كيف خسر بايدن الرّهان في الذّكرى الأولى للحرب الأوكرانيّة؟
الرئيس بايدن الذي دخل إلى العاصمة الأوكرانيّة مُتسَلّلًا، ودُون أيّ إعلان مُسبق، أرادها حربًا قصيرةً، تنتهي في غُضون أشهر، يركع فلاديمير بوتين عند أقدامه، طالبًا الصّفح والغُفران، ولكنّ هذه الطّموحات والآمال لم تتحقّق وجاءت النّتائج عكسيّةً تمامًا.
انطِلاق صافرات الإنذار أثناء زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للعاصمة الأوكرانيّة كييف، وتجوّله في شوارعها ربّما تعكس بصُورةٍ جليّةٍ تطوّرات الحرب على الأرض، والوضع المأساوي الذي تعيشه أوكرانيا وشعبها مع اقتِراب هذه الحرب من إكمال عامَها الأوّل ودُخولها العام الثاني بعد بضعة أيّام (24 شباط).
الرئيس بايدن الذي دخل إلى العاصمة الأوكرانيّة مُتسَلّلًا، ودُون أيّ إعلان مُسبق، أرادها حربًا قصيرةً، تنتهي في غُضون أشهر، يركع فلاديمير بوتين عند أقدامه، طالبًا الصّفح والغُفران، ولكنّ هذه الطّموحات والآمال لم تتحقّق وجاءت النّتائج عكسيّةً تمامًا.
الرئيس بايدن تعهّد لزيلينسكي بدعمه وجيشه بـ700 دبّابة، وآلاف العربات المُدرّعة، وألف مدفع هاوتزر، ومِليونيّ قذيفة، و50 راجمة صواريخ “هيرماس”، ومنظومات مُضادّة للدبّابات والطّائرات، وفوق هذا وذاك 500 مِليون دولار مُساعدات ماليّة، ولكنّه لم يتعهّد بإرسال جندي أمريكي واحد، أو طائرة مُقاتلة واحدة، خَوفًا ورُعبًا من الرّد الروسي، وجرّ أمريكا إلى مُواجهة عسكريّة مُباشرة.
أمريكا وحُلفاؤها راهنوا على حربٍ خاطفةٍ للانتِقال بعدها إلى الهدف الأكبر أيّ الصين، خاصّةً بعد خسائر الجيش الروسي في الخريف، وانسِحابه من خاركوف وخيرسون، واعتقد مُخطئًا أن هذا الجيش على حافّة الانهِيار إن لم يكن في قلبها، ولكنّهم خسروا هذا الرّهان، واكتشفوا أن بوتين يملك رِهانًا مُضادًّا مُختلفًا، وهو الحرب الاستنزافيّة الطّويلة التي تستمرّ ثلاثة أعوام على الأقل، أيّ لِما بعد الانتخابات الرئاسيّة المُقبلة في خريف عام 2024، وبِما قد يُؤدّي إلى إسقاط الرئيس بايدن وحزبه الدّيمقراطي، هذا إذا لم يَسْقُط قبلها.
نستغرب الاتّهامات الأمريكيّة الأخيرة بعزم الصين إرسال أسلحة مُتقدّمة لروسيا، وهي التّهمة التي نفتها الأخيرة، مصدر الاستِغراب هو تحشيد أمريكا كُل الدّول الأوروبيّة لدعم زيلينسكي، ويستكثرون على الصين دعمها لحليفها الروسي، أيّ منطق هذا، حلالٌ على أمريكا وحرامٌ على روسيا؟ إنّه قمّة الغباء وسُوء التّقدير والحِساب، فروسيا ليست، ولن تكون وحدها، وسيقف كُل أعداء أمريكا، والمُتضرّرين من غطرستها وما أكثرهم في صفّها، ابتداءً من الصين، ومُرورًا بكوريا الشماليّة، وانتهاءً بإيران التي ستُصبح دولةً نوويّةً قريبًا جدًّا.
عدم زيارة بايدن للدّول الثّلاث الأبرز في أوروبا القديمة في جولته الحاليّة، ونقصد بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وتركيزه فقط على بولندا، يُؤكّد أن مُعظم هذه الدّول، وبضَغطٍ من شُعوبها، باتت مرعوبةً من الاستِمرار في التورّط في هذه الحرب، لانعِكاساتها السّلبيّة على أمنِها واقتِصادها ورخاءِ شُعوبها التي بدأت تُشارك بمِئاتِ الآلاف في مُظاهراتٍ احتجاجيّة، ويكفي الإشارة إلى أنّ خسائر ألمانيا بلغت 100 مِليار دولار في السّنة الأُولى فقط، والحسّابة تحسب.
هُجوم الرّبيع الروسي الذي يزداد قُوّةً، والهُجوم الأوكراني المُضاد لمُواجهته، قد تَرسُم نتائجهما ليس مصير هذه الحرب، وإنّما أيضًا الخريطة الأوروبيّة الجديدة، اقتصاديًّا، وسياسيًّا، وعسكريًّا، ولا نعتقد أنها ستكون في صالح الولايات المتحدة وحِلف النّاتو.