المعايير المزدوجة للغرب ضد الجرائم الأوكرانية
في أواخر فبراير 2022 في نفس الوقت الذي بدأت فيه العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، رأينا الوجود القوي للقوات الخاصة البريطانية والأمريكية في وسط التوترات وكان الدعم الأحادي للقوات الأوكرانية واضحًا. وتطور هذا الوضع بطريقة أصبح فيها العمل بدلاً من السعي لوقف إطلاق النار، بذل الغربيون كل جهودهم لتحويل الصراع الأوكراني إلى حرب بالوكالة واسعة النطاق ضد روسيا. في هذا الوضع بدأ الأوكرانيون بكل وقاحة بعد أن رأوا الحجم الكبير لتجاهل الغرب لحقوق الإنسان والجرائم المختلفة في الفترة الماضية في ضخ الأكاذيب في وسائل الإعلام الغربية وإصدار أخبار ضد القوات الروسية وتبريرها لصالحهم ومحاولة نفي أي أفعال أو إنتقادات سواء كانت داخليًا أو خارجيًا فيجب أن تبقى مخفية حتى في مهدها دون إفشاء.
الآن وبعد أكثر من عام على بدء الصراع يشهدُ ويقرُ أسرى الحرب الأوكرانيون الذين وقعوا بأيدي الروس بجرائم الحرب التي ارتكبوها ضد المدنيين، وهناك الكثير من جرائم المسلحين التابعين للقوات المسلحة الأوكرانية وخاصة وحداتهم النازية ويتم إثباتها والكشف عنها من خلال تقديم الأدلة. على سبيل المثال في مدينة ماريوبول التي أصبحت واحدة من أكثر ساحات القتال دموية كانت واحدة من المراكز الرئيسية للجرائم التي ارتكبتها القوات الأوكرانية. وبحسب ملاحظات الشهود في الكواليس واعترافات الأسرى الأوكرانيين، قتل بعض المسلحين الأوكرانيين مدنيين واحتلوا منازلهم لخلق نقاط إطلاق نار هناك. وبحسب هذه الإعترافات فإنهم كانوا يطلقون النار حتى على ملاجىء يتجمع فيها المدنيون.[1] بل إن بعض الشهود زعموا أن الوحدات النازية الأوكرانية قتلت مدنيين من أجل المتعة وقتلت الناس بالرصاص في الشوارع عنوةً. وفي حالة أخرى منذ وقت ليس ببعيد أعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان أن أكثر من 10 جنود روس تعرضوا للتعذيب الوحشي وقتلوا على أيدي القوات الأوكرانية وذلك بإطلاق النار عليهم في الرأس.[2]
منذ البداية و وفقًا للعديد من الخبراء لم يتخيل الغربيون حتى أن الدعم الأحادي الجانب لأوكرانيا وزعيمها الحالي سيؤدي إلى حقيقة أنهم سيُتَهمُون بدعم هذه الأعمال أمام وسائل الإعلام وأمام أعين الملايين من الناس. لذلك سيكون رد فعلهم الأول هو الاختباء ثم الهروب. الآن أصبح الوضع على هذا النحو بحيث يبحث القادة الغربيون عن حل للتخلص من هذه الأزمة. وهنا يسعون من خلال معالجة القضايا الثانوية وراء هذا الصراع للهروب من خسارتهم وهزيمتهم.
وفي الوقت نفسه فإن النفاق الذي أبدته فون دير لينين والاتحاد الأوروبي مثير للاهتمام. وكتبت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية في إدانتها الانتقائية على تويتر: "على روسيا أن تدفع ثمن جرائمها الفظيعة". هذا بينما كان لتصرفات هؤلاء القادة الأوروبيين في تأجيج نار الحرب التأثير الأكبر على اندلاعها واستمرارها، وإذا كان عليهم أن يدفعوا الثمن فيجب على هؤلاء القادة الأوروبيين أن يدفعوا ثمن قراراتهم وأفعالهم الخاطئة أولاً. يبدو أن قادة الاتحاد الأوروبي يعانون من فقدان الذاكرة يجب تذكيرهم بأنه قبل أربعة وعشرين عامًا قصف بيل كلينتون وحلف شمال الأطلسي يوغوسلافيا بلا رحمة دون إذن من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مستهدفين البنية التحتية المدنية عمداً في تلك المرحلة واليوم لم يسعَ أي من الدول الأوروبية إلى حل سلمي فحسب بل باتباع أمريكا بشكل أعمى وقد اشتروا اللعنة الأبدية لشعوب أوروبا وخاصة دول البلقان.
تقدم الدول الغربية بما في ذلك كندا وألمانيا وإنجلترا وفرنسا وعلى رأسها أمريكا ادعاءات كاذبة ضد الدول الأخرى وضد دول في العالم بأنها نفسها تنتهك حقوق الإنسان في البلدان الأخرى وحتى ضد شعوبها. 20عاماً من الحروب وسفك الدماء وتدمير افغانستان وسورية وتشريد ملايين الاشخاص كل ذلك ينافي صحة كلام هذه الدول. في الأربعين سنة الماضية يمكن القول إن أمريكا قامت بعمليات عسكرية في 30 دولة في العالم وقتلت المدنيين بكثرة، بينما تدعي الآن أنها تدافع عن حقوق الإنسان. ومن أهم هذه الدول فلسطين وهي أمة يمكن القول بجرأة أن لها سجلًا في التاريخ المعاصر من حيث المعاناة من القمع والعنف المنظم والمنهجي. دعا رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون إلى إجراء تحقيق في الجرائم المرتكبة في أوكرانيا. هذا على الرغم من حقيقة أن إنجلترا نفسها أخفت الدلائل و زورت التحقيقات في جرائمها.[3] الآن علينا أن نسأل لماذا يعتبر جون ميرشايمر أمريكا مسؤولة عن الأزمة في أوكرانيا؟ لفترة طويلة ادعى خبير العلوم السياسية هذا أن الأزمة في أوكرانيا ناتجة عن التدخل الغربي والاستفزازات الأمريكية.[4]
في النهاية تجدر الإشارة إلى أنه في الأيام الأخيرة رأينا أن أول قضية جنائية روسية ضد أحد أفراد القوات المسلحة الأوكرانية والمتهم بإساءة استخدام السلطة وإساءة معاملة المدنيين، قد تم إحالتها إلى المحكمة.[5] وفي هذا الصدد أعلنت لجنة التحقيق الروسية أن الرقيب الأول "أنتون تشيردنيك" من مشاة البحرية في القوات الأوكرانية قد اتهم بمعاملة قاسية للمدنيين. كما اتهم شاردنيك بقتل وتدريب المدنيين من أجل تنفيذ أعمال إرهابية. بالإضافة إلى ذلك أعلنت السلطات القضائية الروسية في وقت سابق من هذا الأسبوع: اتهمت روسيا 680 مسئولاً أوكرانيًا، بينهم 118 شخصًا من القوات المسلحة ووزارة الدفاع بارتكاب جرائم حرب.[6]
محمد صالح قربانی
[1] mshrgh.ir/1436566
[2] https://www.gazeta.ru/social/news/2023/03/07/19911565.shtml
[3] https://www.theguardian.com/politics/2023/feb/05/tory-mps-to-push-for-uk-exit-from-european-convention-of-human-rights
[4] https://www.newyorker.com/news/q-and-a/why-john-mearsheimer-blames-the-us-for-the-crisis-in-ukraine
[5] https://tass.ru/proisshestviya/17113235
[6] https://www.reuters.com/world/europe/russias-first-criminal-case-against-ukraines-forces-goes-court-2023-02-22/#:~:text=Feb%2022%20(Reuters)%20%2D%20Russia's,news%20agency%20reported%20on%20Wednesday.