فشل المفاوضات والمعادلة المستحيلة في غزة
بعد فشل المفاوضات في استمرار وقف إطلاق النار وإنتهاء الهدنة المتفق عليها بين حماس واسرائيل من أجل تبادل الأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية الضرورية، إلى أين تسير الأمور في غزة في ظل استئناف القصف العنيف من قبل الطرفين وفشل جميع محاولات التهدئة من أجل إيقاف الإقتتال القائم في القطاع المحاصر، وفي النهاية وبعد أكثر من 60 يوماً من القتال والقصف المتبادل بين حماس وإسرائيل يسأل البعض ماهو الحل لمعادلة الصراع الحالي؟
بعد فشل المفاوضات في استمرار وقف إطلاق النار وإنتهاء الهدنة المتفق عليها بين حماس واسرائيل من أجل تبادل الأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية الضرورية، إلى أين تسير الأمور في غزة في ظل استئناف القصف العنيف من قبل الطرفين وفشل جميع محاولات التهدئة من أجل إيقاف الإقتتال القائم في القطاع المحاصر، وفي النهاية وبعد أكثر من 60 يوماً من القتال والقصف المتبادل بين حماس وإسرائيل يسأل البعض ماهو الحل لمعادلة الصراع الحالي؟
تبدأ الإجابة على تلك الأسئلة من خلال تحليل لمجريات الهدنة وسيناورهات تسليم وتبادل الأسرى ومفاوضات الدول الوسيطة مثل مصر وقطر بسبب علاقتهما مع الطرفين، حيث أن اهتمام إسرائيل بهذه المفاوضات وقبولها شروط حماس لإيقاف إطلاق النار هو من أجل تبادل الأسرى وتحريرهم من قبضة حماس لتهدئة الشارع الإسرائيلي وتخفيف الضغط على الحكومة التي انخفضت أسهمها بالإضافة إلى المهزلة التاريخية التي لحقت بالمؤسستين العسكرية والإستخباراتية ومحاولة إسرائيل تحقيق أي إنجاز يحسب لها أمام الرأي العام داخل المجتمع الإسرائيلي.
وكانت قد أعلنت سابقاً هيئة البث الإسرائيلية أن رئيس جهاز الموساد دافيد برنياع وصل إلى قطر لبحث صفقة لتبادل واسعة النطاق تشمل رجالًا وعسكريين إسرائيليين إضافة إلى بحث استمرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيث كان يتزامن ذلك مع وصول مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز إلى الدوحة لعقد اجتماعات مع المسؤولين القطريين وكذلك نظيريه الإسرائيلي والمصري. يأتي هذا وسط تأكيد عضو المكتب السياسي حركة الجهاد الإسلامي علي أبو شاهين أن إسرائيل ستضطر إلى دفع ثمن مختلف مقابل إطلاق سراح أفرادها العسكريين الأسرى في قطاع غزة مقارنة بإطلاق سراح المدنيين.[1]
لكن وبعد الإتفاق استُئنف القتال بين إسرائيل وحماس صباح الجمعة مع بداية الشهر الحالي، لتنتهي بذلك سبعة أيام من وقف إطلاق النار بين الطرفين، والتي شهدت إطلاق سراح رهائن وسجناء، و وصول مساعدات إنسانية طارئة بحاجة إليها في قطاع غزة.
كيف انتهى وقف إطلاق النار؟
أفادت مصادر إعلامية متعددة أنه قبل ساعة من موعد انتهاء الهدنة المؤقتة عند الساعة السابعة صباحاً منيوم الجمعة بالتوقيت المحلي، أعلنت القوات الإسرائيلية عن إطلاق صفارات الإنذار في البلدات الإسرائيلية المتاخمة لقطاع غزة ثم قالت إنها اعترضت صاروخاً أطلق من القطاع. وبعد ذلك بساعة، قال الجيش الإسرائيلي إن القتال قد استُئنف، متهماً حماس بانتهاك بنود الاتفاق، ثم قال الجيش الإسرائيلي إن طائراته الحربية تضرب أهدافاً لحماس في قطاع غزة. وبعد وقت قصير، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن حماس لم "تف بالتزاماتها بإطلاق سراح جميع الرهائن من النساء اليوم وأطلقت صواريخ على المواطنين الإسرائيليين".[2]
لكن حماس ألقت باللائمة على إسرائيل في استئناف القتال قائلة في بيان لها إن إسرائيل رفضت "القبول بكافة العروض لإطلاق رهائن آخرين"، وقالت إن "الاحتلال كان لديه قرار مسبق باستئناف عدوانه الوحشي" ملقية باللوم على الرئيس الأمريكي جو بايدن في "استمرار جرائم الحرب الصهوينية في قطاع غزة" وفي "إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل". و ذكرت حماس في البيان إن إسرائيل تتحمل مسؤولية "استئناف الحرب والعدوان" على قطاع غزة وأنها عرضت تبادل المحتجزين وكبار السن، كما عرضت تسليم جثامين القتلى من المحتجزين جراء القصف الإسرائيلي".
دول عديدة حول العالم أدانت انهيار الهدنة، لكن فوجيء العالم أيضا من شراسة جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد وقوع المئات بين شهداء ومصابين. بابا الفاتيكان كان أخر من تألم من انهيار الهدنة واستئناف القتل وقال من «المؤلم» رؤية انهيار الهدنة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، وعبر عن أمله في أن تتوصل جميع الأطراف المعنية لاتفاق جديد لوقف إطلاق النار في أقرب وقت ممكن. [3]
كان قطاع غزة قد تعرض قبل وقف إطلاق النار لتدمير واسع مع تنفيذ إسرائيل لحملتها الانتقامية رداً على هجوم حماس في السابع من تشرين الأول الماضي. وحسب المزاعم الإسرائيلية فقد استخدمت أكثر من 10 آلاف قنبلة وصاروخ [4]و دمار قرابة 98 ألف مبنى في قطاع غزة، مع تمركز معظمها في مناطق الشمال. وأدت الضربات الجوية الإسرائيلية إلى توقف المساعدات الإنسانية أيضاً. وكانت وكالات الإغاثة قد تمكنت من استغلال وقف القتال في إدخال المساعدات الضرورية، لكنها أفادت بأنها وجدت دماراً في الكثير من المناطق التي وصلتها.
من جديد يضع جيش الإحتلال أيضاً خريطة لقطاع غزة مقسمة إلى أكثر من 2000 منطقة، والتي قال إنه سيستخدمها في مساعدة الناس في غزة على الفرار من القتال المقبل. وقال إن الخريطة مقسمة إلى مناطق لاتاحة المجال أمام الناس "للإجلاء من أماكن معينة من أجل سلامتهم إذا اقتضى الأمر". وأسقطت الطائرات الإسرائيلية الجمعة منشورات على مناطق شرقي وشمالي خان يونس، وهي أكبر المدن في جنوبي قطاع غزة، مرتبطة بالخريطة. ولم تشر المنشورات إلى أي من التجمعات المرقمة، وإنما احتوت على رسالة باللغة العربية تبلغ السكان في أربع مناطق بالاسم بضرورة "الإخلاء فوراً والتوجه إلى ملاذات في رفح". [5]
في الواقع إن من يتحمل مسؤولية إنهاء الهدنة واستئناف القتال مجدداً هي الولايات المتحدة الأمريكية التي تدير هذه الحرب منذ بدايتها وتدعم إسرائيل وتفرض على كل حلفائها التغطية على جرائمها وتجريم حماس وقوات المقاومة الفلسطينية لمجرد الدفاع المشروع عن حقوقهم وعن شعبهم المحاصر، وبالتالي كما كان لها دور رئيسي في المفاوضات التي جرت في الدوحة عن طريق مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز لإدارة التفاوض، فقد كان لها نفس الدور في إفشال هذه المفاوضات لاستمرار القتال وعدم تمديد الهدنة، وظهر ذلك من خلال التصريحات التي أدلى بها قادة اسرائيل وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو أنه بمجرد انتهاء الهدنة ستبدأ العمليات القتالية لتصفية فصائل المقاومة حماس وغيرها داخل القطاع.
مماسبق نرى أن الاحتلال لن يوقف القصف والعدوان والموت في غزة قبل الإفراج عن الرهائن وبالمقابل فصائل المقاومة الفلسطينية لن تسلم الرهائن قبل وقف الحرب على سكان غزة، وهذه المعادلة المستحيلة الحل ستستمر في الفترة القادمة دون تغيير و"الكل مقابل الكل" هو شرط فصائل المقاومة الفلسطينية للقبول بالإفراج عن كل الرهائن الإسرائيليين لديها، وهي صفقة يمكن أن تتم لكن سيؤجل تنفيذها في الوقت الراهن.
وفي النهاية سيضطر نتيناهو لحل أزمة الأسرى التابعين لدولة الاحتلال تحت ضغط المظاهرات الشعبية التي فتحت جراح الدولة اليهودية والمطالبة بالإفراج عن العائلات الإسرائيلية لدى حماس وزادت الحملات ضد نتيناهو لدرجة مطالبته رسمياً بالرحيل وإعادة كل الأسرى الفلسطينيين والانسحاب من غزة و وقف الحرب.
[1] rabic.rt.com/prg/إسرائيل-وحماس-الصفقة-الشاملة-تتظلب-تنازلات-صعبة-1516483/بالتفاصيل
[2] www.alhurra.com/palestine/2023/12/01/انهارت-الهدنة-في-غزة؟
[3] https://2h.ae/qobT
[4] https://2h.ae/ojzS
[5] https://twitter.com/Rassd_Oman/status/1730507286311772184