مشاركة الأسد في قمة جدة.. خطاب المنتصر ورسائل واضحة  

مشاركة الأسد في قمة جدة.. خطاب المنتصر ورسائل واضحة

مايو 23, 2023 - 10:09
مايو 23, 2023 - 10:11
مشاركة الأسد في قمة جدة.. خطاب المنتصر ورسائل واضحة   
مشاركة الأسد في قمة جدة.. خطاب المنتصر ورسائل واضحة  

شارك الرئيس السوري بشار الأسد، في اجتماع قمة الدول العربية في جدة، وذلك بعد انقطاع دام ما يقارب 12 عاماً، بعد قرار وزراء الخارجية العرب الطارئ في القاهرة في نوفمبر عام 2011، والذي نص على تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية بسبب أزمتها الداخلية.

لم تأتي عودة سوريا إلى الجامعة وحضورها للقمة العربية العادية في دورتها الثانية والثلاثين، في ليلة وضحاها، بل عقب ترتيبات مسبقة تضمنت لقاءات واجتماعات عديدة بين دمشق وعدة دول عربية من بينها مصر والامارات والسعودية.(1)

السعودية التي أعرب ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان خلال كلمة له في جلسة افتتاح القمة العربية عن أمله بأن تساهم عودة سوريا للجامعة العربية في إنهاء الأزمة التي تمر بها مرحبا بحضور الرئيس بشار الأسد أعمال القمة.(2)

كما رحبت الدول العربية بحضور الرئيس بشار الأسد في القمة، حيث أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن "ثمة فرصة لا ينبغي تفويتها لمعالجة الأزمة" في سوريا، بينما اعتبر الرئيس التونسي قيس سعيّد أن دمشق عادت "بعدما تم إحباط المؤامرة التي كانت تهدف الى تفتيتها".

مشاركة سوريا كان لها وقعها في إسرائيل حيث نشر معلق الشؤون العربية في قناة "كان" الإسرائيلية، روعي كايس، صورة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عندما صافح الرئيس السوري وعانقه قبل انعقاد قمة الجامعة العربية في جدة، معلقاً عليها قائلاً: "صورة انتصار الأسد".

وأكد الإعلام الإسرائيلي أنّ "الأصح أن نقول إنّ الجامعة العربية عادت إلى سوريا، وليس العكس".

وأكد الإعلام الإسرائيلي أنّ ما يجري هو "انتصار هائل لسوريا وزعيمها بلا مُنازع"، مشيراً إلى أنّ "كل ما تبقى هو إعادة العلاقات بتركيا الى سابق عهدها".(3)

ولكن الأبرز في القمة العربية هو خطاب الرئيس السوري الذي ذكر فيه بعض النقاط التي حملت رسائل مهمة وواضحة. حيث وجه الرئيس السوري خلال كلمة في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية، رسائل في اتجاهات عدة خاصة بعد الضجة الإعلامية التي واكبت إستعادة بلاده لمقعدها في الجامعة.

واعتبر الأسد أن "تراكم العلل يمكن للطبيب أن يعالجها فرادى شرط أن يعالج المرض الأساسي المسبب لها"، وأضاف "علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب".

وأشار الأسد إلى "تبدل الوضع الدولي الذي يتبدى بعالم متعدد الأقطاب كنتيجة لهيمنة الغرب المجرد من المبادئ والأخلاق والأصدقاء والشركاء"، وقال إن ذلك يعد "فرصة تاريخية لإعادة ترتيب شؤوننا بأقل قدر من التدخل الأجنبي وهو ما يتطلب إعادة تموضعنا في هذا العالم الذي يتكون اليوم كي نكون جزءا فاعلا فيه مستثمرين في الأجواء الإيجابية الناشئة عن المصالحات التي سبقت القمة وصولا إليها اليوم".

ووصف الأسد الأخطار التي "لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً بحق الشعب الفلسطيني المقاوم، ولا تنتهي عند خطر الفكر العثماني التوسعي المطعم بنهكة إخوانية منحرفة" في إشارة إلى موقف سوريا من تنظيم "الإخوان المسلمين" الذي قاد المجموعات الإرهابية في سوريا، وتأكيداً على معارضته المتواصلة للوجود العسكري التركي داخل الأراضي السورية والعراقية.

لقد كانت إشارة الأسد إلى الفكر العثماني التوسعي المطّعم بالفكر الإخواني دلالة على حجم المعاناة التي عاشها الشعب السوري على مدار أكثر من عقد من الزمن في رسالة واضحة لأردوغان مفادها أنه لن ينسى جرائمه بحق الشعب السوري، ومن جهة أخرى، الوقوف مع مصر والإمارات والسعودية في مواجهة الإخوان المسلمين.(4)

خطاب الأسد عن "الفكر العثماني" يأتي لتعزيز مطالب دمشق المشروعة بانسحاب قوات الاحتلال التركية من الشمال السوري، وهو شرط أساسي من الشروط التي وضعتها الدولة السورية سابقاً للتطبيع مع تركيا.

حيث كان الأسد قد شدد في تصريحات سابقة على أنّه لن يلتقي نظيره التركي رجب طيب أردوغان إلا إذا سحبت تركيا قواتها من شمال سوريا، وقال حينها: إنّ "أي اجتماع يرتبط بالوصول إلى مرحلة تكون تركيا فيها جاهزة بشكل واضح ومن دون أيّ التباس للخروج الكامل من الأراضي السورية".

كانت عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وكلمة الرئيس السوري في القمة، مزعجة للتيارات المرتبطة بتركيا فهؤلاء يرون في أي دعوة إلى المصالحة تهديدا لمصالحهم التي قامت على شبكة من العلاقات المعتمدة على الشرخ السوري، وارتبطوا بدفة السياسة التركية.

حيث يدافع هؤلاء عن المواقف التركية بينما لم تخجل تركيا من التصريح بحرصها على التقارب مع الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أنها تعد أوراقها لتحسين موقعها التفاوضي في الشأن السوري ومنه ملف اللاجئين، وهي أكثر دولة تضم عددا من اللاجئين.(5)

لكن اللافت هو الموقف القطري المتحالف مع التركي والذي يلقي بظلاله على المواقف السياسية أيضاً، فقطر من خلال مشاركتها في القمة والمصافحة التي تمت بين الرئيس الأسد والأمير تميم ومن ثم مغادرة القمة أثناء حديث الأمين العام تبدو وكأنها مناورة من قبل الدوحة كون دمشق فرضت وجودها في المعادلة الإقليمية. والقطريون يدركون ذلك، وهم ذاهبون لتبريد الأجواء مع الرئيس السوري، لكن في الوقت ذاته، هم بحاجة إلى إظهار التناغم مع الموقف التركي.

ختاماً يمكن القول أن سوريا التي واجهت جميع أشكال الإرهاب، وانتصرت في الحرب المدمرة لن تتراجع عن مواقفها الثابتة، ولن تسامح من دون أن يدفع المتآمرون الثمن بشكل واضح، لا سيما من قبل أنقرة والدوحة اللتان كانتا من أكبر الداعمين للمجموعات الإرهابية والتكفيرية خلال العقد الماضي، الأمر الذي لا يمكن للسوريين نسيانه بسهولة.

 مجد عيسى

المصادر:

1-https://cutt.us/4sJ7s

2-https://cutt.us/ZmHWC

3-https://cutt.us/6cQ30

4-https://cutt.us/tfTsj

5- https://cutt.us/BRMcN