هل تحاول أذربيجان وطاجيكستان إقامة تحالف استراتيجي؟
منذ أكثر من عشرين عاما، تسعى دول آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان باستمرار إلى تعزيز وتطوير الاتصالات وإنشاء تحالفات استراتيجية، خاصة في ظل الأهداف المشتركة للتجارة والطاقة والنقل، وقد تم إبرام العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بهذا التنسيق.
منذ أكثر من عشرين عاما، تسعى دول آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان باستمرار إلى تعزيز وتطوير الاتصالات وإنشاء تحالفات استراتيجية، خاصة في ظل الأهداف المشتركة للتجارة والطاقة والنقل، وقد تم إبرام العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بهذا التنسيق.
وفي هذا السياق، نتذكر أن إلهام علييف، رئيس أذربيجان، ألقى كلمة العام الماضي خلال المؤتمر الدولي الرابع "الجيوسياسة لأوراسيا الكبرى، من الماضي إلى الحاضر والمستقبل" في مدينة شوشا بأذربيجان، وتحدث حول مستقبل العلاقات بين آسيا الوسطى وأذربيجان وذكر أنه: "بغض النظر عما يحدث والتطورات التي ستحدث، أعتقد أن آسيا الوسطى وأذربيجان ستصبحان أقرب وأكثر تكاملا في المستقبل".[1]
في بداية الأمر، تجدر الإشارة إلى أن دولتي طاجيكستان وأذربيجان السابقتين كانتا معروفتين كدولتين متحدتين ومتحالفتين تحت مظلة الاتحاد السوفيتي، ويعود تاريخ علاقاتهما الثنائية إلى العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين.[2] حيث تم تكليف مجموعة من المعلمين الأذربيجانيين للخدمة في طاجيكستان بهدف خفض مستوى الأمية وزيادة مستوى المعرفة العامة، واستمراراً لهذه المهام ومع زيادة التبادلات بين شعبي البلدين و نقل بعض الأذريين إلى طاجيكستان، بدأت الخطوات الأولى نحو تطوير وتحسين العلاقات الثنائية، والآن بعد مرور ما يقرب من 30 عامًا على انهيار الاتحاد السوفيتي، فإن مستوى هذه العلاقات على وشك الدخول في مرحلة أكثر جدية وحتى ربما تصل للتحالف الاستراتيجي.
بعد استقلال البلدين وبدء العلاقات الدبلوماسية عام 1992، تم إنشاء سفارة جمهورية أذربيجان في دوشانبي، عاصمة جمهورية طاجيكستان، في أكتوبر 2006، وبعد حوالي عام في عام 2007، تم تأسيس سفارة طاجيكستان في باكو وبدأت العمل بشكل رسمي.[3] في بداية العلاقات الثنائية بين جمهورية أذربيجان وطاجيكستان، ومن الناحية الاقتصادية، لم يكن حجم التبادلات بين البلدين مرتفعا، وتم تصنيف العلاقات بين البلدين ضمن الحد الطبيعي للتبادلات الجارية فقط على أنهما بلدين من نفس المنطقة ليس أكثر، لأن البلدين ليس لديهما حدود مشتركة فحسب، بل كانا أيضًا بعيدين جغرافيًا عن بعضهما البعض. حتى من حيث اللغة وبعض المكونات الأخرى، كانا بعيدين جدًا عن بعضهما البعض، ولكن بعد مرور بعض الوقت ومع تزايد العلاقات السياسية والثقافية والتكنولوجية، زاد حجم التبادلات أيضًا، والآن فقط على هامش منتدى الأعمال أو منتدى الأعمال بين البلدين، تم إبرام اتفاقيات بقيمة أكثر من 700 مليون دولار.[4] في الوقت نفسه، زار رئيس أذربيجان خلال العام الماضي دوشانبي مرتين، وزار طاجيكستان 6 مرات إجمالاً، ومن جهة أخرى، خلال الأسبوع الماضي، زار رئيس طاجيكستان باكو ضمن برنامج رسمي، وهذا يظهر عمق العلاقات الثنائية بين هذين البلدين.
مسارات و أهداف تتطور هذه العلاقات وتوسعها؟
لمعرفة الجواب، من الأفضل الالتفات إلى عناوين الاتفاقيات والمذكرات التي وقعها مسؤولو البلدين في السنوات الأخيرة. المحور الأول والأكثر تكرارا في تطوير العلاقات الثنائية بين هذين البلدين، بالإضافة إلى الأهداف التجارية المشتركة، هو تنفيذ مشاريع النقل المشتركة في بحر قزوين، فضلا عن مسألة التعاون لتعزيز قدرات " "الممر الأوسط" باعتباره طريق عبور من الصين ويمر عبر آسيا الوسطى ومنطقة القوقاز باتجاه أوروبا. ومن الأمور الأخرى التي تعزز علاقات باكو مع آسيا الوسطى تصدير الطاقة والنفط وبعض الموارد الطبيعية والخام لجمهورية أذربيجان إلى هذه المنطقة، وتحاول حكومة باكو أن تلعب دوراً في توفير الطاقة لهذه الدول من خلال كونها قريبة من رؤساء دول آسيا الوسطى وفي المقابل زيادة عمق هذه العلاقات من خلال تطوير المشاريع الاستثمارية المشتركة. ومن بين المجالات الأخرى، يمكن أن نذكر التعاون السياحي والتعليمي، والأهداف التكنولوجية، وإنشاء مؤسسات صناعية مشتركة ضمن المناطق الاقتصادية والتجارية الحرة بين البلدين، والتي تم الانتهاء منها من خلال العديد من الاتفاقيات والتفاهمات على مدى السنوات الماضية.
إن ما يكمن وراء تطور العلاقات واتساع وتعميق العلاقة بين هذين البلدين هو إيجاد إجابة للسؤال هل البلدان أذربيجان وطاجيكستان يسعيان إلى تحقيق تحالف استراتيجي وطويل الأمد أم ببساطة كل ذلك يتماشى مع أهداف أسيادهم التي تتبع المسار المرسوم لهذين البلدين المستقلين حديثًا؟
وهنا يجب أن نتذكر أنه على الرغم من أن دول آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان، من حيث التاريخ والثقافة؛ إنهم يشكلون حضارة واحدة ولهذه المنطقة أهمية خاصة في الجغرافيا السياسية واقتصاد العالم اليوم، وفي الوقت نفسه تشير بعض الدلائل إلى محاولة التوصل إلى تحالف استراتيجي، لكن بحسب العديد من الخبراء، فإن مستوى العلاقات بين هذين البلدين ومايتبعها ضمن علاقاتهم مع دول أخرى في هذه المنطقة و جمهورية أذربيجان، ستبقى علاقاتهم ضمن نفس المستوى الحالي لعدة أسباب منها السيادة الفردية في هذه الدول وطريقة الحكم والاقتصاديات المغلقة في كثير من الأحيان، فضلا عن اعتماد حكامها القوي على الدول الأخرى، وربما لن نشهد تحالفاً استراتيجياً بين هذين البلدين على المدى القصير.
[1] https://president.az/az/articles/view/59576
[2] https://azerbaijan-news.az/az/posts/detail/azerbaycanla-tacikistani-dostluq-ve-qardasliq-elaqeleri-birlesdirir-1716682102
[3] https://azertag.az/xeber/azerbaycan_tacikistan_munasibetleri_yeni_hedeflere_dogru____serh-3025030
[4] https://apa.az/xarici-siyaset/emomeli-rehmon-bakida-biznes-forumda-imzalanmis-muqavile-ve-sazislerin-meblegi-700-mln-abs-dollarindan-cox-olub-844324