محاولات أمريكية متكررة لإشعال نار الحرب بين الكورييتن
منذ نهاية الحرب الكورية عام 1950 كان هناك توتر مستمر بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية. ورغم جهود المجتمع الدولي لتخفيف الضغوطات بين البلدين، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بمحاولات عديدة لإشعال الحرب من جديد في شبه الجزيرة الكورية.
في العام 2017، وبعد تصاعد التوتر بين الكوريتين حيث أجرت كوريا الشمالية عدة تجارب صاروخية ونووية، قام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بإلقاء تهديدات على كوريا الشمالية وزعم أن الحرب ستكون "مرعبة بشكل لا يصدق" إذا لم تكفّ الحكومة الكورية الشمالية عن برامجها النووية. وفي عام 2020، قامت الولايات المتحدة بإرسال طائرات للقوات الخاصة البحرية إلى شبه الجزيرة الكورية، وزعمت أنها متأهبة لمجابهة أي تهديد من كوريا الشمالية. وفي الوقت نفسه، قامت كوريا الشمالية بإطلاق عدة صواريخ باليستية في اتجاه البحر الياباني.
وحالياً يقوم رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول وزوجته كيم كيون في زيارة لواشنطن تستغرق ستة أيام في ذكرى السبعين لتحالف البلدين، حيث أعاد الرئيسان تأكيد تحالفهما، واتفقا على استئناف زيارات الغواصات المسلحة بالأسلحة النووية إلى الموانئ والتهديد بـ "رد سريع وساحق وحاسم" على أي هجوم نووي من كوريا الشمالية، بما في ذلك الرد بالمثل من قبل الولايات المتحدة.[1]
وتشير المصادر إلى أن هذه المحاولات الأمريكية لإشعال الحرب في شبه الجزيرة الكورية لها خلفيات سياسية واقتصادية. فقد كانت الولايات المتحدة ترغب في إظهار قوتها العسكرية وتثبيت نفوذها في المنطقة. كما أنها تسعى لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دول آسيوية أخرى في المنطقة، وذلك عبر إبرام صفقات بيع الأسلحة والتعاون العسكري.
من جانبها، تحاول كوريا الشمالية تجنب الحرب والحفاظ على استقرارها الداخلي، خاصةً في ظل العقوبات الاقتصادية الشديدة التي تفرضها الولايات المتحدة ودول أخرى عليها. وبالرغم من محاولات الولايات المتحدة لإشعال الحرب في شبه الجزيرة الكورية، فإن العديد من دول العالم تحث على الحوار بين الكوريتين وبحث سبل تجنب الصراع. ويتطلب ذلك التزامًا جادًا من جميع الأطراف المعنية لإيجاد حل سلمي لهذا الصراع الذي يستمر منذ عقود.
سياسية الولايات المتحدة في شبه الجزيرة الكورية :
1- الدعم المادي والعسكري لكوريا الجنوبية: تدعم الولايات المتحدة الأمريكية كوريا الجنوبية بشكل كبير، سواء بالدعم العسكري أو الاقتصادي. وتعد كوريا الجنوبية إحدى أقرب حلفائها في المنطقة وتروج للديمقراطية والحرية، مما يجعلها خصماً لكوريا الشمالية التي تتبنى نظاماً شيوعياً.
2- توسيع نطاق الانتشار العسكري: تشغل الولايات المتحدة قواعد عسكرية في كوريا الجنوبية، وتوسع نطاق انتشارها في المنطقة عبر توطيد العلاقات العسكرية مع دول المنطقة الأخرى، مما يعزز قدرتها على التحرك بسرعة إذا احتاج الأمر إلى ذلك.
3- الضغط الاقتصادي والدبلوماسي: تفرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على كوريا الشمالية، وتحاول إقناع حلفائها الدوليين لفرض عقوبات أيضاً. وتستخدم الولايات المتحدة الدبلوماسية لإقناع دول المنطقة الأخرى بتحديد موقفها من كوريا الشمالية ودعوتها لعدم الانزلاق إلى الصراع.
4- التصعيد اللفظي: قام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بتهديد كوريا الشمالية بالقوة العسكرية، ووصف رئيسها بأنه "ماكر وبلا رحمة" [2] ، كما هدد بتدميرها في بعض الأحيان. وهذا التصعيد اللفظي يزيد من حدة التوتر بين البلدين ويجعل الأمور تتجه نحو الانفجار. وقال بايدن قبل يومين أيضاً: "الهجوم النووي لكوريا الشمالية ضد الولايات المتحدة أو شركائها غير مقبول، وسيؤدي إلى نهاية أي نظام يتخذ هذا الإجراء".
إن هذه السياسات والإجراءات التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية تهدف إلى إشعال النار في شبه الجزيرة الكورية، وخلق اضطرابات وفتنة داخلية في كوريا الشمالية، مما يؤدي إلى تقويض استقرار المنطقة وتحقيق مصالح الولايات المتحدة في المنطقة. ورغم ذلك يزال هناك دور خفي لواشنطن في الصراع الدائر بين الكوريتين، فقد تمتلك الولايات المتحدة إمكانيات استخباراتية وتجسسية متقدمة تسمح لها بمعرفة العديد من الأسرار والتحركات السرية لكوريا الشمالية، وتستخدم هذه المعلومات لصالحها في سياساتها تجاه المنطقة.
في المقابل يظهر الموقف الروسي دفاعاً عن حليفه الإستراتيجي بمواقف رسمية معلنة على لسان رئيس قسم المنظمات الدولية بوزارة الخارجية الروسية، بيتر إيليتشيف، يوم الثلاثاء، أن تزايد وتيرة إطلاق الصواريخ الكورية الشمالية هو رد فعل على الأفعال الأمريكية، لكن واشنطن وحلفاءها ليسوا مستعدين لأية خطوات ملموسة لتهدئة الموقف.[3]
يبدو أن الإدارة الأمريكية الحالية تركز على التعامل مع كوريا الشمالية بطريقة أكثر حزماً وصرامة، وذلك من خلال فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية عليها وتوسيع التحالفات العسكرية في المنطقة. وقد شهدت العلاقات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة تصعيداً مؤخراً، حيث أن كوريا الشمالية قامت بإطلاق صواريخ باليستية وأجرت تجارب نووية رغم العقوبات الدولية المفروضة عليها.
وعلى غرار تدخل أمريكا في الحرب الناشبة منذ أكثر من عام بين روسيا وأوكرانيا، ووقوفها بجانب الأخيرة، ولغياب ملف كوريا الشمالية تدريجيًا عن دائرة الاهتمام العالمي بسبب الحرب المشتعلة في أوكرانيا، يبرز السؤال التالي؛ هل يمكن أن تشهد منطقة الكوريتين هي الأخرى مزيدًا من التصعيد بسبب تدخلات أمريكا غير المبررة في هذا النزاع، والتسبب في نشوب حرب مدمرة أخرى في شبه الجزيرة الكورية؟
حسام السلامه
[1] https://2h.ae/kBiX
[2] https://ar.hibapress.com/details-437641.html
[3] https://2h.ae/yguG