إعفاء الحريديم من التجنيد.. قانون جديد سيشعل المظاهرات ضد حكومة نتنياهو
حذرت صحيفة "هآرتس" العبرية، من تداعيات إقرار قانون التجنيد الجديد، القاضي بإعفاء اليهود الحريديم من الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدة أنه بمنزلة المسمار الأخير في نعش الجيش.
وأوضحت الصحيفة في تقرير للخبير الإسرائيلي عاموس هرئيل، أن حكومة اليمين برئاسة بنيامين نتنياهو التي تقود "إسرائيل" حاليا، "مصممة على إبقاء نار الخلاف مشتعلة، وصبّ الزيت على عجلات الاحتجاج ضدها، والمبرر المناوب هو قانون التجنيد الجديد؛ بالاسم الحقيقي قانون تسوية تهرب الحريديم من الخدمة، الذي تريد حكومة نتنياهو شرعنته الآن بضغط من الأحزاب الحريدية".
وذكرت أن "إقرار هذا التشريع سيكون له نقاط ضعف منها: أولا؛ سيخلد عدم المساواة في تحمل عبء الخدمة، ثانيا؛ الحريديم يريدون تأمين القانون الجديد بواسطة تمرير فقرة الاستقواء، وبذلك يعيدون قوانين الانقلاب إلى مركز النقاش العام بصورة تشعل الاحتجاج".
ولفتت إلى أن أحزاب اليمين المتطرف والحريديم التي تشارك في تركيبة حكومة نتنياهو، لديها "قائمة طلبات بعيدة المدى، وهذه غير مقبولة على قسم كبير من الجمهور الإسرائيلي، وربما تقلق قسما من مصوتي حزب "الليكود" برئاسة نتنياهو".
وبينت الصحيفة، أن "ملحمة التجنيد تستمر منذ عقود؛ المحكمة العليا تطلب من الدولة أن تقرر، وبالنسبة لزعماء الحريديم من المهم لهم الدفاع عن ناخبيهم من الخدمة العبثية؛ هكذا ولد في الاتفاقات الائتلافية التعهد بتمرير قانون جديد، يخرج من المعادلة تجنيد الحريديم أو عقوبات اقتصادية ضد مؤسسات تعليم تساعد على التهرب من الخدمة، وفي نفس الوقت، الحريديم حاولوا الدفع قدما بقانون يضمن لمن يتعلمون التوراة مكانة مساوية في الحقوق والتسهيلات، مقارنة مع من تسرحوا من الجيش".
وأضافت: "شريكان آخران في الاتفاق، المرتبط أيضا بتمرير ميزانية الدولة، التي من المخطط المصادقة عليها الشهر القادم؛ وزير الأمن يوآف غالانت (الليكود) ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش (الصهيونية الدينية)؛ غالانت حاول أن يربط التنازل للحريديم بتسهيلات للجنود، عبر اقتراح سن الإعفاء من الخدمة للحريديم بأن يهبط إلى 23 عاما، والجيش سيحصل على عشرة مليارات شيكل إضافية ستخصص كمنح لمن يخدمون، كما ربط وزير الأمن بالخطة عنصرا آخر، الذي فعليا سبق واتفق عليه بين الجيش ووزارة المالية؛ وهو مسار خدمة تفضيلي، الذي في إطاره سيتم تقصير خدمة الجنود في وظائف أقل ضرورة إلى عامين (تطور دراماتيكي)، مقابل زيادة في أجور الجنود الذين يخدمون في وظائف ضرورية، ويخدمون أكثر".
وزارة المالية ردت بتسريب خاص نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم"، حيث عرضت فيه خطة بديلة لسموتريتش من أجل خفض سن الإعفاء لـ21 عاما، وحتى تم الادعاء بأنها مقبولة من قبل رئيس الأركان هرتسي هليفي، وفي ظل هذه التطورات، "وجد الجيش الإسرائيلي نفسه في قلب خلاف سياسي، أجبر أول أمس على التوضيح؛ أن الجيش يتمسك بدعم نموذج "جيش الشعب" والتجنيد للجميع، وهو سيستمر في طرح مسارات خدمة معينة للمجندين الحريديم".
وأشارت "هآرتس" إلى أن سن إعفاء الحريديم من الخدمة مرتبط بـ"التوازنات الداخلية في الجيش"، منوهة إلى أنه "من غير الواضح من أين ستأتي العشرة مليارات شيكل التي يتحدث عنها وزير الأمن، في واقع الميزانية الآخذ في الاشتداد، حيث الانقلاب النظامي يهدد بإحداث كارثة تصيب الاقتصاد الإسرائيلي".
واعتبرت أن "القضية الأكثر إشكالية، هي انعدام خيارات غالانت وليفي مع منح الحريديم الإعفاء في سن صغيرة نسبيا"، مؤكدة أن "تداعيات العملية على الجيش والمجتمع يمكن أن تكون إشكالية جدا، فعقد ونصف من الجهود غير المتزنة من قبل الجيش أثمرت عن نتائج ضئيلة، في كل سنة يتجند للجيش أكثر من ألف حريدي، لكن هذه أقلية مرفوضة تماما مقارنة مع المتهربين بإذن، والجيش لم يحقق حقّا أهداف التجنيد التي وضعت".
وأفادت الصحيفة، بأن "الإطار الحالي للاتفاق يسجن الحريديم في المدارس الدينية حتى جيل متأخر، في حين أن الكثيرين منهم كانوا يفضلون الاندماج في دراسات غير توراتية وفي سوق العمل، هي تخلد الجهل والفقر لأجيال قادمة، كما يرجي النقاش في مسألة إلى أي درجة يحتاج الجيش للحريديم؟ وما هي احتمالية ملء الصفوف في الوحدات التي تحتاج إلى ذلك؟ مثل جزء من الوحدات الرمادية غير المرموقة في المنظومة القتالية".
ونوهت إلى أن "ما يفتقده سموتريتش وغالانت والاقتصاديون يتعلق بالتأثير السيئ، بل والقاتل، الذي سيحدثه انخفاض كبير في سن الإعفاء للحريديم على القطاعات الأخرى في المجتمع، وقسم منه سيتعرض للخطر نفسيا وجسديا"، مضيفة:" الحريديم سيحصلون على إعفاء مسبق بإذن وبصورة شرعية، والدولة ستزودهم بمسارات التفافية لتلقي فوائد حتى لا يتم حرمانهم، مقارنة مع من يتحملون العبء".
وأكدت "هآرتس"، أن "هذا تفكير سيغضب تقريبا كل آباء الجنود والمجندات، هذا القرار هو مثل حقنة سم أخيرة للفكرة التي تحتضر أصلا، "جيش الشعب"، هي ستسقط على أرض هائجة بشكل خاص؛ لأنه في الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي تحظى الخدمة العسكرية بأهمية استثنائية، مثلما برهن على ذلك احتجاج الطيارين في الاحتياط".
وتابعت: "إذا كان نتنياهو يريد أن يضمن في كل يوم سبت من الآن وحتى إشعار آخر، 100 ألف متظاهر آخر في تل أبيب وفي أرجاء البلاد، فلا شك أن الخضوع لطلبات الحريديم سيكون خطوة في الاتجاه الصحيح، ومن المرجح أنه بين المتظاهرين الجدد سيكون عدد غير قليل من مصوتي "الليكود" والعلمانيين والتقليديين، في حين أن مشاريع قوانين أخرى مجمدة كما يبدو".
ورأت أن "الدمج بين تمرير قانون التهرب وفقرة الاستقواء، سيجمع ضد نتنياهو الاحتجاج وسيعزز فقط، على الطريق، من شأنه أن يمس بالدافعية لخدمة عسكرية مهمة، ليس فقط في أوساط رجال الاحتياط، بل أيضا في أوساط المجندين القادمين".
المصدر:عربي 21