مجزرة مخيم نور شمس نموذج غزة في الضّفة

تعكس مشاهد الدمار وروايات المواطنين وشهاداتهم من مخيم نور شمس الذي عاش 50 ساعة ثقيلة من القتل والتدمير تحولا في سياسات وممارسات الاحتلال الإسرائيلي إزاء مظاهر المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، وتحديدا في المخيمات.

ابريل 22, 2024 - 07:13
مجزرة مخيم نور شمس نموذج غزة في الضّفة
مجزرة مخيم نور شمس نموذج غزة في الضّفة

تعكس مشاهد الدمار وروايات المواطنين وشهاداتهم من مخيم نور شمس الذي عاش 50 ساعة ثقيلة من القتل والتدمير تحولا في سياسات وممارسات الاحتلال الإسرائيلي إزاء مظاهر المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، وتحديدا في المخيمات.

ويؤكّد متابعون وخبراء تحدثت إليهم «القدس العربي» أن استهداف المخيمات في الضفة الغربية المحتلة هو وسيلة الاحتلال لإنجاح قبضة الاستيطان التي تتهدد الأرض الفلسطينية المحتلة أكثر من أي وقت مضى.

فطريقة الاقتحام، ومدته، وطريقة التعامل مع منازل المواطنين والجرحى، وطريقة القتل وإطلاق النار والصواريخ، وترك الجثث وعدم السماح للإسعاف بمواصلة عملة…الخ، كلها تحمل دلالات قوية على اختلاف في سياسات الاقتحام العسكرية، وهو أمر يشي بتكرار نموذج ما جرى في غزة خلال الشهور السبعة الماضية إلى الضفة الغربية، وتحديدا إلى المخيمات.

ويقول الإعلامي حافظ أبو صبرا الذي رابط لثلاثة أيام على مشارف مخيم نور شمس في وصف الاقتحام الأطول والأكثر عددا من ناحية الضحايا الشهداء لـ «القدس العربي»: «لقد ترك الاحتلال المخيم مدمرا بطريقة لم تحدث حتى خلال ذروة الاجتياح في الانتفاضة الثانية، ما حدث خلال ثلاثة أيام لم يحدث سوى في قطاع غزة، الكارثة هناك رسالة لبقية المناطق».

ويضيف: «السكان يعيشون صدمة كبيرة، وهم يحاولون استكشاف الدمار الذي حل بمخيمهم، هذا في ظل ليل حالك زاد من ظلمته استمرار انقطاع التيار الكهربائي، أما في مستشفى الشهيد ثابت ثابت فالدموع سيدة الموقف، والبكاء صوت الطبيعة، ومع كل هذا، ينتظر الجميع نور الصباح، حيث سيتكشف المزيد من الجرائم». ويختم قائلا في وصف المشهد: «عندما يبكي المخيم تبكي فلسطين» .

ووفق الرؤية التحليلية ذاتها تصف الإعلامية منى العمري مجزرة مخيم نور شمس بأنها «تحويل نموذج غزة الى الضفة الغربية».

وتضيف: «عدم وجود استراتيجية لإسرائيل يدفع ثمنه أبناء فلسطين في مخيم نور شمس وغزة! لا استراتيجية في استمرار حرب غزة، ولا استراتيجية للتعامل مع إيران ولا للعلاقة حتى مع الولايات المتحدة، هذا ما يجمع عليه عدد من كتاب الرأي الوازنين والعسكريين السابقين هذا الصباح في الصحف الإسرائيلية».

وتقول إن «الضفة الغربية مصدر قلق كبير للمؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، وعدم القدرة على إخمادها في كل هذه السنوات التي شهدت تطبيقا لخطط عسكرية مختلفة لقادة الأركان للسيطرة على المخيمات، لدرجة أن الاجتياح الأخير لمخيم جنين في 3 تموز/ يوليو الماضي تم تبريره إسرائيليا بأنه من أجل الحفاظ على حرية الحركة للجيش الاسرائيلي داخل المخيم، ولذلك معان يطول شرحها، أبرزها أن إسرائيل فاقدة للسيطرة في عدد من مخيمات الضفة قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر».

وفي تقدير موقف للمحلل الفلسطيني أمير مخول، من مركز تقدم للسياسات حمل عنوان» «ما وراء حرب الدمار الشامل على مخيمات الضفة: مدخل إنهاء القضية الفلسطينية وتغيير المنطقة»، فإن ما شهده ويشهده مخيم نور شمس ومخيم جنين في شمال الضفة الغربية هو «حرب دمار شامل احتلالي واجتثاث للمخيمين ضمن مخطط لاقتلاع معظم مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية كما في قطاع غزة. وهو يلتقي في الرؤية الإسرائيلية مع الحرب المعلنة منذ سنين طويلة على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – الأونروا والتي بلغت سقفها الأعلى خلال الحرب على غزة».

وتساءل: «هل باتت الأمور بصدد خلق حالة نزوح قسري في الضفة؟».

وحسب المعيطات كما يقول المحلل السياسي، فقد تم اجتياح مخيم جنين 33 مرة ومخيم نور شمس بعدد مضاه، ويشير إلى أن عملية اجتثاث المخيمات سبقت الحرب على غزة، وكذلك سبقها استهداف الأغوار بالضم وتكثيف الاستيطان، الذي ترجم عبر قوننة 68 بؤرة استيطانية في المناطق المصنفة «ج».

دور كتيبة «نيتسح يهودا»

ويقول مخول: «حرب الدمار الشامل على مخيمات الضفة تتوافق بالكامل مع خطة الحسم التي بلورها (وزير المال الإسرائيلي الأكثر تطرفاً بتسلئيل) سموتريتش قبل سبعة أعوام، بمباركة المرجعيات الدينية الصهيونية. وهو الوزير صاحب الصلاحيات الأوسع في الضفة الغربية في كل ما له علاقة بالاستيطان ونهب الأراضي الفلسطينية وبتحويل الميزانيات وبخلق كيانية عسكرية للمستوطنين وحصريا الى التنظيمات الإرهابية مثل فتيان التلال، وتياره هو المسؤول المباشر عن تهجير الفلسطينيين في مناطق (ج) وعن حرق القرى والمزروعات والإنسان الفلسطيني، كل ذلك بحماية الجيش، وبمشاركة مباشرة من كتيبة «نيتسح يهودا» (أي مملكة يهودا الى الأبد) التي تدرس إدارة بايدن حظرها أمريكيا والتي أعلن قائدها قبل الحرب أن الجيش والمستوطنين ليسوا طرفين بل كيان واحد». ويشدد على أنّ «أحد أبرز الاعتبارات لدى الاحتلال أن الاستيطان لن ينجح في شمال الضفة ما دامت المخيمات متماسكة داخليا، ولذلك تعمل بشكل متسارع لتفكيكها والقضاء على بنيتها من أجل القضاء على الوجود السكاني فيها».

«نور شمس» تُرك وحيدا

ويرى المحلل السياسي والخبير في الشأن الإسرائيلي محمد علان دراغمة أن مخيم نور شمس ترك وحيداً، حيث يقول: «نعم صحيح، ولكن حاله مثل حال مخيمات جنين وبلاطة والفارعة، وغيرها من مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية.

ويتابع: «كما تركت غزة وحيدة تذبح في حرب الإبادة الجماعية منذ سبعة شهور ولا تزال، وكما تركت ترمسعيا والمغير ودوما تحرق من قبل المستوطنين، وتركت المالح والفارسية وعين الحلوة في الأغوار تحت سطوة المستوطنين وجيش الاحتلال، وكما تركت القدس، وترك المسجد الأقصى ليدنس على أيدي المستوطنين».

ونشر ترجمة عن صحيفة «إسرائيل اليوم» جاء فيها أن العملية ضد المخيم الأكبر منذ بدء الحرب على قطاع غزة، حيث شاركت فيها عدة وحدات مختارة من الجيش الإسرائيلي.

ويبلغ عدد سكان مخيم نور شمس (الذي تأسس بعد 3 سنوات من النكبة أي عام 1951) حوالي ثمانية آلاف نسمة، ويتحدرون من 49 بلدة وقرية وتعود أصول أغلبيتهم الساحقة إلى منطقة حيفا. ويتحدر ما يزيد عن 60% من السكان من صبارين، وأم الزينات، وقنير، والكفرين، وإجزم، وعين غزال، والسنديانة؛ فيما تتحدر بقية السكان من اللجون، المنسي، أبو شوشة، عرعرة، الغبية الفوقا، والغبية التحتا، أم الشوف، وأم الفحم وغيرها.

المصدر: القدس العربي