السفارديم: خدم الطبقة العليا في الكيان الصهيوني
السفارديم: خدم الطبقة العليا في “إسرائيل”
اليهود السفارديم هم الذين تعود أصولهم الأولى الى اسبانيا والبرتغال (بلاد الأندلس).
من هم السفارديم؟
اليهود السفارديم هم الذين تعود أصولهم الأولى الى اسبانيا والبرتغال (بلاد الأندلس). امتدت التسمية لتشمل جميع اليهود من أصول شرقية، آسيوية وأفريقية. ومن بين أهم الدول التي قدموا منها المغرب، العراق ومصر واليمن وسوريا وإيران. وكلمة “سفارد” هي الكلمة العبرية المستخدمة للإشارة إلى إسبانيا. وتُستخدَم الكلمة في الوقت الحاضر للإشارة إلى اليهود الذين عاشوا أصلاً في إسبانيا والبرتغال. وذلك مقابل “الإشكناز”، أي اليهود الذين كانوا يعيشون في ألمانيا وفرنسا ومعظم أوروبا.
الاستيطان في فلسطين المحتلّة
لم يفكر الكثير من اليهود السفارديم بالهجرة الى فلسطين قبل العام 1948. إلا أنه ومنذ الخمسينات من القرن الماضي، بدأت هجرة اليهود السفارديم، وبنسب كبيرة الى فلسطين المحتلّة حتى أصبحوا يشكلون نسبة 87.7 من المجموع الكلي للمستوطنين في العام 1956. لا يتحدث السفارديم باللغة العبرية السائدة لدى أغلب اليهود أو تلك الاشكنازية، بل لهم تعريف بـ “اللادينو” (الاسبانية والعربية والعبرية)، وهي مزيج من اللغتين الاسبانية والعبرية. اضطر الكيان الإسرائيلي الذي تأسس على يد الاشكناز الى القبول بتلك اللغة، وادماج عبرية السفارديم في المسرح ولغة الإذاعة وفي التعليم في الجامعات والمدارس. وقد اضطر المؤلفون في الأدب العبري الحديث، أو العاملون في مجال الدراسات اللغوية، حتى وإن كانوا من الإشكناز، إلى الخضوع للسان السفارديم.
العنصرية والطبقية: السفارديم حمير الاشكناز
تنطلق العنصرية من مبدأ أن الاشكناز أرادو تأسيس “دولة” ذات نمط أوروبي وتحاكي الحياة الغربية. ودائمًا ما رافقهم الخوف من تزايد نسبة الشرقيين وتوسعوا بما يطيح بأهوائهم، ويعيدهم الى موضع الأقلية. كما بقيت النظرة الى السفرديم كجماعة وظيفية تعمل في خدمة الجماعة المهيمنة وهي الاشكناز. وصفوا بأنهم “اقتلعوا من مدنهم وقراهم بشكل مفاجئ بسبب الحاجة إليهم بشكل فوري لبناء دولة لم يكونوا شركاء في التخطيط لها”. شكّل السفارديم بالنسبة للمجتمع اليهودي العنصري والطبقي، القوة البشرية التي استغلت في الأعمال التي تحتاج الى القوة الجسدية، ما عزّز الفجوات بينهم وبين الاشكناز على مستوى التوزيع الوظيفي ومستوى الدخل.
“لقد جلبتم حميرًا”
على المستوى الاجتماعي، ترفض الاشكناز الزيجات المختلطة مع السفرديم، بزعم أن ذلك ينتج جيلًا فيه “عرق غبي”. وهنا يعلّق السفارديم ضد هذه الطبقية والعنصرية: “لقد جلبتم إلى هنا مليون حمار للتحميل ولوضعهم في إسطبلاتكم بعيدا عن منازلكم، أعطيتمونا سقفا وشيئا لنأكله كما تفعلون مع الحمير، لكن بعيداً عن أطفالكم”.
في مخطط معد مسبقًا، استوطن السفارديم في مدن نائية وحدودية، تفتقر الى الخدمات وقليلة الموارد. كما استوطن بعضهم في معسكرات انتقالية، وفي أكواخ أو مخيمات في ظروف سيئة. وفي بعض الأحيان استخدموا لخدمة المستوطنات الاشكنازية سواء بالعمالة الرخيصة أو بوصفهم مناطق حاجزة بينهم وبين الفلسطينيين. أقيمت لاحقًا مستوطنات للسفارديم، لكنّ الوحدات السكنية المخصصة لهم صغيرة في المساحة، ومقارنةً بحجم عائلاتهم الكبير، ولم يملكوا حق التصرف بها لوقت طويل. وحتى السفرديم الذين سكنوا المدن في الداخل الفلسطيني المحتل، فقد استقروا في أحياء استيطانية فقيرة، فُصلت عن أحياء الاشكناز، وكانت أحيائهم تتفاوت من حيث مستوى العمران والخدمات والبنية التحتية، ما وسع الفجوة بين الاشكناز والسفرديم.
على الصعيد السياسي
لم يتمتع السفرديم بدور كبير على الصعيد السياسي في السنوات الأولى لاستيطانهم في فلسطين المحتلّة، فقد سيطر الاشكناز على مفاصل الكيان، والمراكز المهمة فيه، مثل الحكومة، و”الكنيست”، والخدمة المدنية، والقضاء، والأحزاب، وغيرها. الا أنّ سنة 1977 كانت مفصلية في الحياة السياسية للسفرديم، عندما صوتوا لصالح “حزب الليكود”، فبات ينظر إليهم على أنهم قوة تصويتية تستغل في فترات الانتخابات. أمام الواقع الذي عانى فيه السفارديم أمام الاشكناز، فيعتبر “شاس” ليس فقطً حزبًا سياسيًا، ولكنه أيضا إطار ثقافي تقليدي يعبر عن الشعور بالاغتراب، والغضب والاحتجاج على أجهزة هذا الكيان، من منطلق أنه تخلى عنهم. يشارك هذا الحزب في استغلال الجمهور الشرقي والتهويل السياسي والثقافي، فهو ينظر اليه على أنه تعبير عن “الثقافة اليهودية الشرقية وفي الوقت نفسه وكيل سياسي وأيديولوجي”.
السفارديم الأشد عداوة للفلسطينيين
يعتبر اليهود الشرقيين من بين الأكثر عداوة تجاه الفلسطينيين، ويرد البعض ذلك إلى موقعهم الاجتماعي المتدني في المجتمع اليهودي وموقعهم السياسي مع اليمين الإسرائيلي المتطرف. هذا الموقف من الشعب الفلسطيني يلخّصه، كلام الحاخام الصهيوني العراقي الأصل، أوفاديا يوسف، الذي أوصى اليهود بالإجرام بحق الفلسطينيين: “ممنوع الإشفاق عليهم، يجب قصفهم بالصواريخ بكثافة وإبادتهم”. ويميل السفارديم دائمًا الى المعسكر اليميني واليميني المتطرف في كيان الاحتلال، وقد تصاعد هذا الموقف أكثر من توقيع اتفاق “أوسلو” عام 1993، ثمّ اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000.