لواء جولاني.. من التهديد بمحو غزة إلى أكثر ألوية الاحتلال خسائر في المعارك
لم يترك الاحتلال فرصة إلا وتفاخر تباهيا بلواء "جولاني"، نخبة الجيش، وأكثر مقاتليه شراسة، وأعلاهم تدريبا وتسليحا، حتى كان اسم اللواء يتردد على تخوم غزة، مهددا المقاومة ومتوعدا إياها بالهزيمة.
شارك اللواء كرأس حربة في الاجتياح البري لغزة، وانتُخب لحي الشجاعية، الذي يمثل عقدة لا تحل للاحتلال، وبؤرة صلبة للمقاومة.
ومطلع الشهر، قال وزير حرب الاحتلال يوآف غالانت لعناصر جولاني، إن عليهم الاستعداد لمعركة شرسة في الشجاعية، قائلا: "ها أنتم تعودون للشجاعية لإغلاق الدائرة".
ومع احتدام المعارك واقتراب الطرفين من القتال بمسافة صفر، تحول اسم "جولاني" من رمز لقوة جيش الاحتلال إلى عناوين لقتلاه الذين يتساقطون يوميا تحت نار المقاومة، فلا يكاد يمر يوم إلا وحمل أخبارا عن ضباط وجنود من "جولاني" لقوا مصرعهم في غزة.
يقول قائد لواء جولاني الأسبق موشيه كابلنسكي، إن اللواء خسر منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي ربع قواته بين قتيل وجريح، إذ قتل 82 ضابطا وجنديا.
وأضاف في لقاء مع القناة 12 العبرية، لقد زرت مقر غولاني هذا الأسبوع في ظل الحدث الكبير، واطلعت على مدى صعوبة الحرب وتعقيداتها، وسمعت الأصوات حول المشاكل التي يواجهها الضباط في ميدان القتال. هناك يحاربون في ظل عوامل كثيرة، من ضمنها كثافة كبيرة، والتي نحن نعرف جزءاً منها، فالوضع يصبح أكثر تعقيداً بين الركام وأمام منظمة تواصل القتال ولم تنكسر".
وبصرف النظر عن الأرقام التي تحدث عنها كابلنسكي، فإن ربع قوات اللواء لا یعكس حقيقة الأرقام التي يعلنها الاحتلال، خصوصا أن هذه الحصيلة تعطي دلالة واضحة على شدة المعارك وضراوتها في قطاع غزة"، وفقا للخبير العسكري العراقي حاتم الفلاحي.
وقال الفلاحي، في مقابلة مع قناة الجزيرة، "إن حديث قائد اللواء الأسبق عن خسارة 83 ضابطا غير دقيق، فاللواء يصل تعداده إلى 2500 جندي، بمعنى أن خسائره تتجاوز الـ 500 جندي بين قتيل وجريح، وعندما يكون تشكيل اللواء رباعيا، فإن خسائره تكون أكبر".
وأضاف أن هذه الحصيلة دلالة واضحة على أن الاحتلال لا يكشف الحصيلة الحقيقية لقتلاه، فهذه الخسائر بهذا الحجم تعتبر كبيرة جدا للواء يعتبر من النخبة والألوية الخاصة المتدربة على القتال في مناطق هامة، وتستخدمه قيادة جيش الاحتلال في المعارك العنيفة والمعقدة".
وتابع، "إذا كانت الألوية المدربة هذه خسائرها، فما بالك بغيرها من الألوية والفرق الأقل تدريبا وتجهيزا، كما أن هذه الحصيلة ستؤثر على ما تبقى من القوة القتالية لهذا اللواء، خصوصا إذا كانت الخسائر في الضباط والقادة، كما حدث الأسبوع الماضي".
وفقا للفلاحي، "فإن القتلى عندما يكونون بهذه الرتب، فهو مؤشر على إشكال حقيقي في العمليات العسكرية التي يديرها لواء جولاني وقيادة الجيش، سواء في شمال قطاع غزة أو في الجنوب".
وختم الفلاحي: "إن الخسائر التي يتكبدها الجي، ستكون دافعا لمحاكمة الكثير منهم، ولا يمكن لجيش الاحتلال تحملها، ولهذا فإن القيادات العسكرية والأمنية للاحتلال باتت مأزومة، وتحاول جاهلة تحقيق أي شيء على الأرض لتداري على خسارتها في السابع من أكتوبر".
وكان هجوم الأسبوع الماضي هو الأقسى الذي يعلن عنه الاحتلال إذ قتل 10 ضباط من اللواء بينهم قادة كتائب في كمين محكم للقسام بحي الشجاعية، ما مثل صدمة في أوساط دویلة الاحتلال.
ووصف موقع "واللا" العبري ما حدث في الشجاعية بـ"المعركة الصعبة"، إذ تعرضت قوات الاحتلال فيه لكمين مركب، أودى بحياة القوة المهاجمة والقوة التي قدمت للمساعدة والإنقاذ.
وذكرت صحيفة هآرتس في وقت سابق، أن ثمة فجوة كبيرة بين عدد الجنود الجرحى الذي يعلنه جيش الاحتلال وبين أرقام الجرحى من الجنود وفق القوائم الجزئية التي أعلنتها المستشفيات التي استقبلت الجنود الجرحى منذ أول أيام الحرب، والتي بلغت حوالي 4591.
ومطلع الشهر الجاري، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن أن عدد الجنود الجرحى يصل لنحو خمسة آلاف جندي، في تقرير حذف بعد ساعات من نشره في موقع الصحيفة الإلكتروني.
** خسائر ثقيلة
وسبق أن حشد الاحتلال 5 فرق عسكرية لمعركة غزة، ما يعني 45 بالمئة من القدرة القتالية لجيش الاحتلال، مقابل 25% للجبهة الشمالية مع لبنان، بينما يتبقى 30%، منها 10% مخصصة للضفة الغربية والبقية احتياط إستراتيجي، وفقا للخبير العسكري فايز الدويري.
وذكر الدويري، أواخر الشهر الماضي، وجود 3 فرق للاحتلال في غزة، حيث يوجد بكل فرقة 350 آلية مقاتلة، ما يعني وجود ما بين 1000 و1100 آلية متنوعة ما بين دبابة وناقلة جند، معززة بألوية جفعاتي وغولاني والمظليين.
وأشار إلى أن القسام أعلنت تدمير 290 آلية كليا أو جزئيا، أي أن الاحتلال خسر 80 بالمئة من معدات إحدى الفرق العسكرية الثلاث وخروجها عن الخدمة.
وأول أمس، قالت كتائب القسام إنها تمكنت خلال 72 ساعة من قتل 36 جنديا للاحتلال، وإيقاع عشرات آخرين بين قتيل وجريح، في المعارك المتواصلة بقطاع غزة.
وأشارت الكتائب في إحصائية نشرتها للعمليات المتواصلة، خلال الـ 72 ساعة الماضية، إلى أنها قامت بتدمير 72 آلية عسكرية بشكل كلي أو جزئي، في محاور التوغل الإسرائيلي بقطاع غزة.
ولفتت إلى أنها تمكنت من السيطرة على عتاد ومتعلقات بعض الجنود؛ إثر استهداف القوات المتوغلة بالقذائف والعبوات المضادة للتحصينات والأفراد، والاشتباك معهم من مسافة صفر، واستهداف فرق الإنقاذ التابعة لهم، إضافة لعمليات القنص المحققة لجنودهم.
وقالت إنها استهدفت مقرات وغرف القيادة الميدانية، ودكت التحشدات العسكرية، بقذائف الهاون والصواريخ قصيرة المدى في كافة محاور القتال، ووجهت رشقات صاروخية نحو أهداف متنوعة وبمديات مختلفة إلى داخل مناطق الاحتلال.
**لواء جولاني
تأسس اللواء في شباط/ فبراير 1948، وشارك في معارك عديدة، ويعد أول الألوية التي انضمت إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي، لذلك يحمل أيضا اسم "اللواء 1"، وينتمي إلى سلاح المشاة، ويعتبر من قوات النخبة.
وينظر إلى جنود هذا اللواء على أنهم نخبة الجيش، لكون بعض وحداته وخاصة "إيغوز" يخضون لتدريبات قاسية واختبارات صارمة تتعلق بنصب الكمائن واستراتيجيات الاستطلاع والتمويه، ويتطلب الأمر قدرات بدنية وقتالية عالية.
وتمركز اللواء في البداية في الوديان والتلال في الجليل الأدنى، ومن هنا جاءت تسميته، ومقره معسكر يقع بين عكا ونهاريا.
وكان عناصر اللواء ينتمون إلى العصابات الصهيونية التي كانت موجودة قبل عام 1948 وسكان المستوطنات في مناطق القتال ومجندين من مناطق أخرى.
ويتكون اللواء من عدة كتائب ووحدات وهي: كتيبة باراك وكتيبة جدعون وحدة إيغوز المختصة بحرب المدن والعصابات.
وشارك في غالبية المعارك الرئيسية للاحتلال ضد فلسطين ولبنان والأردن وسوريا ومصر والعراق.
وقاتل خلال العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، حيث احتل منطقة رفح، وفتح الباب أمام دخول قوات الاحتلال لشبه جزيرة سيناء، كما قاد معركة تل الفخار مع الجيش السوري عام 1967 في أطراف هضبة الجولان.
وقاد عملية السور الواقي التي اقتحم فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي الضفة الغربية عام 2022، خصوصا اقتحام مخيم جنين، حيث دارت معركة طاحنة خلالها.
المصدر : عربي 21