طوفان الأقصى .. القوة للمتجذرين في الأرض والتطبيع تحت الأقدام
لا يمكن أن يكون ما بعد معركة "طوفان الأقصى" كما قبلها، فهي تحول نوعي في سياق الصراع العربي الإسرائيلي وهزيمة استراتيجية على كل المستويات للعدو الصهيوني وعلامة فارقة في التاريخ لن تُمحى ولن تُنسى، وستبقى محل تساؤلات وتحليلات لدى العدو.
لا يمكن أن يكون ما بعد معركة "طوفان الأقصى" كما قبلها، فهي تحول نوعي في سياق الصراع العربي الإسرائيلي وهزيمة استراتيجية على كل المستويات للعدو الصهيوني وعلامة فارقة في التاريخ لن تُمحى ولن تُنسى، وستبقى محل تساؤلات وتحليلات لدى العدو.
أثبتت معركة طوفان الأقصى أن القوة للأقوى والأقوى هم أصحاب الأرض أي الشعب الفلسطيني ومقاومته وحقوقه ومقدساته، وكل ما عدا ذلك ليس له أي وجود طال الزمان أم قصر وهذه رسالة يجب أن تدركها الدول العربية المطبعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وإعادة تقييم للوضع، إذ ثبت وبالدليل القاطع الذي هو اليوم طوفان الأقصى أن كل عمليات التطبيع واتفاقيات الذل والهوان أي ما سمي اتفاقات أبراهام لا تساوي سوى الحبر الذي كتبت فيه.
إذ لا تستطيع بأي حال من الأحوال حماية الكيان الغاصب بل هذه الاتفاقيات غير موجودة في قاموس المقاومة الفلسطينية التي تمتلك زمام المبادرة والمباغتة والمفاجئة وتحصر العد وتكبله والمشاهد المتأتية من غزة المقاومة ومن عموم فلسطيني تحكي القصة قصة الفخر والاعتزاز.
على الدول المطبعة أن تدرك أنها في الطريق الغلط ومع ذلك يمكنها تصحيح المسار إن أرادت بإلغاء اتفاقيات العار ونسفها وطرد سفراء إسرائيل لديها وإغلاق السفارات والالتفاف حول مقاومة الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة وأن تثبت ولو لمرة واحدة أنها داعمة لفلسطيني وشعبها وقضيتها العادلة وليس مجرد شعارات واجتماعات بلا نتيجة.
يرى الكثيرون أن معركة طوفان الأقصى بداية التحرير للأرض والشعب والمقدسات وسيكون لها نتائج وتداعيات كبيرة على القضية وعلى الكيان الصهيوني وعلى المشاريع المعادية لأمتنا، كما أن انتصار الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة هو انتصار لمحور المقاومة، إذاً كل عمليات التطبيع تحت الأقدام وليست مهمة بالنسبة لنا فالنضال طويل ومستمر، ولا سيما أن معركة طوفان الأقصى أظهرت عجز الكيان الصهيوني أمام إرادة المقاومة الفلسطينية، وأكدت أن المقاومة السبيل الوحيد لتحرير الأرض وعودة الحقوق.
ربما يتجاهل العرب ممن سار في ركب التطبيع الحقائق التاريخية ويصدقون المزاعم الصهيونية، وإذا كان الأمر كذلك فليقرأوا جيدا ما أتت على ذكره صحيفة "هآرتس" العبرية أحد أهم وأبرز وسائل العدو تحت عنوان "إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة" المقال الذي دحض كل المزاعم الصهيونية وهو أمر لافت ويشكل صدمة داخل المجتمع الإسرائيلي لا تقل عن صدمة "طوفان الأقصى".
يقول كاتب المقال الصهيوني الشهير (آري شبيت) يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال.. يجب فعل ما اقترحه (روغل ألفر) قبل عامين، وهو مغادرة البلاد. إذا كانت “الإسرائيلية” واليهودية ليستا عاملاً حيوياً في الهوية، وإذا كان هناك جواز سفر أجنبي لدى كل مواطن إسرائيلي، ليس فقط بالمعنى التقني، بل بالمعنى النفسي أيضاً، فقد انتهى الأمر. يجب توديع الأصدقاء والانتقال إلى سان فرانسيسكو أو برلين أو باريس. من هناك، من بلاد القومية المتطرفة الألمانية الجديدة، أو بلاد القومية المتطرفة الأميركية الجديدة، يجب النظر بهدوء ومشاهدة “دولة إسرائيل” وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة.
ويؤكد الكاتب، أن “الإسرائيليين” منذ أن جاؤوا إلى فلسطين، يدركون أنهم حصيلة كذبة ابتدعتها الحركة الصهيونية، استخدمت خلالها كل المكر في الشخصية اليهودية عبر التاريخ. ومن خلال استغلال ما سمي “المحرقة” على يد هتلر «الهولوكوست» وتضخيمها، استطاعت الحركة أن تقنع العالم بأن فلسطين هي “أرض الميعاد”، وأن الهيكل المزعوم موجود تحت المسجد الأقصى، وهكذا تحول الذئب إلى حمَل يرضع من أموال دافعي الضرائب الأميركيين والأوروبيين، حتى بات وحشاً نووياً.
واستنجد الكاتب بعلماء الآثار الغربيين واليهود، ومن أشهرهم «إسرائيل فلنتشتاين» من جامعة “تل أبيب”، الذي أكد أن الهيكل أيضاً كذبة وقصة خرافية ليس لها وجود، وأثبتت جميع الحفريات أنه اندثر تماماً منذ آلاف السنين، وورد ذلك صراحة في عدد كبير من المراجع اليهودية، وكثير من علماء الآثار الغربيين أكدوا ذلك.
وشدد على القول إن لعنة الكذب هي التي تلاحق “الإسرائيليين”، ويوماً بعد يوم، تصفعهم على وجوههم بشكل سكين بيد مقدسي وخليلي ونابلسي، أو بحجر جمّاعيني أو سائق حافلة من يافا وحيفا وعكا.. يدرك “الإسرائيليون” أن لا مستقبل لهم في فلسطين، فهي ليست أرضاً بلا شعب كما كذبوا.
وها هو كاتب آخر يعترف، ليس بوجود الشعب الفلسطيني فقط، بل وبتفوقه على “الإسرائيليين”، هو جدعون ليفي الصهيوني اليساري، إذ يقول: يبدو أن الفلسطينيين طينتهم تختلف عن بقية البشر، فقد احتللنا أرضهم، وأطلقنا على شبابهم الغانيات وبنات الهوى والمخدرات، وقلنا ستمر بضع سنوات، وسينسون وطنهم وأرضهم، وإذا بجيلهم الشاب يفجر انتفاضة الـ 87 .. أدخلناهم السجون وقلنا سنربيهم في السجون.
وبعد سنوات، وبعد أن ظننا أنهم استوعبوا الدرس، إذا بهم يعودون إلينا بانتفاضة مسلحة عام 2000، أكلت الأخضر واليابس، فقلنا نهدم بيوتهم ونحاصرهم لسنين طويلة، وإذا بهم يستخرجون من المستحيل صواريخ يضربوننا بها، رغم الحصار والدمار، فأخذنا نخطط لهم بالجدران والأسلاك الشائكة.. وإذا بهم يأتوننا من تحت الأرض وبالأنفاق، حتى أثخنوا فينا قتلاً في الحرب الماضية، حاربناهم بالعقول، فإذا بهم يستولون على القمر الصناعي “الإسرائيلي” (عاموس)؟ ويدخلون الرعب إلى كل بيت في “إسرائيل”، عبر بث التهديد والوعيد، كما حدث حينما استطاع شبابهم الاستيلاء على القناة الثانية “الاسرائيلية”.
خلاصة القول، يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال. الاستماع إلى هذه الشهادة إن صحة تسميتها ضروري جدا في هذه المرحلة حيث الكيان يحتضر ويُنازع وما على المطبعين إلا التقاط الفرصة قبل أن تنقلب شعوبهم عليهم وعندها لن ينفع الاستجداء والعودة إلى الوراء.
المصادر:
1- https://cutt.us/wNvVt
2- https://cutt.us/1iLtm