ضربة تزلزل جسد الناتو
بعد انتخاب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة تواجه العديد من التحالفات التي كانت أمريكا عضوًا فيها سؤالًا كبيرًا: هل ستستمر هذه الدولة في عضويتها في هذه المعاهدات أم لا؟ ومن بين هذه التحالفات يُعتبر تحالف الناتو الأكثر أهمية حيث تعرض لأضرار مختلفة في مواقفه تحت إدارة ترامب السابقة. الآن قام الأمين العام لحلف الناتو بزيارة ترامب وتجري محادثات معه حول قضايا الأمن العالمي المختلفة.
بعد انتخاب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة تواجه العديد من التحالفات التي كانت أمريكا عضوًا فيها سؤالًا كبيرًا: هل ستستمر هذه الدولة في عضويتها في هذه المعاهدات أم لا؟ ومن بين هذه التحالفات يُعتبر تحالف الناتو الأكثر أهمية حيث تعرض لأضرار مختلفة في مواقفه تحت إدارة ترامب السابقة. الآن قام الأمين العام لحلف الناتو بزيارة ترامب وتجري محادثات معه حول قضايا الأمن العالمي المختلفة.
يمتلك الأمين العام للناتو السيد "روته" تاريخًا من التعاون الجيد مع ترامب خلال فترة وجوده في هولندا. ويعتقد أنه يمكن الوصول إلى توافق مع الرئيس الأمريكي بشأن التعاون المشترك مع الناتو. إن مواقف "روته" فيما يتعلق بالناتو وتكاليف دول أعضائه قريبة جدًا من أفكار الحكومة الأمريكية الجديدة وقد أعلن في مواقف متعددة أن الأعضاء يجب أن ينفقوا أكثر من 2% من ناتجهم المحلي الإجمالي على الأمور الأمنية، على أن يتم تحديد هذه القضية في أقرب وقت ممكن . ويعتقد الأمين العام للناتو أنه إذا تخلت الدول الأعضاء عن الدفع الآن فإن تكلفة الناتو في حالة توسيع الحرب الأوكرانية ستتضاعف.
تُظهر مواقف الأمين العام للناتو بوضوح فهمه لرؤية فريق ترامب تجاه الناتو. في الواقع يؤمن فريق الأمن القومي في إدارة ترامب بأن أوروبا يجب أن تتحمل المزيد من التكاليف وأن الولايات المتحدة ينبغي ألا تتحمل نفقات أكبر من أجل أوروبا.
لقد أدت هذه الرؤية إلى إدخال زعماء أوروبا في حالة من الخوف من حرب أوكرانيا فقد يسعى ترامب للسلام مع روسيا بأي ثمن، دون حل كامل للمشكلات بين روسيا وأوروبا مما قد يبقي أوروبا تحت وطأة الخوف من روسيا ويواجه زعماؤها تحديات كبيرة. لهذا السبب يبذل الأمين العام للناتو جهدًا لفهم ظروف أوروبا ومتطلبات أمريكا لحث الدول الأعضاء على زيادة إنفاقها.
أيضًا قدم "روته" نصيحة لزعماء أوروبا بأن يتصلوا بترامب ويتحدثوا معه بدلًا من التكهن حول مستقبل التحالفات الأمنية بين أوروبا وأمريكا. إلى جانب ذلك فإن زيارة "روته" إلى ترامب في فلوريدا تُظهر تزايد المخاوف لدى الناتو ومن الحقائق أن ترامب يضع أولوية تطوير أمريكا ويسعى لتحقيق مصالح الولايات المتحدة من كل اتفاق أو تحالف لذلك إذا استجاب أعضاء الناتو لمطالب ترامب فمن المحتمل أن يواصل التعاون معهم بشكل أكبر. مع علم الأمين العام للناتو بهذه القضية ومواقفه التي أُعلنت سابقًا فهو يسعى لإفهام الولايات المتحدة أن مخاوفهم قد استمع إليها الناتو وأن هذا التحالف يسعى لمعالجتها ليبقى التعاون دافئًا وواسعًا كما هو الحال دائمًا.
بالرغم أن "روته" يمتلك تجربة تعاون ناجحة تقريبًا مع ترامب إلا أنه يدرك تمامًا أنه يواجه تحديات أكبر وأكثر تنوعًا في قيادته للناتو تجاه الولايات المتحدة. يجب عليه أن يقنع جميع الأعضاء بضرورة دفع مستحقاتهم المتعلقة بالدفاع المشترك، وهذا يمثل تحديًا كبيرًا للبلدان التي تعاني من ضعف اقتصادي. بالإضافة إلى ذلك قد تسعى الولايات المتحدة لتغيير استراتيجياتها وسياساتها الأمنية وقد لا تكون لديها رغبة كبيرة في حضور فعال ضمن الناتو.
في المقابل يمكن لدول الناتو الأوروبية استخدام الأذرع الاقتصادية والسياسية المتاحة لديها لإقناع الولايات المتحدة بالتعاون مع الناتو. وبالنظر إلى استراتيجية احتواء الصين التي تُعتبر أولوية هامة للولايات المتحدة يمكن لأوروبا أن تتحول إلى لاعب رئيسي في التفاعلات العالمية من خلال تغيير استراتيجياتها التقليدية. بالطبع يتطلب ذلك توافقًا بين الدول الأوروبية وقد يستفيد ترامب مثل الصينيين من أوروبا غير المتحدّة أكثر مما يستفيد من وجود اتحاد أو كتلة.
لذا قد تسعى إدارة ترامب إلى زيادة الانقسام بين دول الناتو وبدلاً من التعاون في إطار تحالف متعدد الجنسيات قد تفضل التعاون الثنائي مع الدول الأوروبية وهي خطوة قد تم تنفيذها سابقًا مع بولندا وكانت مرضية لكلا البلدين.
لذلك تواجه قيادة الناتو مهمة صعبة تتمثل في الحفاظ على فعالية هذا الاتحاد ويجب عليه أن يتوصل إلى فهم مشترك مع الولايات المتحدة، وأن يقنع الأعضاء بالتعاون بفاعلية. ومع سرعة التغيرات في النظام الدولي يبقى السؤال التالي؛ هل سيواصل الناتو نشاطاته بنفس الطريقة السابقة أم سيشهد تحولات هيكلية وجذرية في السنوات القادمة أو ربما حتى يزول الناتو تمامًا؟
1- euronews