الموقف الأمريكي من العلاقات الصينية– البرازيلية
أبدت الولايات المتحدة الأمريكية انزعاجها من الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا كونه قام بزيارة إلى الصين عقد خلالها خمس عشرة اتفاقية في مجال التكنولوجيا والذكاء الصناعي، والزراعة وتصدير اللحوم، وفي مجال الأقمار الصناعية.
لا يمكن تفسير انزعاج الولايات المتحدة من التحركات البرازيلية الإقليمية والدولية مؤخراً، سوى أنه تعبير عن خيبة أمل الولايات المتحدة من الإبقاء على دولة كبيرة بحجم البرازيل مجرّد حديقة خلفية لها كما كانت عليه الحال في السنوات السابقة، على الرغم من أن الرئيس العائد من بكين لولا دا سيلفا أبدى رغبة واضحة في الانفتاح على جميع بلدان العالم.
يُذكر أن دا سيلفا استهل جولاته الخارجية بزيارة العاصمة الأمريكية واشنطن، متعهداً باستعادة الدور الإقليمي والدولي لبلده الذي يمثّل أكبر اقتصادات أمريكا اللاتينية، ناهيك عن إعادة إنعاش الاقتصاد والتجارة وعجلة الإنتاج الصناعي التي تضرّرت كثيراً في عهد سلفه جايير بولسونارو.
ولأن لولا دا سيلفا يدرك أهمية دور البرازيل ومجموعة “بريكس” التي أبدت تفوقاً اقتصادياً على مجموعة الدول السبع الكبرى، بحسب بعض التقارير والبيانات، فقد كان يرغب في موازنة العلاقات بين الغرب والشرق، لكن الولايات المتحدة كان لها رأي آخر في هذا المجال، انطلاقاً من مفهومها للعلاقات الدولية، ومحاولاتها تكريس قاعدة “من ليس معنا فهو ضدنا”.
ووفقاً لهذه القاعدة، فقد نسيت الولايات المتحدة أو تناست الاتفاق على حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان، واعتبرت زيارة الرئيس لولا دا سيلفا للصين خرقاً للمصالح الأمريكية، وخاصةً عندما حاول لولا دا سيلفا اقتراح خطة سلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا عبر تشكيل مجموعة من الدول غير المشاركة في الحرب الساخنة للتوسط في السلام، وعبر دعوة الولايات المتحدة إلى التوقف عن إرسال الأسلحة والمال والمعلومات الاستخبارية إلى أوكرانيا، والبدء بالحديث عن السلام الحقيقي بين الأطراف المتنازعة.
لقد اتهم القادة الأمريكيون البرازيل بأنّها تردّد الدعاية الصينية والروسية من دون أن تنظر إطلاقاً إلى الحقائق بشأن الوضع في أوكرانيا. بطبيعة الحال، رفضت القيادة السياسية البرازيلية الانتقادات التي وجهتها إليها الإدارة الأمريكية، وعلّق وزير خارجيتها ماورو فييرا على تصريحات المتحدث باسم الأمن القومي الأمريكي في البيت الأبيض جون كيربي بالقول: “لا أعرف لماذا وكيف توصل إلى هذا الاستنتاج، ولكني لا أوافقه على الإطلاق”.
الحقيقة أن انزعاج الولايات المتحدة من البرازيل لا يتوقف على مساعي برازيليا للبحث عن حلّ متوازن للأزمة الأوكرانية- الروسية التي انعكست تداعياتها على العالم أجمع، وإنما لخروجها من تحت الغيمة الأمريكية، خصوصاً بعدما توصلت إلى اتفاق مع الصين للتخلي عن الدولار واستخدام عملتيهما المحليتين اليوان الصيني والريال البرازيلي في تعاملاتهما التجارية الثنائية بين الدولتين.
المصدر: البعث