زيارة "مارك ميلي" المفاجئة إلى سوريا.. ما هي الأهداف والدلالات؟
قالت وسائل إعلام أمريكية، إن رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي أجرى السبت زيارة مفاجئة لسوريا. وأجرى الزيارة "لتقييم مهمة عمرها ثمانية أعوام تقريبا لمحاربة تنظيم داعش ومراجعة إجراءات حماية القوات الأمريكية من أي هجوم"، بحسب ما أوردت قناة الحرة.
وأوضح المتحدث باسم ميلي الكولونيل دايف باتلر لفرانس برس أن زيارة ميلي السبت إلى سوريا كان هدفها لقاء القوات المتواجدة هناك.
وأضاف باتلر أنه خلال الزيارة تلقى ميلي "آخر التطورات حول مهمة مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، وتفقّد تدابير الحماية، كما قيّم جهود الترحيل من مخيم الهول"، الذي يقطنه أكثر من 50 ألف شخص، غالبيتهم نساء وأطفال، بينهم أكثر من عشرة آلاف من عائلات مقاتلي التنظيم الأجانب، الذين لم تستعدهم دولهم.
من جهتها دانت وزارة الخارجية السورية الأحد زيارة رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، ووصفتها بـ"غير الشرعية".
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر في الخارجية قوله إن "سورية تدين بشدة الزيارة غير الشرعية لرئيس هيئة الأركان الأميركي إلى قاعدة عسكرية أميركية غير شرعية في شمال شرق سورية".
واعتبر المصدر أن الزيارة تُشكل "انتهاكاً صارخاً لسيادة وحرمة" الأراضي السورية، مطالباً "الإدارة الأميركية بالتوقف فوراً عن انتهاكاتها الممنهجة والمستمرة للقانون الدولي ووقف دعمها لميليشيات مسلحة انفصالية".
ولم تحدد وسائل الإعلام الأميركية القاعدة التي زارها المسؤول الأميركي الرفيع، كما لم تتحدّث عن أيّ لقاءات أجراها مع جهات محلّية تتولّى الولايات المتحدة تقديم الدعم لها، إلّا أن مصادر مطّلعة أكدت، لـ«الأخبار»، أن «الزيارة كانت لقاعدة التنف جنوب سوريا، وليست إلى القواعد الأميركية شمال شرقها»،
تأتي زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية إلى سوريا في وقت أقام فيه "جيش سورية الحرة" الإرهابي وبحضور القوات الأمريكية، "حفل تخرج ناجح" لمجموعة من الإرهابيين الذين كانوا يقاتلون في صفوف داعش الذي تدعي أمريكا التواجد في سوريا من أجل محاربته.
وكانت مناطق سيطرة الجيش السوري البادية السورية، قد شهدت هجومَين متتاليَين، خلال أقلّ من أسبوع واحد، أوديا بحياة 57 شخصاً. حيث استغلّ داعش الإرهابي الانشغال بتداعيات الزلزال المدمّر، لينفّذ هجوماً على مجموعة مدنيّين يعملون في جمع فطر الكمأة في بادية السخنة في ريف حمص.
ويشير الخبراء، إلى أن تنظيم داعش الإرهابي يشن هجماته فقط ضد تجمعات الجيش السوري، متجاهلاً وجود القوات الأمريكية في مناطق نفوذه، وهذا يؤكد أن الولايات المتحدة هي التي تعطي الأوامر للتنظيم بتنفيذ الهجمات حيث لم تسجِّل فيه هذه المنطقة، الخاضعة لسيطرة الأميركيين والفصائل الموالية لها، أيّ هجمات لخلايا التنظيم منذ فترة طويلة.
ويؤكد الخبراء، أن هناك نشاط غير اعتيادي للقوات الأميركية، في منطقة الـ 55 كلم في عمق البادية السورية، خلال الأسابيع الأخيرة، ويرجح الخبراء قيام القوات الأميركية بنقل عدد من عناصر التنظيم الإرهابي من سجون قسد، باتجاه قاعدة التنف، وإطلاقهم باتجاه البادية التي يسيطر عليها الجيش السوري، ويضيف الخبراء إنه تمّ أيضاً رصْد حركة تنقّل مشبوهة، يُعتقد أنها لخلايا داعش باتجاه البادية في منطقة المزارع في مدينة الطبقة في ريف الرقة.
وأكد الخبير العسكري والاستراتيجي العميد قاسم قنبر أن الزيارة ليست حدثا معزولاً عما سبقها من زيارة مارك ميلي نفسه الى الكيان الصهيوني الذي يقرع طبول الحرب على نحو اضطراري هذه المرة، وأضاف أن الزيارة كذلك غير معزولة عن تلك التي سيقوم بها وزير الحرب الأمريكي إلى المنطقة ويلتقي فيها عدداً من قادة الدول التابعة لواشنطن حيث يمكن أن تبحث في التصعيد الكبير الذي يمكن أن يحصل والذي وشى به الإعلام الصهيوني.
وشدد العميد قنبر على أن الإعلان الأمريكي على أن الهدف من الزيارة هو "تقييم مهمة عمرها ٨ سنوات لمحاربة تنظيم داعش مع مراجعة إجراءات حماية القوات الأمريكية من أي هجوم" هو أمر مثير للسخرية في شقه الأول على اعتبار أن كل هجمات "داعش" على قوات الجيش العربي السوري والمواطنين الأبرياء كانت تأتي انطلاقا من قاعدة التنف نفسها التي زارها ميلي وكانت تأخذ طابعا كيديا يرتبط بالنجاحات التي يحققها هذا الجيش.
ويضيف الخبير العسكري والاستراتيجي أن الجانب المتعلق بحماية القوات الأمريكية من أي هجوم هو فعلاً في صلب زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية حيث كثفت المقاومة الشعبية في المدة الأخيرة من وتيرة هجماتها على القواعد الأمريكية المتواجدة في سوريا الأمر الذي أشعر جنود الاحتلال الأمريكي في هذه المناطق بأن حياتهم على المحك لا بل إنها في متناول من يهاجمهم ممن يريد أن يرسل لهم "رسالة إنذار بوجوب الانسحاب من المنطقة أحياء قبل أن يعودوا في توابيت".
ويحمل اختيار رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة لـ”التنف” دوناً عن غيرها رسائل متعدّدة، حيث تنظر واشنطن إلى “التنف” التي أُنشئت عام 2016 بوصفها محطّة استراتيجية تهدف إلى الإشراف على المنطقة التي تصل بين سوريا والعراق، وفي هذا الإطار تشير صحيفة “الأخبار” إلى أن “الولايات المتحدة تولي القاعدة المذكورة اهتماماً متزايداً، إذ تحاول بوساطتها تعزيز مراقبتها للحدود، وقطْع سبل التواصل بين سوريا وحلفائها، بالإضافة إلى أن القوات التي تديرها فيها هي قوّات عربية بخلاف بقية القواعد التي تدير فيها واشنطن تشكيلات كردية “قوات سوريا الديموقراطية – قسد”.
كما ترى الصحيفة أن ما يفسّر سبب اختيار ميلي “التنف” تحديداً، من بين قواعد أمريكية عدّة في الشمال الشرقي من البلاد، هو”الحرص على مراعاة أمن الإسرائيليين ومساعدتهم في تحقيق أهدافهم في سوريا، وتأكيد عدم وجود أيّ نوايا للانسحاب من هذا البلد؛ ومراعاة الحساسية التركية بالنظر إلى أن القاعدة المختارة بعيدة من مناطق سيطرة “قسد”، فضلاً عن إنعاش معنويات القوّات المنتشرة في القواعد الأمريكية بعدما تعرّضت هذه الأخيرة لاستهدافات عدّة صاروخية أو بطائرات مسيّرة، والاطّلاع على عمل الأنظمة الدفاعية التي نشرتها الولايات المتحدة في سوريا للتصدّي لأيّ هجمات إضافية، وتقييم الحاجة إلى مزيد من المعدّات لتحصين تلك القواعد تحصيناً أكبر”.
لا يمكن النظر إلى زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية إلى سوريا زيارة روتينية لمسؤول رفيع يتفقد أحوال جنود بلاده الذين يتمركزون بطريقة غير شرعية في سوريا بل لا بد من النظر اليها في إطار ترتيبات إقليمية كبرى.
مجد عيسى
المصادر:
1-https://cutt.us/OYSsC
2-https://cutt.us/8QUmi
3-https://cutt.us/dFb7j
4- https://cutt.us/SsM2c
5- https://cutt.us/sEJju