حلقة العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض تكتمل
قدّم السفير السعودي الجديد في طهران "عبد الله العنزي"، يوم أمس الأحد، نسخة من أوراق اعتماده إلى وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبداللهيان، لتكتمل بذلك حلقة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وبينما تسلّم وزير الخارجية الإيراني نسخة من أوراق اعتماد سفير المملكة العربية السعودية الجديد في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بحث الطرفان بعض القضايا الثنائية والإقليمية. وكان السفير السعودي الجديد قد وصل إلى طهران يوم الثلاثاء الماضي، وفي نفس اليوم توجه سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى السعودية علي رضا عنايتي إلى الرياض، وبناء على ذلك تم رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين ايران والسعودية.
خطة مُتسارعة نحو التقارب الشامل
وتسير العلاقات بين البلدين بخطى ثابتة وبوتيرة مُتسارعة نحو التقارب الشامل في كافة المجالات. سيما بعد أن توصلت إيران والسعودية في بكين يوم 9 مارس /آذار الماضي وبعد خمس جولات من المفاوضات الأمنية في العراق (ابتداء من أبريل 2021 والجولة الأخيرة في مايو 2022 وثلاث جولات من المحادثات في عمان ووساطة هذين البلدين، إلى اتفاق نهائي لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، وكان قد جرى التمهيد للاتفاق بعد زيارة رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله رئيسي إلى بكين في فبراير 2022 والتنسيق الذي اجراه الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال زيارته للرياض والمشاورات التي أجراها المسؤولون الصينيون والسعوديون.
عودة مُتسارعة للعلاقات
عقب تلك السلسلة المُكثّفة من المباحثات بين الطرفين، إلتقى وزيرا خارجية إيران والسعودية في بكين وتقرر تبادل الوفود الفنية لمراجعة عملية إعادة فتح البعثات الدبلوماسية للبلدين، وبعد تبادل الوفود أخيرا يومي 6 و7 يونيو، تم افتتاح السفارة الإيرانية والقنصلية العامة الإيرانية في جدّة، بالإضافة إلى مكتب تمثيل إيران في منظمة التعاون الإسلامي في جدّة بشكل رسمي. وفي 17 يونيو/حزيران، قام وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بزيارة إلى طهران لمدة يوم واحد، وفي أغسطس/آب، بدأت البعثات الدبلوماسية السعودية في طهران وجدة نشاطها مؤقتا في فندقين لحين جاهزية مباني السفارة والقنصلية العامة.
وكان قد أجرى وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان مؤخراً زيارة مُثمرة الى السعودية إلتقى خلالها كلّاً من نظيره السعودي وعدد من المسؤولين السعوديين علاوة على لقائه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، زيارة تميّزت بأجواء إيجابية، خصوصاً في مجال تطوير التعاون الإقتصادي والثقافي بين البلدين الإسلاميين.
تبادل الوفود
بالتزامن مع تسارع وتيرة عودة العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض، جرت عدّة تطورات هامة في سياق عودة التعاون الشامل بينهما، حيث توجه عصر أمس الأول وفد سعودي الى العاصمة الايرانية، وشارك في الاجتماع الدولي لمكافحة الغبار الذي انعقد في طهران، حيث اعلنت السفارة الايرانية لدى الرياض على صفحتها انه “في سياق تطبيع العلاقات بين ايران والسعودية، توجه وفد سعودي الى طهران يوم السبت، للمشاركة في الاجتماع الدولي لمكافحة الغبار”. كما اعلنت السفارة الايرانية ايضا ان “ان وفدا ايرانيا من وزارة السياحة والتراث الثقافي والصناعات اليدوية توجه الى الرياض يوم الاحد للمشاركة في الاجتماع الـ 45 للتراث العالمي لليونسكو”.
نقطة لصالح الدبلوماسية الإقليمية
في الجانب الرياضي أيضاً بدأت تتحرك المياه الراكدة في العلاقات بين البلدين، إذ من المقرر بعد أسبوعين، أن يستضيف برسبوليس طهران فريق “النصر” السعودي ونجمه البرتغالي الأسطورة كريستيانو رونالدو، على ملعب آزادي في العاصمة طهران. وبغض النظر عن النتيجة التي ستتمخض عنها هذه المباراة بين المنتخبين البارزين في غرب آسيا، فإن النقطة الأولى في هذه المباراة سيتم تسجيلها لصالح الدبلوماسية الإقليمية الناجحة. لأن هذه اللعبة لن تذييب الجليد عن سبع سنوات من الجمود في العلاقات فحسب، بل تظهر أيضا أن الاتفاق الجديد بين القوتين الإقليميتين لم يكن “احتفاليًا” و”استعراضيا” كما يزعم البعض، إنما يأتي في صميم نيّة قادتهما لتطوير العلاقات في كافة المجالات بما يخدم مصالح شعبيهما. كما أن العودة المتسارعة للعلاقات بين ايران والسعودية “يحطم جميع السهام” التي توجّهها وسائل الإعلام الغربية نحوهما، والتي كانت تزعم أن التوتر الذي شاب العلاقات الإيرانية السعودية منذ عام 2016 عميق لدرجة لا يمكن معالجته من خلال بضع جولات من المفاوضات واتفاق أو اتفاقين فقط.