاء نتيجة لعدم الالتزام بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تطالب بوقف الأعمال العدائية في قطاع غزة كما أن استمرار حرب الإبادة ضد الفلسطينيين في غزة في ظل صمت عربي مخزٍ هو رخصة لإسرائيل بالقتل المتواصل والإفلات من العقاب.
لم نر ردا حقيقيا على مجازر الاحتلال من الدول العربية أكثر من بضع كلمات مصفطة إلى جانب بعضها البعض تصف رعونة الاحتلال و وحشيته في كل المجازر التي ارتكبها ويرتكبها وصولا إلى مجزرة التابعين الأخيرة.
للأسف لأكثر من تسعة أشهر لم تجرؤ دولة عربية واحدة على اتخاذ خطوة ملموسة من شأنها القيام بأي عمل عدائي ضد "إسرائيل" والتزمت الدول العربية ببيانات الشجب والإدانة والاستنكار والدعوات للقمم والمنّ بقراراتها ومحاولات العمل بجهود متواضعة على تنفيذ جزء بسيط من قراراتها التي لا تحتمل التأويل بأن تكون صاحبة أي شقّ عدائي أو مجرد التلويح بخطوات ربما تُفسّر بأنها ملموسة ضد الكيان الصهيوني الذي يخوض حرب إبادة متواصلة ضد غزة منذ السابع من أكتوبر.
ولم تنجح الدول العربية في تمرير المساعدات على أراضٍ عربية خالصة، كاملة السيادة شكليًا وقانونيًا، إلى الجانب الآخر الفلسطيني من معبر رفح، بدعوى الافتقار إلى التنسيق، وعدم الحصول على موافقات، أو الخوف من القصف الصهيوني في علامة ضعف واضحة، رغم ادّعاء الجانبين أن كل منهما ليس مسؤولًا عن عدم إدخال المساعدات!
فقد أجمع محللون على أن الدولة العربية لم تفِ بإحدى أغراض تأسيسها، وهو حماية الأمن القومي العربي، وإحلال سيادتها، والتخلص من سطوة الاستعمار الذي أعاد صياغة نفسه بأشكال مختلفة، منها اقتصادية أو التحالف مع النخب الحاكمة في جلّ البلدان العربية بطريقة لا تُثبت سوى أن التبعية للمستعمر مازالت قائمة! كذلك بدى واضحًا أن الدولة العربية بأشكال حكم مختلفة، وخلفيات استعمارية متباينة غير قادرة على معاداة آخر مستعمر في العالم، لاسيما دول الطوق التي لم تحرّك ساكنًا من قطعها العسكرية المصطفة على الحدود.
للأسف العجز والوهن ناجم عن عدم القدرة على تمرير الدعم لحركات أو فواعل من دون الدولة، فهناك دول عربية قد موّلت وتموّل حروبًا أهلية، وانقلابات عسكرية، وحركات انفصالية في دول عربية أخرى دون أن يهتز لها جفن!
لن ننكر أن هناك تضامنا شعبيا ومجتمعيا كبيرا مع القضية الفلسطينية، لكن المواقف الرسمية، مخزية.
ولكن لم العجب فنحن نتحدث اليوم عما تمارسه إسرائيل في القرن الحادي والعشرين، في ظل وجود عصبة الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان، وإعلام يصور، بعد أن أصبح العالم في كل مكان لديه حقوق في البيئة، بينما الفلسطيني لا يجد حقه في الماء والدواء والطعام والأمان، وحقه في المسكن، الذي يدمر بين الفينة والأخرى.
مما لا شك فيه أن معركة "طوفان الأقصى" المباركة جاءت لتكشف بقوة الخذلان العربي لغزة بشكل خاص وللقضية الفلسطينية بشكل عام، خاصة دول الطوق إلى درجة التآمر والمشاركة في القضاء على المقاومة في غزة بمنع وصول الطعام والماء والدواء للفلسطينيين.
وبالتوازي. لا عجب أن تأتي النُصرة من دُول وشعوب غير عربية وغير مسلمة، أبرزها جنوب أفريقيا، ورئيسها سيريل رامافوزا، والتي قدمت العدو الصهيوني لمحكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية لأهل غزة، في ظل هذا الخذلان العربي الكبير لغزة الصابرة التي تباد على مرأى ومسمع العالم أجمع.
خذلان غزة جاء امتداداً لتاريخ طويل من خذلان الحكومات العربية لفلسطين، فقد كانت بدايات الخذلان العربي للفلسطينيين مُبكرة.
وتشن إسرائيل بدعم أمريكي منذ 7 تشرين الأول الماضي، حربا على غزة؛ أسفرت عن أكثر من 131 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.
وتواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني بغزة.
المصادر:
1- https://2cm.es/L6bN
2- https://2cm.es/IUek
3- https://2cm.es/IUiN
4- https://2cm.es/L6hj