الكراهية ضد القضية الفلسطينية مشروعٌ حقيقيّ!

في مثل هذه الظروف التي يعيشها أهلنا في غزة يتوجب علينا أن نقدم الدعم اللامحدود وبكل أشكاله للشعب الفلسطيني، طبعاً أقصد هنا "نحن العرب" فبالإضافة إلى أن القضية الفلسطينية قضية المسلمين الأولى لكنها أيضاً قضية العرب الأساسية وقد تربينا على أن القدس عاصمة فلسطين وإسرائيل إلى زوال.

اکتوبر 26, 2023 - 15:32
الكراهية ضد القضية الفلسطينية مشروعٌ حقيقيّ!
الكراهية ضد القضية الفلسطينية مشروعٌ حقيقيّ!

      في مثل هذه الظروف التي يعيشها أهلنا في غزة يتوجب علينا أن نقدم الدعم اللامحدود وبكل أشكاله للشعب الفلسطيني، طبعاً أقصد هنا "نحن العرب" فبالإضافة إلى أن القضية الفلسطينية قضية المسلمين الأولى لكنها أيضاً قضية العرب الأساسية وقد تربينا على أن القدس عاصمة فلسطين وإسرائيل إلى زوال. في ظل هذا الواقع المرير الذي يعيشه العرب من تشتت وضياع للقضية التي تربينا عليها باتت قضيتنا العربية تباع وتشترى حسب مصالح الدول وقيمة الإتفاقيات وحجم الإستثمار فيها، فلا صوت يعلو على صوت المصالح طالما يؤذي مشاعر الإسرائيليين، وأما مشاعر أطفال غزة وشيخوها ونسائها أصبحت من المحرمات وتحت عنوان المساس بالأمن الوطني، أي بات الدعم حتى بالشعارات والصور ورفع الأعلام تهمة سياسية يحاسب عليها في دول البترودولار.

     لاعجب في ذلك، فبلأمس وبعد ساعة فقط من نشره صورة للكفية الفلسطينية التي يفتخر بها كل العرب، قام نادي الهلال السعودي بحذفها من موقعه بعد أن حصدت ملايين المشاهدات من متابعيه، ولكن وفجأة انعكست الآية وبدأت التعليقات والإنتقادات تنهال على نادي الهلال بسبب إزالة هذه الصورة التي تبدو ولو أنها خجولة بعض الشيء في دعم أهلنا في غزة، لكنها تنصف الرأي العام العالمي الذي ينهش الحقيقة في كل لحظة ويعكس صورة الواقع لصالح "الضحايا الإسرائيليين" جراء هجوم المقاومين "الإرهابي" كما أسماه أحد رؤساء العرب الجيران!

الجدير بالذكر أن معظم مواقع التواصل الإجتماعي تداولت الأمر فاضطر أحمد العجلان، الإعلامي الرياضي السعودي الشهير والمعروف، إلى حذف تعليقه الذي تعاطف فيه مع الشعب الفلسطيني المظلوم ونشر على تويتر في تغريدة أخرى يعتذر فيها عن نشر تغريدات رياضية لها علاقة بقضايا سياسية![1]

الأمر واضح وليس بحاجة للتفسير والتحليل، لقد أصبح الرأي العام في السعودية وخاصة مايتعلق بالقضية الفلسطينية مصادر من قبل السلطات هناك وممنوع على الفعاليات المدنية والمجتمعية أن تبدي أي دعم لأهلنا في غزة، ليس خافياً على أحد عندما خرجت مظاهرات مؤيدة لفلسطين من مناطق البقيع والظهران تصرخ لنجدة ونصرة القدس، قوبلوا بالضرب والإعتقال والقمع وحتى البعض منهم تم أسره ولم يعرف عنهم أية معلومات. [2]

في الحقيقة هناك اعتقاد أن السعودية تنتهج أسلوباً يفضي إلى نشر الكراهية ضد الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية وكل من يؤيدها، وتحاول توسيع هذه الظاهرة من خلال أعلام و مشاهير في الأوساط الإعلامية ومواقع التواصل الإجتماعي وتقدم الدعم اللازم لهم من أجل ذلك، وفي هذا الشأن، قام "رواف السعين" أحد رموز الكراهية ضد الفلسطينيين والقضية الفلسطينية ويعرّف نفسه إنه صحفي وأديب وشاعر سعودي، قام في السنوات القليلة الماضية، رسميًا وفي وسائل الإعلام السعودية المملوكة للدولة، بتوجيه أقسى الإهانات للشعب والمقاومة الفلسطينية ومقدسات هذا البلد ولأنصار الشعب الفلسطيني. ورغم كل هذا البغض لم تتم مواجهته أو منعه من قبل الحكومة السعودية، بل على الرغم من الاحتجاجات القوية والمتعددة لمستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، فقد حظي بدعم واسع النطاق من الجيش السيبراني وحسابات مركز الاعتدال السعودي، مما يعزز التكهنات حول هذا المشروع وبأن قضيته هي فعلاً مشروع حكومي. فكيف يُغضُ النظرُ عن إعلامي بات معروفاً يطالب نتنياهو بحرق الفلسطيين وتخليص العالم من شرهم؟ [3]

وهل أصبح الدعاء لهم بدلاً من المسيرات الداعمة هو جلُّ ما تسطتيع أن تقدمه السعودية؟

منذ عدة أعوام وحتى الآن يحرّم مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء فيها المظاهرات التي انطلقت في العديد من الدول العربية والإسلامية لنصرة الفلسطينيين في قطاع غزة ويعتبرها مجرد أعمال غوغائية لا خير فيها، ولا رجاء منها، لكنه في الحقيقة أوصى بالدعاء لهم، بل بالإكثار من الدعاء لأهلنا في غزة وفلسطين حتى النصر...![4]

حتى في دولة الإمارات التي تضامنت مع "ضحايا الصهاينة" لايسمح بمظاهر الدعم والمساندة لأهلنا في فلسطين وغزة المحاصرة! تخيلوا حتى في الرياضة لا يسمحون بذلك. ففي المباراة الودية بين مصر والجزائر، التي أقيمت على ملعب هزاع بن زايد في العاصمة الإماراتية أبوظبي، لم تسمح قوات الأمن الإماراتي بدخول العلم الفلسطيني إلى الملعب، وبعد أن قامت أحد المشجعات الجزائرية التي تمكنت من إحضار العلم الفلسطيني إلى الداخل ولبسته على كتفها، تم طردها من الملعب من قبل قوات الأمن![5]

هناك الكثير والكثير من الأمثلة والأخبار التي تستفز الأعصاب في هذا الشأن، ولاعجب في ذلك بعد أن رأينا المواقف الرسمية المخيبة للآمال اتجاه نصرة القضية الفلسطينية، بالطبع هنا لانعمم الكلام على الشعوب في تلك الدول لإن الشعب العربي في العموم داعمٌ للقدس والدم العربي عنده لم يصبح ماءً ، لكن مافي اليد حيلةٌ أمام حكامٍ ظالمين آثروا مصالحهم على كرامة الأمة العربية، وباعوا قضية العرب الأولى.

تعتمد إسرائيل على مثل هذه السياسات في الدول العربية لنشر ثقافة الكراهية ضد المقاومة وتقبل فكرة التطبيع مع إسرائيل وهذا هو الهدف الأول لها،  وللأسف تسود في عصرنا الحالي أفكار جديدة حول التطبيع واختلاق الأكاذيب والتبريرات على الشعب العربي من أجل استبدال ثقافة المقاومة بثقافة التسامح المذلة التي تروج لها بعض الدول العربية، وتقبل فكرة السلام مع العدو والهزيمة المبطنة بالدعاية السلمية على حساب الشعب الفلسطيني.

د.حسام السلامة 


[1] elhadat24.com/الهلال-السعودي-يحذف-تغريدة-تضامن-فيها

[2] ww.aljazeera.net/news/2002/4/5/السعودية-تمنع-مسيرة-تضامن-مع

[3] www.aljazeeramubasher.net/news/politics/2020/4/29/إعلامي-سعودي-يدعو-نتنياهو-لحرق

[4] www.raialyoum.com/مفتي-السعودية-يحرّم-المظاهرات-المؤيد

[5] www.alalam.ir/news/6728503/بالفيديو--الأمن-الإماراتي-يطرد-مشجعة-تحمل-علم-فلسطين-من-ملعب-أبوظ